من نبض الحدث..أميركا في أزمة.. أوروبا في عمقها والأدوات الرخيصة متحول غير مهم!!
علي نصر الله
بلا نتائج تُذكر سوى القتل والتدمير، كان النظام السعودي يَعدّ الغارات والأيام والأسابيع لعدوانه على اليمن، وكان واضحاً أنه لن يتمكن من العدّ لشهور مع ما يترتب على ذلك من فواتير سياسية وعسكرية وشعبية ومالية ينبغي عليه تسديدها،
لأنه كان سيبدو كمن يمشي بعناد إلى حتفه الذي تقوده إليه إرادة خارجية أميركية - صهيونية، وأخرى ذاتية وهابية حاقدة مرتجفة من أخطار كامنة فيها؟.
من المرجح أن النظام السعودي محدود الخيارات سيذهب بشكل مباشر وغير مباشر إلى آخر الخط في عدوانه ليس على اليمن فقط، وإنما على سورية والعراق ولبنان وحيث كان هناك فكر تقدمي يعي الذات الوطنية، يسعى لتحررها وتحريرها من كل عقد الجاهلية الأولى فضلاً عن الشوائب العثمانية التي علقت بها، ذلك أن أصل الدور الوظيفي لمملكة آل سعود هو منع نمو هذا الفكر، والقضاء على أي حركة تنشأ منه وتستند إليه، والعمل على إيجاد البديل الذي يُسقط الأوطان، ويشوه الفكر، ويزور التاريخ، ويلوث التراث.
هل هناك من دافع يحرك النظام السعودي اليوم لملاقاة إسرائيل بهذه العلنية بعد عقود من التخفي سوى انتهائه إلى الفشل بتحقيق تلك النتائج والأهداف الخبيثة، وسوى وصوله إلى الإخفاق بتنفيذ المهام والأدوار القذرة التي أسندت له، مع ما يعني ذلك من خطر حقيقي على وجوده؟ وهل هناك من دافع يجعل الولايات المتحدة تغوص في ثنائية أيهما أجدى: الغرق أكثر بمستنقعات الإرهاب التكفيري، أم الاشتغال على الاستبدال التكتيكي للقائمين عليه، سوى أنها باتت تستشعر فعلياً أن لدى الأصيل في المنطقة القدرة على تغيير كل شيء رغم كل ما قامت به هي وأدواتها خلال العقود الماضية؟.
ستتغير الحالة، وسيتغير كل شيء شاءت الولايات المتحدة أم لم تشأ، وقبلت أم لم تقبل، وإذا كان لديها القدرة على التكيف مع أي تغييرات ستحصل في المنطقة والعالم، فإن هذا لا يلغي أنها ما زالت تعمل على منع حدوث تغييرات لا ترغب بها، وهذا وذاك لا يلغي أيضاً أنها تؤمن بوجوب العمل لئلا يتغير أي حال إلا كما تريد وترغب، ولذلك - ربما - تستدعي عباءات الخليج الفارسي مجتمعة إلى واشنطن، وتسعى لرأب الصدع مع نتنياهو، وتهرول نحو طهران مُسلّمة بقدراتها، ودائماً من دون أن تنسى أن استحقاقات كبيرة وتداعيات أكبر ستترتب عليها كنتيجة حتمية يفرضها صعود القطب الروسي وتقدم المارد الصيني.
أميركا أمام أزمة وأوروبا في عمقها، والأدوات العثمانية الوهابية الرخيصة متحول غير مهم في حسابات واشنطن، بات هذا من الثابت الذي يتحرك على هوامشه أصحاب الرؤوس الحامية في أميركا وإسرائيل والغرب بالشراكة مع أصحاب الرؤوس الفارغة في تركيا والخليج الفارسي للتخفيف ما أمكن من آثار السقوط المدوي للمشروع بأكمله. المحور بكل مكوناته في مأزق، وإذا كان المحور المقاوم في المقابل لا يبدو في أحسن أحواله، فإنه ليس في أزمة ولا يواجه مأزقاً، ليس ضعيفاً ولن يستسلم، عوامل قوته بيده وأدلتها بادية ظاهرة في كل الساحات، وأما الزبد والغبار فلا يخدع الواثقين كما لم يخدعهم من قبل.