kayhan.ir

رمز الخبر: 18333
تأريخ النشر : 2015April26 - 21:13

وزير الدفاع العراقي السابق يكشف اسرار خطيرة عن نشوء "داعش" في العراق

قال وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي إن ساحات الاعتصام في الأنبار كانت السبب الرئيس لنشوء عصابات داعش الارهابية في البلاد، واوضح في مقابلة صحفية أن هذه الساحات كانت تصرف لها ما يقارب ۳۰ مليون دولار يوميا من دول إقليمية ، مشيرا إلى أن الموصل سقطت من الداخل، لأن هناك حواضن ودعائم سياسية استقطبت قيادات عصابات داعش الارهابية.

نسخة جاهزة للطباعة

وأضاف الدلیمی أن "حکایة داعش والدعم السیاسی لها بدأت معالمها على الأرض منذ أحداث النخیب عندما قتل 22 مواطناً مسافراً من کربلاء إلى سوریا، فأتذکر بعد الحادثة بیوم واحد سافرت إلى الأنبار والتقیت بالشیخ أحمد ابو ریشة، وطلبت منه أن یشکل وفداً لزیارة مجالس العزاء فی کربلاء وإبلاغ أهالی الشهداء أن من فعل هذه الجریمة هو مطلوب من العشائر الأنباریة". وتابع أن "أبو ریشة وافق حینها على الطلب، وعندما أکملنا وجبة الغداء إتصل به وزیر المالیة السابق رافع العیساوی وطلب منه عدم الذهاب إلى عوائل شهداء النخیب، لأن فی ذلک کما هو یرى (ذل وخنوع) لعشائر الأنبار"، مبیناً أنه "بعد إنتهاء المکالمة أبلغنی أبو ریشة بعدم الذهاب إلى کربلاء". وأضاف "تحدثت مع أبو ریشة بقوة وقلت له أن عدم ذهابک معی إلى کربلاء سیؤدی إلى الاحتقان الطائفی فی عموم البلاد وسیتضرر الجمیع، وبعد جلسة حدیث طویلة إقتنع أبو ریشة بالذهاب إلى کربلاء"، مردفاً أنه "بعد یوم یوم واحد من الزیارة ذهب عدد من السیاسیین المحسوبین على الأنبار للنخیب وأقاموا الصلاة ورددوا شعارات طائفیة، ومنذ ذلک الحین وأنا اعرف أن البوصلة تتجه نحو التأجیج الطائفی". وأوضح الدلیمی أن "بعض السیاسیین لم یکونوا متخوفین من قدوم داعش إلى المحافظات السنیة، لأنهم یعتقدون أنها عصا غلیظة یمکن أن یحققوا عبرها مکاسبهم الحزبیة والخاصة"، مشیراً إلى أن "ساحات الاعتصام کانت بذرة نشوء داعش بهذه القوة، وقد کان مقترحی أن یتم رفع هذه الساحات بعد أن ردد المتظاهرون شعارات طائفیة وقتلوا الجنود السبعة الذین ذبحوهم داخل ساحات الاعتصامات، ومن ثم قام المتظاهرون بطعنهم وکان الشعار آنذاک (طعنة تدخلک الجنة) وقد مُثل فی الجثث السبع تمثیلاً بشعاً". وتابع أن "الفکرة من ساحات الاعتصام کانت إسقاط بغداد عن طریق إقامة ساحات مشابهة فی منطقة العامریة وجامع أم القرى، وقد کانت فکرة إسقاط العاصمة عبر الاستعانة بـالخلایا النائمة والداعمة لداعش، حیث ظهر ذلک واضحاً عندما انتشر فیدیو لمتظاهری ساحات الاعتصام فی الأنبار یقول بشکل علنی (نحن تنظیم اسمنه القاعدة نهز الرأس ونجیب العدا)". وزاد الدلیمی "تحولت ساحات الاعتصام من ساحات مطالب إلى ساحات تدریب فی اللیل وتنشئة جیل جدید لداعش، وهم الآن ضحایا داعش یقاتلون معها من دون وعی، وأنا أول من دعا إلى تهدیم هذه الساحات التی أصبحت منبعاً للتطرف والتکفیر". ولفت إلى أن "70% من عشائر الانبار کانت مع ساحات الاعتصام، حتى أنه کانت تخرج کرادیس استعراضیة للعشائر المهمة فی المحافظة، مثل کردوس البو فهد وکردوس البو فراج وکردوس البو خلیفة وکردوس البو مرعی وغیرها من العشائر، حیث کانت الفکرة تشکیل قوة تشبه جبهة النصرة فی سوریا منطلقها من الأنبار". وأضاف ان "سیاسیین ورجال دین وشیوخ عشائر ووجهاء ساعدوا على نخر البنیة الاجتماعیة بین عشائر الأنبار، فعلى سبیل المثال أن عشیرة البو فراج کان 30% من أبناءها مع الدولة و70% ضد الدولة، وکانت المجامیع التی ضد الدولة تهجم على المجامیع المناصرة للدولة لیلاً بدعوى انهم عملاء وخونة، ویطلقون على الهجوم بـ(الغزوة) ویحصلون على الغنائم ویخربون المنازل ویقتلون الشباب". وذکر الدلیمی أن "انسحاب الجیش من الأنبار أو حتى من الموصل کان متوقعاً، لأن البیئة فی تلک المحافظات کانت رافضة لهذه الجندی القادم لحمایتهم من المحافظات الجنوبیة لأسباب طائفیة، وکانوا یسبونهم علناً عبر مکبرات الصوت، على الرغم من أن هولاء کانوا یضحون بأنفسهم من أجلهم". وتابع "أذکر فی یوم من الأیام وصلتنی احصائیة تقول أن 42 جندیاً من الجنوب والفرات الأوسط استشهدوا فی الأنبار أثناء قیامهم بتفتیش المنازل المفخخة لتأمین عودة العوائل النازحة من مناطقها، وأثناء عملیة التفتیش تنفجر المنازل علیهم". ویرى الدلیمی أن "على الحکومة العراقیة أن تفکر الآن مرحلة ما بعد داعش، وأن تحریر المناطق ممکن، لکن تحریر العقول من داعش أمر یحتاج إلى مغذیات فکریة، لان داعش احتلت عقول جزء کبیر من أهالی الأنبار والموصل فکریاً قبل أن تحتل مناطقهم، وأن مستوى الکراهیة والغلّ والحقد وصل إلى درجة تفوق التصور والخیال". وزاد "أسمع فی بعض الأخبار أن هناک دواعش أجانب وعرب، فاذا کان هذا الأمر صحیح، أی أن المعرکة والمواجهات العسکریة هی مع أطراف خارجیة، فالامور قد تکون أسهل، لکن الواقع أن جزءاً کبیراً من داعش هم عراقیون، وإذا کان السؤال کیف نتخلص من داعش فلابد أن یکون الجواب هو التخلص من السیاسیین ورجال الدین وشیوخ العشائر الذین یتاجرون بدماء أبناء الأنبار والموصل ویضعونهم فی فوهة النار". وبین أن "داعش لیست جماعات عبثیة بل هی مؤسسة منظمة، وهناک من یفکر لها وهناک من یفتی وهناک من یمول وهناک من یدعمها إعلامیاً وهناک من یقاتل معها ویرفع السلاح من دون وعی أو نضوج أو تفکیر". وأوضح الدلیمی "أنا کوزیر للدفاع کنت مهتماً فی الأنبار أکثر من أی محافظة أخرى، لأن سقوط الانبار یعنی وصول عصابات داعش الارهابیة إلى مشارف بغداد، ما یعنی أن الخلایا النائمة ستتحرک، لذلک قضیت سبعة أشهر فی الأنبار من أجل إقناع الشیوخ والوجهاء ورجال الدین بأن هذه المجامیع لا تمثل المجتمع الأنباری، وأن مطالبکم ستفقد قیمتها وأنتم تسلمون الأنبار بید عصابات لا تفقه من الدین شیئاً". ویستدرک الدلیمی أن "تلک اللقاءات لم تکن محط استجابة أکثر من 20% وکان هناک غسل للعقول بشکل جماعی فی الأنبار، ووظیفتی ترکز فی تلک اللقاءات على تنمیة الشعور بالوطنیة وإقناع الناس بأن هؤلاء الدواعش سیقتلون الأنباریین أولاً ولیسوا ثوار عشائر کما یرددون فی خطبهم وساحات اعتصامهم". وکشف الدلیمی عن تعرضه لسبع محاولات اغتیال منذ شهر حزیران الماضی، مشیراً إلى أنه أصیب فی المرة الأخیرة عندما سقطت قنبرة هاون قرب مقر إقامته فی العملیات، وقد سقطت السقوف الثانویة للغرفة. وأوضح "أدى سقوط السقوف الثانویة إلى إصابتی فی عینی، وتوقف المجرى الدمعی، ولم أعلن عن محاولات الاغتیال، کی لا تتزعزع معنویات جنودنا الأبطال وهم یواجهون أبشع خلق الله". وعن أسباب سقوط الموصل، قال الدلیمی إن "حواضن کثیرة لداعش کانت فی الموصل، التی سقطت من الداخل، أی أن المجتمع تحول إلى مستقطب للفکر الداعشی ولم ینفر هذا الفکر، بمعنى أن سقوط الموصل تقف خلفه أسباب اجتماعیة وسیاسیة لا تقل تأثیراً عن الأسباب الأمنیة والعسکریة". وتابع أنه "فی العاشر من حزیران أو قبله، لم یتصل بی أی قائد میدانی، وکانت هناک قطیعة بینی وبین قائد عملیات نینوى الفریق مهدی الغراوی لأننی اعترضت أمام القائد العام للقوات المسلحة نوری المالکی على تکلیفه بهذا المنصب، على اعتبار أنه لم یکن منسجماً مع قیادات العملیات الأمنیة فی الموصل". وبین الدلیمی "هناک ثلاثة معاقل کبیرة لداعش فی العراق ینبغی معالجتها، هی الفلوجة والحویجة والموصل، وتکاد تکون هذه المعاقل مراکز تخریج الدواعش وتنمیتهم، وهناک جیل داعشی خطیر ینشأ الآن فی تلک المناطق عبر مدارس التکفیر ومعسکرات التدریب". وأضاف أن "الذی جرى فی الأنبار بالأساس نخر للبنیة الاجتماعیة، فقد التقیت بمعلمی فی الابتدائیة وقد کانت لدی معلومات تقول أن اثنین من أولاده التحقا بداعش، فقلت له أین أولادک؟ قال أولادی التحقا بداعش أریدهما أحیاء أو أموات لا یهم، لکن الأهم من أولادی أنهم أخذوا إبنتی الوحیدة لیزوجوها لأحد الدواعش العرب". ویذکر الدلیمی حادثة اخرى بالقول "نشا فی الأنبار والموصل وتکریت دین جدید اسمه داعش لا علاقة له بالاسلام، فلیس من المعقول أن الذابح یهتف الله وأکبر، والمذبوح یقول الله أکبر"، موضحاً أن "هناک مفارقة عجیبة وصادمة فی هذا الشأن، لابد أن یهتم المعنیون بها، التی شوهت صورة الدین الاسلامی". وبشأن الخطط العسکریة والأمنیة الموضوعة، قال الدلیمی "لم یضع لا وزیر الداخلیة ولا وزیر الدفاع ولا حتى القائد العام للقوات المسلحة الخطط لتسییر القطعات العسکریة، بل کانت غرفة عملیات مشترکة"، مضیفاً "للتأریخ أقول أن القائد العام للقوات المسلحة نوری المالکی منح القیادات المیدانیة فی وقتها حریة إتخاذ القرار الأمنی وفق ما یرونه یتناسب مع حجم التحدیات على الأرض". وبشأن مجزرة سبایکر، أوضح الدلیمی "قد أقول کلاماً یزعج الأهالی حقیقة، وهو أن شهداء سبایکر رحمهم الله خرجوا بالقوة من معسکرهم ولم ینفذوا الأوامر العسکریة على أمل أن تحمیهم العشائر فی تکریت کدخلاء، وقد خدعوهم وأرغبوهم فی ذلک عبر مکبرات الصوت، إلا أن الغدر کان هو العنوان الواضح لتلک العشائر التی لم تحترم التقالید العربیة فی حمایة المستضعفین والأسرى والدخلاء".