عجز سعودي على الحدود
يحيى الشامي
جيزان | لم يعد الحديث الخاص بالجبهات الحدودية يقتصر على عدد المواقع العسكرية والتباب الجبلية التي يسيطر عليها المقاتل اليمني في العمق السعودي صورة يومية، بل تعدى ذلك إلى وجهة المعركة التالية التي يحددها الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” في تأكيد على تحكم واضح بسير المعارك وإحكام في القبض على زمام المبادرة.
فمع فشل الجيش السعودي في استعادة السيطرة ولو على موقع عسكري واحد منذ بداية العمليات، يواصل اليمنيون تقدمهم في محاور عدة باتجاه محافظات جيزان ونجران وعسير.
وتأخذ المعارك الدائرة في جيزان (الجبهة الغربية التهامية) النصيب الأكبر من حجم المعارك الدائرة في الجبهات الحدودية بحكم الطبيعة الجبيلة الوعرة وكثافة المواقع العسكرية السعودية فيها، حيث ضاعف الجيش السعودي من عديده وعتاده واستحدث عشرات المواقع وأنشأ المعسكرات ومراكز الحراسة الحدودية عقب هزيمته في الحرب السادسة عام 2009.
وخلال الأيام الأخيرة تمكّن الجيش و”اللجان” من تكبيد الجيش السعودي خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وقع أبرزها في موقع الخوجرة والمصفق العسكريين السعوديين، وقد احترقت ثماني دبابات أميركية الصنع إثر قصف القوّة الصاروخية اليمنية للموقعين. وقُتل ما لا يقل عن ثمانية عشر جنديا سعوديا من حرس الحدود بقصف صاروخي استهدف تجمعات رتل من الآليات العسكرية بالقرب من موقع الشبكة المقابل لمدينة الخوبة، وفقاً لما أعلن مصدر عسكري يمني عن استهداف قيادة حرس الحدود السعودي في ظهران عسير، ومعسكر تدريب قوة نجران ومركز حرس الحدود ومجمع قوّة نجران. وفي العادة، يمهّد المقاتل اليمني لعمليات اقتحامات المواقع العسكرية السعودية بالقصف الصاروخي والمدفعي، يأتي ذلك بالتزامن مع فشل عشرات المحاولات السعودية لإعادة تموضع جنودها في مواقع (الممعود ومشعل وقوّى) التي يسيطر عليها اليمنيون.
وكان الجيش السعودي قد فجّر برج الممعود قبل انسحابه من الموقع، وهو إجراء يتخذه في المواقع التي يشعر بفقدان سيطرته عليها. ويعلل مصدر عسكري يمني هذه الخطوة بخشية النظام السعودي من انتشار مقاطع الفيديو التي يبثها "الإعلام الحربي” وتظهر أبراج الحرس الحدودي أثناء تفجيرها من قبل الجيش و”اللجان الشعبية”.
وبعد أكثر من مئة يوم من بدء الجانب اليمني الرد على العدوان تكون معظم المواقع العسكرية التي استحدثها النظام السعودي بعد عام 2011 في الجهة الغربية قد حُرّرت، وهي مواقع تجاوزت حتى الشريط الحدودي باتجاه الجانب اليمني. وتدور المعارك اليوم على بعد حوالي 18 كلم في عمق منطقة جيزان، وفق الترسيم الحدودي بين البلدين كما هو الحال في مدينة المدافن التي تحررت في بداية الرد. ويحرص الجيش اليمني على تأمين كل المواقع العسكرية بعد تحريرها وتحويلها إلى نقاط انطلاقة لعمليات عسكرية جديدة تبقى تفاصيلها بعيدة عن وسائل الاعلام باعتبارها أسراراً عسكرية.
ويفيد مصدر عسكري يمني بتمكن الجيش و”اللجان” من إحداث اختراقات كبيرة في صفوف الجيش السعودي وهو نجاح استخباري يعزز من إنجازات المقاتل على الأرض بموازاة فشل الطائرات السعودية في التأثير على سير المعارك. ومثلت ضربات المدفعية والقوة الصاروخية اليمنية على تجمعات الجنود ومقارهم وعلى مخازن أسلحة سعودية دليلاً قوياً على الثغر الحاصلة في الصفوف الداخلية للجيش السعودي، وهو تطوّر لا يقل أهمية عن النجاحات الكبيرة التي يُنجزها الجيش اليمني و”اللجان الشعبية” في معارك الداخل.