سقوط الفتنة المذهبية في اليمن ومجلس التعاون يرد: ’أنصار الله’ إرهابية
ضياء أبو طعام
قبل ثلاثة أشهر تماماً، نشرنا في موقع "العهد الإخباري” ما حرفيته: "حزب الإصلاح أمام خيارين: إما التحالف مع الحوثيين وإما الذوبان في تنظيم القاعدة”. اليوم، يكشف التقارب الإصلاحي – الحوثي عن أن حزب الإصلاح مسح من ذاكرة هواتف قياداته الخلوية أرقام المسؤولين السياسيين والأمنيين في الدوحة، وعاد مجدداً إلى استخدام الخطوط الأرضية وتحفيظ الأرقام كتابياً داخل مفكرة ورقية صُنعت في أحد مطابع صنعاء.
لا وجود لحبر فتنة سنية – شيعية إذاً في اليمن، والقصة كلها لم تكن سوى قصة أوراق خارجية في كراس السياسة اليمنية، وإلا فكيف يتقارب الخصمان اللدودان: "حزب الإصلاح” وحركة "أنصار الله”؟! بل، وكيف يعلن الإصلاح "الإخواني” موقفه من أمراء تنظيم القاعدة: إرهابيون تكفيريون؟! القصة إذاً، بعد كل ذاك الدم، قصة أوراق اعتماد، ومندوبو السياسة الخارجية القطرية في اليمن لم يعودوا إخواناً، بل قاعديون. هكذا، بكل بساطة.
"أنصار الله”: التقارب مع الإصلاح شأن داخلي خالص
في صنعاء، أصبح الحوثيون جزءاً من السلطة... بكل ما تعنيه الكلمة. عينٌ على اجتثاث الفساد الإداري والأمني وإعادة الطمأنينة إلى نفوس اليمنيين، والعين الأخرى على المجموعات التكفيرية لا سيما بعد إعلان زعيم تنظيم "داعش” أبي بكر البغدادي أن مقاتليه قد وصلوا اليمن.
"من المبكر جداً تقييم مشاركتنا في السلطة” – يقول قيادي في أنصار الله نحن ما زلنا في أول الخط وأمامنا الكثير من الاستحقاقات الداخلية والإجراءات التي ينبغي أن تستظل بظل القانون. الحكومة اليوم تعيد ترتيب الملفات وتتشارك بكل أطيافها لرسم المنهجية السليمة التي من خلالها ستبدأ العمل، وكل الوزارات تحتاج إلى ورش تنظيف وترميم وإعادة بناء، السياسية منها والاقتصادية والأمنية”.
ويضيف: "وبرغم ذلك، فإن اليمنيين لمسوا تحولات جذرية على الأرض بدأت من عودة الحياة إلى طبيعتها، ولا راية تعلو فوق راية المؤسسات، وهذا ما كان ليحصل لولا أن الثورة التي قادتها اللجان الشعبية وحركة أنصار الله وحلفاؤها الشرفاء تؤمن بأن اليمن هو لأبنائه وليس للخارج الذي لم يخف غضبه وامتعاضه من فشله في مد المشهد الليبي إلى اليمن، برغم كل محاولات القتل والاغتيال وإثارة الفتن المذهبية والقبلية”.
ورداً على سؤال حول ارتباط انفتاحهم وحزب الإصلاح بالتقارب الإقليمي في المنطقة وتحديداً التقارب "الإيراني – السعودي”؟ يجيب القيادي في أنصار الله: "أولاً، نحن نستبشر خيراً بكل تواصل وتقارب بين القوى الإقليمية المؤثرة في المنطقة، فهذا ينعكس حتماً ليس على اليمن فحسب، وإنما على كامل الخليج الفارسي والشرق الأوسط. أما لكل من يحاول أن يشكك في حوارنا مع حزب الإصلاح باعتباره حوار أملته دوائر القرار الخارجية، فنقول إن حزب الإصلاح لا يزال على لائحة الإرهاب السعودية وبالتالي فهو لا يمثل السياسة الخارجية للمملكة في اليمن، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن حركة "أنصار الله” مدت يدها لكل الأطراف اليمنية في أيلول/ سبتمبر الماضي أي منذ ما قبل حصول أي تقارب إقليمي، حتى أننا وُضعنا قبل أسابيع على لائحة الإرهاب الإماراتية، أي فور بدء ذاك التقارب، فهل هذان المثالان يدلان على أن التقارب هو إملاء خارجي؟!!”.
ويتابع المصدر: "البلد يمر بمرحلة خطيرة، ولا بد من تكاتف الجميع لبناء الدولة العادلة. إن موقف الإصلاح من عدم الدخول في مواجهة مسلحة مع اللجان الشعبية في صنعاء كان إيجابيا، خاصة بعد سقوط القوى التي كانت تسيطر على المؤسسة العسكرية. والآن، وبعد تشكيل حكومة السلم والشراكة، فمن غير الممكن أن نجلس مع حزب الإصلاح في الحكومة من دون أن يستتبع ذلك لقاءات جانبية تفتح أمام اليمن أفقاً جديداً من الأمل لبناء دولة قوية عادلة يشعر فيها جميع اليمنيين بالطمأنينة وسيادة القانون، لذلك نؤكد أن تقاربنا مع الإصلاح هو شأن يمني داخلي خالص”.
وعن القرار الإماراتي بوضع "انصار الله” على لائحة الإرهاب، يتحفظ المصدر عن الادلاء باستنتاجات "قد تُفهم على أنها موجّهة لأطراف داخلية في اليمن”، لكنه يكتفي بالقول: "نحن نتابع هذا الأمر باهتمام شديد ونجري اتصالاتنا عبر الممرات المرتبطة بالحكومة اليمنية لتصحيح هذا الموقف من قبل الأخوة الإماراتيين، فاليمن لديه جالية كبيرة في الإمارات ممن يعتبرون هذا البلد بمثابة بلدهم الثاني، وبالتالي فنحن لا نريد أن يحصل أي تشنج بين اليمنيين والشعب الإماراتي الصديق. نعتقد أن ما حصل هو خطأ في التقدير، وسنتابع هذا الموضوع بالأطر الدبلوماسية المناسبة”.
عايش: لقاءات مكثفة بين قادة الإصلاح وممثلو "أنصار الله” في صنعاء
يكشف الصحافي اليمني المقرّب من حزب الإصلاح "محمد عايش” أن حزب التجمع اليمني للإصلاح ماضٍ في ترجمة مخرجات اللقاء "المفاجأة” الذي عُقد في صعدة بين قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي من جهة ورئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح زيد الشامي والناطق الرسمي للحزب ورئيس دائرته السياسية سعيد شمسان. وفي حديث لموقع " العهد " ينقل عايش عن شمسان قوله: "إن اللقاء مع الحوثيين فتح الباب لمستقبل يسوده التوافق والشراكة، فنحن في أمسّ الحاجة إلى طي الخلافات وإنهاء الصراعات من أجل إخراج اليمن إلى بر الأمان، وعليه فقد قررنا الانتقال إلى الخطوات التنفيذية التالية لمبادئ لقاء صعدة، ونحن نسعى لتطبيع الأوضاع والبدء في مرحلة جديدة لبناء الدولة، والخروج من دائرة الأزمات والصراعات، والتهيئة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية حرة ونزيهة، تنهي المرحلة الانتقالية وتنقل اليمن إلى الوضع الطبيعي والاستقرار”.
وإذا كان عايش يعتبر أن التحديات الخارجية حيال "الإصلاح” و”الحوثيين” قد وضعتهما معاً هذه المرة في دائرة الاستهداف ما قد يشكل عاملاً إضافياً لتعزيز التقارب، إلا أن المراقب للشأن اليمني يعرف جيداً أن انعكاسات هذا التقارب لا تنحصر ضمن الحدود اليمنية فحسب، وبالتالي فبدلاً من البحث عن أسباب خارجية لعبت دوراً في جمع الخصمين اللدودين، قد يكون نافعاً أكثر رصد نتائج هذا التقارب على المواقف والقرارات الخارجية، قد لا يكون وجهها الوحيد - كما يقول أحدهم - "القرار الإماراتي، الذي لا يمكن أن يصدر بعيداً عن رغبة الرياض”. فإذا تحالف الحوثيون مع الإصلاح، فهذا دليل على أن تنظيم القاعدة، أقلّه في اليمن، ليس سنياً.