kayhan.ir

رمز الخبر: 19271
تأريخ النشر : 2015May13 - 20:03

اليمن... هل يحولها العدوان السعودي إلى فلسطين جديدة ؟

عقيل الشيخ حسين

العدوان السعودي على اليمن لم يحقق أياً من أهدافه المعلنة. لكن هنالك أهدافًا غير معلنة يسعى العدوان إلى تحقيقها، منها ما يشكل تحقيقه موضوعاً لطموح آل سعود، ومنها ما يتوخى الغربيون والإسرائيليون تحقيقها من خلال التلاعب بآل سعود وبشركائهم في ما يسمى بـ "التحالف العربي”.

الذعر السعودي

في ما يتعلق بما يطمح إليه آل سعود، كتبت صحيفة "إندبندنت” البريطانية مؤخراً أن الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان يعتبران الحرب على اليمن "وسيلة لتعزيز سلطتهما، وللتخلص من المنافسين داخل الأسرة الملكية”. ما يعنى أن الصراع على الحكم هو تعبير عن أزمة تثير قلقاً هو من العمق على درجة تدفع الأطراف المتنازعة إلى الدخول في مغامرة بدأت تنكشف عن تداعيات قد تكون أشد خطورة على الحكم السعودي برمته.

وفي سياق مختلف، وبعد تصريحات أوباما عن الخطر الذي يتهدد السعودية من الداخل، اعتبرت هيلاري مان ليفريت، المديرة السابقة لشؤون إيران وأفغانستان والخليج في مجلس الأمن القومي الأميركي، أن السعوديين يسعون إلى منع اليمن من الاستقلال على مستوى السياسة الخارجية في ظل شعورهم بالتشتت والذعر إزاء التطورات التي تشهدها المنطقة.

أرباح مالية خيالية

الملك سلمان وابنه محمد ينظران إلى الحرب على اليمن كوسيلة للتخلص من المنافسين داخل الأسرة الملكية

وبعيداً من الأهداف المتمثلة بفرض الهيمنة على المنطقة، والتي ترسم في مراكز القرار في واشنطن وتل أبيب وبعض العواصم الغربية، فإنّ من المؤكد أن من المناسب لأرباب الصناعات العسكرية في الولايات المتحدة والبلدان الحليفة أن تدفع بلدان الخليج الثرية نحو الدخول في حروب تجبرها على التسلح، وبالتالي على تعويم صناديق تلك الصناعات.

فالواقع أن المليار دولار التي تدفعها السعودية كتكلفة يومية للحرب على اليمن، وما يضاف إليها من مبالغ تدفعها بلدان التحالف الأخرى، ومن مبالغ يشارك الجميع في دفعها من أجل تسليح الجماعات التكفيرية والإرهابية؛ تذهب بمعظمها إلى صناديق تلك الصناعات التي تتمتع بما يكفي من نفوذ لترتيب حروب، كالحرب على اليمن وغيرها، لمجرد بيع الأسلحة.

وفي الإطار نفسه، تندرج صفقة الطائرات التي باعتها فرنسا لقطر بمبلغ 8 مليارات دولار، والمباحثات الجارية بين البلدين لتنفيذ مشاريع بقيمة 13 مليار دولار، إضافة إلى ما يتردد عن حصول فرنسا على مبلغ مماثل مقابل وعود بالتدخل العسكري في اليمن. وكل هذه الأرباح المالية تشكل جزءًا من الأهداف غير المعلنة التي حققتها فرنسا بفضل الحرب على اليمن.

ولا يقف الاستثمار المالي الغربي في الحرب على اليمن عند هذه الحدود. إذ يبدو، بعد ألاف الأطنان من المتفجرات التي ألقيت على الشعب اليمني، أن مخزون السعودية وحلفائها من القنابل قد نفذ وأن استمرار العدوان أو عدم استمراره يتطلب تجديد هذا المخزون، وضخ المزيد من المليارات إلى مصنعي الأسلحة. كما يبدو، إضافة إلى الأخبار التي ذكرت أن الكيان الصهيوني يشارك في العدوان ويقوم بتجريب ذخائر جديدة، أن الطائرات السعودية التي تحط بشكل ملفت ومكثف في المطارات الإسرائيلية تحت حجج "الصيانة”، إنما تقلع بعد شحنها بالأسلحة اللازمة لاستمرار العدوان.

اليمن والمشروع الصهيوني

والأكيد أن هذا "التعاون” السعودي-الإسرائيلي يخدم أهدافًا أخرى على صلة بمشاريع التوسع الإسرائيلية نحو اليمن بالذات. فهنالك سيل من النظريات التي يفبركها أشخاص بينهم العديد من العرب الذين يتم تقديمهم على أنهم "مؤرخون”. وهذه النظريات تعج بالمزاعم التي تقدم الحجاز واليمن على أنها مهد الوجود التاريخي لليهود وللديانة اليهودية. وعلى هذا، تتحول اليمن وسائر الجزيرة العربية إلى "أرض ميعاد” أخرى يعتبر الإسرائيليون أن لهم فيها حقوقًا تاريخية.

وقد لوحظ مؤخرًا أن بعض وسائل الإعلام قد ضربت على هذا الوتر بالذات عندما لم تجد -في معرض حديثها عما تعتبره السعودية وحلفاؤها "عدوانًا يمنيًا غاشمًا على نجران”- ما تصف به هذه المدينة اليمنية التي يسيطر عليها السعوديون منذ عقود، غير التذكير بأنها عاصمة ذي نواس الحميري الذي تقول المزاعم بأنه أقام، قبل ظهور الإسلام، مملكة يهودية في اليمن.