kayhan.ir

رمز الخبر: 17808
تأريخ النشر : 2015April17 - 21:25

جمال بن عمر لقائد الجيش الأردني: لا تذهبوا بعيداً في اليمن فالحرب خاسرة

ضياء أبو طعام

750 شهيداً يمنياً، بينهم 160 طفلاً و 220 امرأة..والباقون بمعظمهم من العمال والمدنيين، وضعفا العدد من الجرحى. حصيلة الأسابيع الأولى للعدوان السعودي - الأميركي على اليمن، كانت كافية لتحويل الشعب اليمني، كل الشعب اليمني، إلى رأي عام ناقم على السعودية ودول الخليج.

بعد الأسبوع الأول من بدء العدوان، زار قائد الجيش الأردني المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر في مقر إقامته في عمان. الزيارة كانت بطبيعة الحال للاستماع من بن عمر إلى انطباعاته وتوقعاته حول مسار الحرب على اليمن ومدى قدرة "أنصار الله” على الصمود. ذُهل العسكري الأردني حينما سمع من الدبلوماسي الذي قضى في اليمن نحو عامٍ كامل: "لقد فاجأتنا السعودية بمغامرتها كما فاجأت الحوثيين، وطالما مرّ أسبوعان ولم تتوقف الغارات فإن الحرب ستكون طويلة ونتائجها كارثية، وأنصحكم في الأردن ألا تذهبوا بعيداً في مشاركتكم العسكرية، السعوديون مجانين، وسيحرقون الخليج"!

"تشكيل قوة عسكرية عربية موحدة ليس سوى سراب”، الجملة ليست سطراً في بيان سياسي للجنة الثورية العليا في اليمن، إنما هي عنوان دراسة أميركية نشرتها "وحدة رصد النخب الفكرية في مركز الدراسات الأميركية والعربية” التي اعتبرت أن "إعلان القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ عن تشكيل قوة عسكرية عربية موحدة من 40.000 عنصر، وإن شكلت إيذاناً بتسليم النظام العربي الرسمي لقيادة سعودية، إلا أن الأمر ينطوي على موقف ضعف وليس قوة في الحشد والتحشيد ضد الخطر الايراني المزعوم، وخاصة لبدء السعودية غاراتها الجوية على بلد عربي لم يعتدِ عليها دون انتظار التئام القمة. فدخول السعودية المباشر بعد تفكك حلفائها اليمنيين وانهيار قوتهم العسكرية كلمح البصر أمام ضربات الجيش اليمني وحركة أنصار الله، زاد من تعقيدات العوامل الاقليمية للصراع وأضفى صبغة طائفية على الصراع مما سيؤدي الى تعقيد الصراع وإطالة أمده”.

هذا الاستنتاج القاتم في وجه العدوان، زاد من وطأته تصريح السفير الأميركي السابق في الرياض روبرت جوردان الذي اعتبر "أن السعوديين يخاطرون بتنفير واستعداء الكثير من سكان اليمن بسبب الغارات الجوية التي لم تستهدف سوى المواقع الحيوية لليمن ومخازن الوقود ومستودعات الغذاء” - ويضيف صراحة - "لقد بدأ حجم المغامرة التي اتخذها الملك سلمان ونجله محمد يتضح من خلال ازدياد أعداد الضحايا المدنيين”.

شبكة "سي أن أن” الأميركية التي نقلت تصريحات جوردان عقَّبت على لسان محلليها أن "الغارات السعودية تساهم سريعاً في توجيه غضب اليمنيين المعارضين للحوثيين ضد المملكة السعودية بدلاً من حركة الحوثي، وأصبح الرئيس المستقبل عبد ربه منصور هادي جزءاً من الماضي”.

وفيما ذهبت مراكز الدراسات الأميركية تسخر من تعويل الرياض على مشاركة فعالة من باكستان وتحوّل عناصر المشاة الباكستانيين الـ8000 المتواجدين في السعودية إلى ما يشبه الرهائن بعد رفض البرلمان الباكستاني مشاركة بلاده في التحالف ضد اليمن، كشف معهد "ستراتفور” الاستخباراتي أن السعودية ومصر تستمران "لوحدهما” بحشد قواتهما البرية استعداداً لمعركة استعادة مدينة عدن التي أطبقت القوى اليمنية "الوطنية” سيطرتها عليها منذ الثامن من نيسان الجاري. وأضاف التقرير مستنداً إلى مصادر استخباراتية أميركية أن القوات المحتشدة على الحدود الشمالية لليمن قد تصدر إليها في أي لحظة أوامر لاختراق الأراضي اليمنية بغية السيطرة على صنعاء، لكن مغامرة من هذا النوع - والكلام لمعهد ستراتفور - ستثبت كلفتها الباهظة، وهي في النهاية لن تتمكن من استعادة السيطرة على عدن ومينائها المشرف على مضيق باب المندب الاستراتيجي.

وبعد، مركز الدراسات السياسية الأميركي اعتبر أن حجج الولايات المتحدة والسعودية باحتواء النفوذ الايراني هي كذب ورياء، وهي ترمي بعرض الحائط مصالح وحياة الشعوب في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والبحرين.

وفي هذا الاطار اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست” أن تركيز الحملة الاعلامية الاميركية والسعودية على إيران شكَّل "وسيلة فعالة لصرف الانتباه عن التوتر الخطير الجاري بين الأنظمة الخليجية - في إشارة إلى العلاقة التنازعية بين الرياض والدوحة على ترؤس القرار العربي - وأعربت الصحيفة عن شكوكها في ديمومة التحالف برئاسة السعودية الذي سرعان ما سيتلاشى بالتزامن مع وصول الحملة العسكرية إلى طريق مسدود، ولن يتوفر خيار حينئذ إلا بين الانسحاب الهزيمة، أو المضي بتصعيد خطير ولكنه عقيم في القضاء على الحوثيين، تماماً كما حصل مع فشل السعوديين خلال مواجهتها الحوثيين على مدى العقد الماضي.

دورية "فورين بوليسي جورنال” التي تلعب تقاريرها دوراً في رسم سياسات البيت الأبيض، تكهنت بعد خروج باكستان من التحالف أن "السعودية باتت تستقوي بمصر، وأن شعور الرياض بالتهميش من قبل واشنطن التي مضت في تسهيل الاتفاق النووي مع ايران في ذروة التحالف العسكري على اليمن سيشكل أحد العوامل الرئيسة للاقدام على استكمال المغامرة العسكرية”. وذهبت الـ”فورين بوليسي” أبعد من ذلك لتحذر مصر من مغبّة الانزلاق إلى مستنقع فييتنام جديدة، ناقلة عن عدد من الخبراء العسكريين الأميركيين أن الانخراط في الحرب على اليمن يوازي مأزق التحالف الدولي على أفغانستان، الذي أفضت نتائجها إلى هزيمة دول ذاك التحالف جميعاً. وفي اليمن، "استنفذت الغارات الجوية أغراضها ولم تأت بفائدة تذكر، كما أن السعودية بقدراتها الذاتية لا تقوى على شن حرب بمفردها وخاصة لعدم توفر خطة عسكرية متماسكة تقنع حلفاءها وخاصة الأميركيين بالمضي قدماً”.

بعد كل ما تقدّم من دراسات وتقارير أميركية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمراكز القرار السياسي والعسكري الأميركي، يبدو أن العدوان السعودي - الأميركي على اليمن دخل مع نهاية أسبوعه الثالث مرحلة الوقوف أمام مفترق طرق: إما وقف العدوان تحت مبررات الواقع الانساني الصعب للشعب اليمني، وإما الدخول في حل سياسي ينقذ منطقة الخليج الفارسي من شبح حرب مفتوحة يبدو أنها - مع تحرك قبائل جنوب السعودية - أصبحت وشيكة، وفي جميع الأحوال لا ينكر أحد أن المغامرة السعودية لم تكن... سوى أضغاث أحلام.