kayhan.ir

رمز الخبر: 19688
تأريخ النشر : 2015May22 - 21:04

الحريري في واشنطن: ساعدوني مع الأمراء الجدد!!

جان عزيز

"ساعدوني مع الأمراء الجدد” هذه هي خلاصة الزيارة الأخيرة لرئيس تيار المستقبل اللبناني سعد الحريري إلى واشنطن.

لا تبدو العلاقة سوية بين الحريري، وبين "المحمدين”، بن نايف وبن سلمان. القيادة الجديدة في الرياض، بعد انقلاب القصر الذي أطاح بمقرن، ليست متحمسة لإعادة سعد رئيساً للحكومة في بيروت في الوقت الحالي.
يبتسم المصدر الأميركي طويلاً، حين تسأله عن أجواء زيارة سعد الحريري الأخيرة إلى واشنطن، كمدخل لسؤالك عن تطورات الوضع اللبناني. ينهي ابتسامته الطويلة ببرهة تفكير، تكتشف سريعاً الغرض منها. يقوم إلى الكومبيوتر الشخصي، يفتحه وهو يردد: غريب سلوككم أنتم اللبنانيين. أي قدرة لكم على خلق ازدواجية كاملة بين الحقيقة والصورة، بين الواقع والوهم. وفيما يبحث في ملفات حاسوبه، يتابع الكلام الاستهجاني: حين قرأت التحليلات والتسريبات حول زيارة الحريري الشاب إلى واشنطن، حسبت وكأنني أقرأ عن كوكب آخر، أو عن كوكبنا في عصر آخر.

يتوقف لحظة، قبل أن يطبع ورقتين عن حاسوبه، يحملهما ويعود شارحاً: سأسمح لنفسي بقراءة هذه الأوراق. إنها ملخص لمجمل زيارة الحريري. ليست محضر اجتماعات كاملاً، لكنها الخلاصات الرئيسية التي انتهى إليها مضيفوه هنا في الإدارة. في الإعلام خرج كلام عن أن لقاءاته الأميركية تناولت الموضوع اللبناني وسوريا والإرهاب ورئاسة الجمهورية وغيرها من الملفات العامة... هل تعرف في المقابل ما هي الخلاصة الجوهرية التي رسخت في أذهان الذين استقبلوه في واشنطن؟ أنه جاء ليسأل الأميركيين عن السعوديين. نعم، هذا ما كتب في التقارير الرسمية. ما استنتجه المسؤولون الأميركيون أن الحريري يزورهم ليحاول أن يستعلم منهم، ما هو رأي القيادة السعودية الجديدة في شخصه. وهو ما جعل مسؤولينا يدركون أن علاقته بالثنائي الجديد الحاكم في الرياض، محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، ليست من المتانة بحيث يفهم حقيقة ما في ذهنهما، ولا حقيقة رأيهما فيه أو مشاريعهما المستقبلية له أو ما يفكرانه تجاهه. فهم الأميركيون أنه يريد مساعدتهم لتسويقه لدى المحمدين، أو كما يشير إليهما التقرير: MBN وMBS نسبة إلى الحروف الثلاثة الأولى من اسميهما.

هل يعقل أن يكون هذا هو واقع الحال الحريري، وهو من استقبله الملك سلمان قبل شهر بالتمام، وفي حضور محمد بن نايف؟ يجيب المصدر الأميركي: لا تنس أن استقباله هذا كان قبل الانقلاب على مقرن. وكان في حضور الأخير كولي للعهد. تبدّلت الأمور في الرياض كثيراً خلال الشهر المنصرم. سعد لا يعرف محمد بن سلمان، ولا كيمياء بينه وبين محمد بن نايف. ثم ــــ يعود المصدر لقراءة التقرير بين يديه ـــ فهمنا أنه يحتاج إلى الدعم السعودي المباشر والعاجل. وهو ما لم يحصل بعد. أراد من واشنطن أن يفهم ما إذا كانت القيادة السعودية الجديدة تدرج لبنان كبند واضح على أجندة مواجهتها لإيران، وأن يستكشف في هذه الحالة ما هو موقفنا في واشنطن حيال هذا الموضوع.

يترك المصدر أوراقه ليستطرد: يبدو أن الرجل يواجه صعوبات مالية واضحة. لقد تورط في عملية تصفية الأعمال العالقة بينه وبين أشقائه، في توقيت صودف أنه كان سيئاً جداً له. اشترى حصص أخوته، دفع لهم مقابل تنازلهم عن أسهمهم في "أوجيه”، وفجأة جاء محمد بن سلمان ليبعد "أوجيه” عن عدد من المشاريع، لصالح شركات أخرى. هذا ما فهمه محاوروه في واشنطن.

أكثر من ذلك، يتابع المصدر الدقيق نفسه: هناك انطباع لدى الأميركيين، تم التأكد منه من قبل السعوديين، ولمسنا أن الحريري نفسه في أجوائه، مفاده أن القيادة الجديدة في الرياض ليست متحمسة لإعادة سعد رئيساً للحكومة في بيروت. الأسباب كثيرة، لكن أكثرها بساطة هو أن عودة سعد ترتب على الرياض مليار دولار على الأقل من الاستثمار السياسي المباشر وغير المباشر. فيما استمرار تمام سلام في الحكومة الحالية، لا يكلف أكثر من صفر فاصلة واحد في المئة من هذا الرقم. لذلك، كان الرجل صادقاً في انفتاحه على ميشال عون، يقول المصدر الأميركي. لأكثر من سبب وسبب نحن نعتقد أن سعد الحريري اقتنع بالتحالف مع عون، واقتنع بضرورة أن يكون الأخير رئيساً للجمهورية. لكنه لم يتمكن من تحقيق قناعته هذه. لذلك سافر ولما يعد بعد. هناك على ما يبدو من حاول إقناعه بأن أفضل ما يفعله في هذا الوقت الضائع، هو السفر، ولقاء شخصيات عالمية، ليعيد صورة والده. لكن الحريري الأب كان رجل مشروع يحققه برحلاته. الآن صارت الرحلات هي المشروع. لذلك يُظلم الحريري الشاب ممن لا يعرفون الوقائع. ويظلمه عون حين لا يدرك هذه الدوامة التي علق فيها، بين قناعته وعجزه.

كانت ثمة نقطة أخرى طرحت في واشنطن: ماذا عن مستقبل الوضع في سوريا كما يراه الأميركيون؟ يقول المصدر: "على عكس كل ما أشيع وسرب ونسج، لم يسمع زوار واشنطن أي تغيير في مقاربة العاصمة الأميركية لما يجري في جواركم. الأميركيون يعتقدون أن معركة بشار الأسد خاسرة في النهاية، لكن لا بديل صالحاً الآن. وبالتالي لا لزوم لأي جهد من قبلهم لتسريع الأمور أو إبطائها. هناك ما يشبه «النأي بالنفس» على الطريقة الأميركية. وكل كلام سوى ذلك، غير دقيق... وغير صحيح.”