kayhan.ir

رمز الخبر: 16825
تأريخ النشر : 2015March16 - 21:35

لبنان ما بين الرّفض الفاضح لِلهِبة الإيرانية والعروض الرّوسيّة، وبين تأخير السّلاح الفرنسيّ

العميد المتقاعد شارل أبي نادر

لقد أثبت الجيش اللبناني في المواجهات التي خاضها ضد المجموعات الإرهابية على الحدود الشرقيّة وخصوصاً في معركة جرود رأس بعلبك الأخيرة أنّه يتمتّع بقدرة قتاليّة مُلفتة وبمستوى عالٍ من الحرفيّة العسكريّة، يُضاف إلى ذلك المؤازرة الفعّالة المباشرة له من قِبل المقاومة والدّعم الشعبيّ الواسع، وهذه جميعها نقاط قوّة تُعطيهِ القدرة والإمكانيّة على حسم المعركة بشكل نهائي ضدّ المُسلّحين، وإستعادة السّيطرة على كامل الحدود، ولكن لماذا لم يتمّ هذا الحسم حتى الآن؟

إذا تجاوزنا موضوع القرار السياسيّ بالحسم والذي لا يُمكن إعتباره حتى الآن واضحاً وصريحاً وذلك لأسباب متعدّدة، وبِمعزل عن موضوع العسكريّين المخطوفين وما يشكّله هذا الملفّ الحسّاس من ضغوط؛ فإنّ هذه المعركة تتطلب السلاح الذي يؤدي دوراً مهماً في إنجاحها أو فشلها، إذ تحتاج العمليّة إلى أسلحة نوعيّة نظراً إلى البقعة الجغرافيّة وإلى طريقة القتال الخاصّة التي تُميّز هؤلاء الإرهابيّين، ولاسيما أن لدى بعضهم خبرة لا يُستهان بها إكتسبوها من جولات متعدّدة خاضوها ضدّ أهمّ الجيوش في أفغانستان والشيشان أو العراق أو سوريا، أو حتى ضد الجيش اللبنانيّ في غير موقع. هذه الأسلحة طُلِبَت من فرنسا بالأساس عبر الهِبَة السعوديّة التي تشمل مدافع ميدان ذاتيّة الحركة بِمدى يتجاوز 40 كلم مع جاهزيّة مُتطوّرة في تصحيح الرّمايات وصواريخ مُضادّة للدّروع وللتحصينات، وعربات قتال مُصفّحة ضدّ الألغام ، وعبوات ناسفة متوسّطة، وأجهزة اتّصال مُتطوّرة وغير ذلك. بالإضافة إلى طوّافات قتاليّة فرنسيّة الصّنع مجهّزة بصواريخ موجّهة حراريّاً لتدمير مراكز المُسلّحين المُحصّنة في الجرود، وعن مسافة تتجاوز ال-- 6 كلم على الأقل لحمايتها من صواريخ أرض جوّ يمكن أن يمتلكها المُسلّحون، ولكن لغاية تاريخه لم يتمّ إستلام هذه الأسلحة.

أما بالنّسبة إلى موضوع هِبة المليار دولار، والتي خصّص حوالي نصفها لشراء أسلحة للجيش، فقد تمّ رفض عرض روسي لتزويد الجيش بصواريخ "توس" والتي تتميّز بِقدرة تأثير فعّالة على المُسلّحين المتمركزين داخل مغاور مُحصّنة، حيث يُحدث انفجارها كُرة ناريّة ضخمة، وارتفاعاً هائلاً في الضّغط وكانت قد صُمِّمَتْ أساساً لاستعمالها من قِبَل الجيش الرّوسي في جبال أفغانستان حيث أوجُه الشّبه واضحة في الطّبيعة الجغرافيّة، وفي طبيعة المُسلّحين وأسلوبهم في القتال. وهذا الرّفض جاء لأسباب غريبة، إذ إعتُبِرَ أوّلاً أنّ مداها البالغ 6 كلم يُعتبر قصيراً، بيد أنه عمليّاً كافٍ إذا ما تكلّمنا على دعم مُباشر لعمليّة هجوميّة. أما سّبب الرفض الثاني فجاء لاعتبارات تتعلّق بِحقوق الإنسان تفرضها المُنظّمات الدوليّة، وهذا لا ينطبق هُنا، إذ أنّنا في الحقيقة نُواجِه وحوشاً وليس بشراً، وقد غُضّ النّظر أيضاً عن عرض روسي آخر لتزويد الجيش بطوّافة قتاليّة نوع (Mi-24P) المُعدّلة والتي هي طوّافة مُقاتلة وناقِلة في نفس الوقت، إذ لديها القُدرة على نقل حضيرة من 9 عناصر مع عتادهم الكامل وبِحمولة حوالي 1,5 طن، وهي أيضاً مُجهّزة بنوعين من الصّواريخ، الأولى غير موجّهة لها مُميّزات الكاتيوشا التدميريّة والثانية صواريخ موجّهة حراريّاً من نوع ستورم-ب بِمدى 6 كلم مع قُدرة مُميّزة على خرق وتدمير التّحصينات والأهداف المُدرّعة، وهذه الطوّافة لها أيضاً ميزة التشويش على صواريخ أرض جوّ.