kayhan.ir

رمز الخبر: 18733
تأريخ النشر : 2015May04 - 21:54

رسائل إيجابية بين عين التينة والرابية

عماد مرمل

تهتز العلاقة بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، في كل مرة، لكنها لا تقع.

في الأصل، لا يملك الرجلان ترف التفريط بصلة القربى الإستراتيجية التي تجمعهما على مستوى الخيارات الكبرى المعروفة، وفي طليعتها خيار المقاومة.

مهما اشتد التباين، يدرك القطبان في نهاية المطاف أن لكل منهما دوراً لا يمكن الاستغناء عنه، وموقعاً لا يمكن القفز فوقه.

لا عون يستطيع أن يهمل "أرانب” بري و "مطرقته”، ولا رئيس المجلس يستطيع أن يتجاهل ما يمثله الجنرال من قيمة مسيحية مضافة للثوابت الإستراتيجية.

على مستوى التكتيك تصبح "اللامركزية” هي السائدة، وتتسع الهوامش الى حد الصدام فالانقطاع أحياناً. أما القطيعة فلا تبدو واردة في حسابات عين التينة والرابية.

إنه أشبه بـ "زواج العقل”، الذي قد يكون بارداً، لكنه قادر على الاستمرار. وهناك من يميل الى القول إن ما يربط بين الزعيمين هو من صناعة "القدر السياسي” الذي يفرض قواعده وقوانينه من دون استئذان او تشاور. وفي أسوأ الحالات، ربما تبدو هذه العلاقة المركبة بمثابة "شر لا بد منه”. أياً كان التعريف أو التصنيف، فإن الأكيد أن "التعايش” بين الرابية وعين التينة هو من النوع الإلزامي، من دون تجاهل حاجته الى الصيانة المتكررة.

اختلف الزعيمان حول النفط والكهرباء وقانون الانتخاب وصولاً الى تشريع الضرورة، لكن ذلك كله لم يمنع بري من التأكيد في خضم الاشتباك حول التشريع أنه ليس مستعداً للمضي في عقد جلسة نيابية، برغم حماسته الشخصية لها، إذا لم يتوافر فيها حضور مسيحي وازن يحقق الميثاقية، ولو أن النصاب القانوني للجلسة مضمون، ومطعَّم بمشاركة مسيحية.

وإذا كان عون يخوض بكل ثقله معركة تعيين قائد للجيش ومدير عام لقوى الأمن الداخلي ويرفض رفضاً تاماً التمديد للعماد جان قهوحي واللواء إبراهيم بصبوص، فإن بري كان حريصاً على التوضيح بأنه ليس في مواجهة مع عون حول هذه المسألة، خلافاً لما يحاول البعض الإيحاء به.

وتفيد المعلومات أن بري أبلغ عون أنه مع مبدأ التعيين حتى ينقطع النفس، وليس هذا فقط، بل إنه يدعم أيضاً اختيار العميد شامل روكز تحديداً لقيادة الجيش، أما إذا تعذر التعيين في مجلس الوزراء لهذا السبب أو ذاك، فهو يتفهم عندها موجبات التمديد، لأنه يكون أقل ضرراً من الفراغ الذي لا يحتمله أحد وسط التحديات الأمنية التي تواجه لبنان في هذه المرحلة.

وعندما استقبل عون مؤخراً النائب السابق غطاس خوري، موفداً من الرئيس سعد الحريري، قال له خوري: الرئيس بري مش ماشي بالتعيينات الأمنية.. فما كان من عون إلا أن أجابه بحدة: أعتقد أنك مكلف بنقل رسالة إلي من الرئيس الحريري، أما العلاقة مع بري فهي من شأني، وأنا المعني بها.. ومهما يكن، فليُطرح الامر على مجلس الوزراء وعندها يتكشف الغث من السمين.

واستكمالاً لترسيم الحدود بين ما هو ظرفي وما هو ثابت في علاقة عين التينة - الرابية، أكد بري أمام عدد من النواب أنه متفق مع عون في الإستراتيجية، قلباً وقالباً، وأنه لا يتحمل المسؤولية عن التأخير في البت ببعض القوانين، كونها لا تزال موجودة في اللجان المشتركة.

وأوضح من تسنى له لقاء عون خلال الساعات الماضية أن الجنرال تلقى رسالة بري بإيجابية، ونقلت أوساطه عنه تأكيده ثبات الاحترام المتبادل بينهما، وعدم قدرة المصطادين في الماء العكر على تحقيق غايتهم.

وفي إطار وضع الأمور في نصابها، واحتواء تداعيات التباين الأخير حول جدول الأعمال التشريعي، وجه عضوا "تكتل التغيير والإصلاح” النائبان عباس هاشم ونبيل نقولا كتاباً إلى بري، لحث الكتل النيابية المعنية على إنجاز القوانين التي تباطأت في درسها، تمهيداً لإحالة ما ينجز منها الى أقرب جلسة تشريعية، وبالتالي من المتوقع أن يطلب رئيس المجلس الى رؤساء الكتل تفعيل عملها للانتهاء من درس المشاريع المتأخرة.

وهناك من يقول إن بري وعون يتجهان أكثر فأكثر نحو تعزيز التواصل الشخصي بينهما، لا سيما أن التجربة أثبتت أن بالإمكان البناء على الحد الأدنى من الكيمياء الذي يجمعهما، للتوصل الى تفاهمات حيث توجد فرصة، ولتنظيم الخلاف حيث تتعذر تسويته.