سوريا, اعادة رسم خارطة المنطقة
ميلاد عمر المزوغي
ما يقرب من الخمس سنوات وسوريا تشهد احداث دامية اتت على الاخضر واليابس بفعل الغرب واذنابه من العرب اصحاب الثروات الطائلة, الذين يملكون القصور والدارات والجواري الحسان في مختلف انحاء سوريا, إضافة الى العملاء المحليين الذين يطلقون على انفسهم زورا وبهتانا بالمعارضة لأجل الوصول الى السلطة, ومن ثم تنفيذ مخططات الاعداء في تقسيم الامة الى دويلات يسهل التحكم فيها واثارة الفتنة بينها ومن ثم الظفر بخيراتها.
لقد اصبحت سوريا ساحة لصراع الاخرين,فالمقاتلون من كافة اجناد الارض اعدادهم اخذة في الازدياد, سيكون هناك تغير ديمغرافي نتيجة النزوح الهائل لمن ضاقت بهم السبل الذين سيحطون الرحال في الشتات, تعج بهم المخيمات ويصبحون غرباء "اقلية” ولن تقوم لهم قائمة فيفقدون هويتهم ويصبحون خدما للأخرين.
استفاقة الدب الروسي جاءت جد متأخرة او هكذا اريد لها ضمن مخطط لتحقيق مصالح الاخرين,لقد كان بإمكان الروس ومن معهم ان يمنعوا ما حدث من البداية وينتهي الامر خاصة وان سوريا تعتبر الموقع الوحيد المتبقي لروسيا بالمياه الدافئة "الشرق الاوسط” بعد احتلال العراق وليبيا اللتان اصبحتا مرتعا للتنظيمات التكفيرية وما تمثله من تهديد مباشر لشعوب المنطقة, الروس يستشعرون الخطر المحدق بهم خاصة وان رعايا رابطة الدول المستقلة وجمهوريات القوقاز يشكلون عصب التنظيمات الجهادية في بلاد الشام والعراق وتجربة افغانستان لا تزال ماثلة امامهم ولا شك انهم قد اخذوا كافة التدابير اللازمة لحؤول دون وصول هؤلاء "الذين لا يختلفون عن النازية "الى الكرملين.
عربان الخليج عبر اعلامهم الرخيص بكافة اشكاله يتحدثون عن ان سوريا باستقدامها الروس والايرانيين اصبحت دولة محتلة من قبلهما, وكأنما بلدانهم تتمتع باستقلالية تامة في اتخاذ القرارات والدفاع عن انفسهم ,فهؤلاء رغم وجود قواعد عسكرية اجنبية على اراضيهم, نراهم يسارعون في طلب النجدة عند حدوث اي طارئ, فيعقدون صفقات الاسلحة المختلفة بالمليارات لتضاف الى تلك التي علاها الصدأ بفعل التخزين وعدم الاستخدام, لانهم لم يخلقوا لاستعمالها "الايادي المرتعشة لن تمسك السلاح” بل لتخويف الاخرين بها.
التدخل السافر في شؤون الاخرين بحجة اقامة الديمقراطية جعلت من حكام الدول المشهود لها بالديكتاتورية الموروثة "هذه الدول بالكاد يوجد بها مجلس شورى معين من الحاكم” يرددون خلف اسيادهم واصحاب نعمتهم الذين نصبوهم على شعوبهم, مبدأ القبول بالرئيس الاسد(حيث انهم لم يفلحوا في اسقاطه) في المرحلة الانتقالية, مسفهين ارادة الشعب السوري التي اتت بها صناديق الانتخابات السابقة رغم الظروف الامنية التي تمر بها البلد.
يبقى القول الذي يجب ان يعيه كل عربي ,بان ما يجري بالمنطقة هو اعادة رسم خارطة المنطقة, وان الاعراب هم الخاسر الاكبر, ان لم نقل الاوحد,فالايرانيون استطاعوا ان يجدوا لهم مكانا في هذا العالم بدخولهم منتدى الدول النووية رغم الحصار الشامل الذي فرض عليهم على مدى عقود واصبحوا كيانا فاعلا اقليميا, وكذا الحال بالنسبة للأتراك الذين اصبحوا يتدخلون في شؤون الدول العربية لإعادتها الى الحظيرة العثمانية, حيث تم بمساعدة الغرب القضاء على العروبيين بطرق مختلفة(حروب مع الجيران او التصفية) الذين حاولوا جهدهم اقامة كيان عربي موحد ليكون للامة مكانة بين الامم.