kayhan.ir

رمز الخبر: 11756
تأريخ النشر : 2014December13 - 21:18
كربلاء المقدسة كانت على موعد مع الموج البشري الهائم..

الحشود المليونية المؤمنة تحيي ذكرى الاربعين الحسيني في صورة لا مثيل لها بالعالم

كيهان العربي - خاص:- تساؤل كبير بحجم الكرة الأرضية وفيه استغراب بحجم السماء عن سرّ التدفق المليوني الهائل والسيل المتعاظم من الحشود البشرية على قبر الامام الحسين بن علي عليهما السلام رغم كل المخاطر.

هذه الحشود المليونية مهما تعاظمت فهي لا تجوع ولا تتعب ولا تعطش ولا تخاف الارهاب ولا التهديد بالموت والقتل والتفجير والتفخيخ والتكفير.. تسير من كل حدب وصوب نحو قبلة القلب العاشق والولهان، لا أحد يعرف من يسيرها أو يقودها، ومن المحرض على قيامها بهذا الزحف الجارف نحو نينوى العشق والتضحية والفداء والإباء وخلوص النية والتفاني من أجل إعلاء كلمة الله وإصلاح الأمة بعد أن أراد لها الأمويين واحفادهم الانحراف والعودة نحو الجاهلية قبل الاسلام المحمدي الأصيل .

تقول الكاتبة والباحثة المسيحية "إيزابيل بنيامين ماما آشوري" المتخصصة في شؤون الأديان: إن "النصوص الموجودة في الكتاب المقدس والتي تمتدح زحفاً بشرياً سنوياً باتجاه قبر شخص واحد فقط، تخبرنا بأن هذه الأرتال البشرية لا تأتي من ذاتها بل إن الرب هو الذي جمعها وأتى بها من أطراف الأرض ".

فقد كانت مدينة كربلاء المقدسة في ذكرى الاربعين الحسيني هذا العام على موعد مع موج بشري هائم يطوف حول كعبة الآمال ومنبر التضحية ومنار الفداء ومدرسة الإباء والصدق وخلوص النية الامام الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهما السلام، الذي صحى بكل غال ونفيس من أجل رضى الله سبحانه وتعالى وهو القائل في يوم عاشوراء عام 61 بأرض الطف كربلاء: "إلهي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى"، رددها وقلبه يحترق من نار الظمأ، رددها ولسانه يبس كقطعة الخشب، رددها وهو يرى أهل بيته يشتكون من لوعة العطش، رددها وخيرة أهل بيته الميامين وأصحابه مضرجين بدمائهم الطاهرة .

تشير التقارير الواردة أن لوحة العشق البشري - الالهي الذي رسمه أكثر من عشرين مليون من شيعة أهل البيت عليهم السلام ومحبيهم والذين توافدوا على كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى أربعينية الامام الحسين (ع) وأهل بيته واصحابه البررة هذا العام لا مثيل لها على وجه التاريخ في العالم برمته، وهو ما شاهده الرأي العام العالمي عبر القنوات الفضائية التي نقلت وقائع هذا الحضور الفذ والأبي طيلة الأيام الماضية خاصة يوم أمس السبت يوم العشرين من صفر لاداء زيارة أربعين سيد الشهداء عليه السلام.

فقد توافدت الحشود المليونية من العراق ونحو (60) دولة اخرى منها الجمهورية الاسلامية في ايران ولبنان وسوريا والكويت والبحرين والسعودية وتركيا ودول شرق اسيا ودول الكومنولث وبلدان افريقية، بأجواء إيمانية ومسيرات حاشدة شكلوا تجمعاً بشرياً هو الأكبر في العالم وصف بالنموذجي من حيث النظم والايمان والانسانية لتعلو رايات أبي عبد الله (ع) ويعلو معها الهتاف "لبيك يا حسين"، لتتحدى جميع التهديدات الأمنية التي كانت تتربص بها من قبل الارهابيين التكفيريين.

وقد شارك أكثر من (7000) مجلس عزاء وموكب حسيني من داخل العراق و(50) من خارجه بالاضافة الى (7000) موكب خدمي تعدد نشاطها في توفير كل وسائل الراحة والأمان للزائرين دون استثناء قدِمت من دول عربية وأجنبية منها الكويت – سوريا – عُمان – السعودية – لبنان – البحرين – الجمهورية الاسلامية في ايران – أميركا – بريطانيا – باكستان – السويد – ألمانيا - الدنمارك – روسيا – الهند – أفغانستان- آذربيجان- تركيا".

وقد بدأ عمل المواكب الخدمية على طول طول الطرق التي يسلكها الزوار المشاة والتي يصل مجموعها الى اكثر من 1700 كيلومتر ، مع بدء الزيارة الاربعينية وذلك منذ 20 يوما بانطلاق الزوار المشاة فيها من منطقة "راس البيشه" في شبه جزيرة الفاو جنوبي البصرة في داخل العراق وذلك من مسافة تبعد (650) كيلومترا عن كربلاء المقدسة ومن مدن العراق الاخرى فضلا عن دول العالم من قاراته الخمس باتجاه كعبة الاحرار كربلاء المقدسة .

وتشير الاحصاءات الى إن خمسة وسبعين الف هيئة وموكب تنتشر على الطرق المؤدية الى كربلاء المقدسة، تتولى تقديم الخدمات وكل ما يلزم لمساعدة الزوار على مواصلة مسيرتهم.

كما سخرت اغلب الوزارات العراقية جهودها وامكاناتها لتقديم المساعدة للزوار، ولعل التحدي الاقوى في هذه المناسبة هو في مسألة توفير وسائط نقل لاعادة خمسة عشر مليونا الى مدنهم في العراق، والى المنافذ الحدودية.

فقد خصصت الوزارات العراقية ثلاثة الاف حافلة نقل لخدمة الزوار، كما تم تشغيل اربعة قطارات نحو مناطق الجنوب... كما قام ميسورون وفي خطوة لافتة، الى استئجار مئة طائرة لتهبط في ثلاثة مطارات عراقية... وتم الايعاز للقطعات العسكرية والامنية بتوظيف ما لديها من اليات استعدادا لنقل الزوار عقب انتهاء الزيارة.

وفي تقييم سريع، فإن احتشاد أكثر من عشرين مليون نسمة في منطقة جغرافية محددة، ولمدة ايام معددوة جداً خلا في السابق واليوم ايضا من حصول حالات وفاة او نزاعات، في حين ان تجمعات بشرية بحدود المليونين او الثلاثة تشهد على الدوام كوارث وحوادث تؤدي الى مقتل العشرات وربما المئات (ايام موسم الحج في السعودية).

وهنا يأتي دور العتبة الحسينية والعباسية، التي اتبعت احدث الوسائل والاساليب لتنظيم عملية دخول خمسة واربعين الف موكب، يضم الواحد ما بين خمسين الى ثلاثة آلاف زائر يفترض انهم يسلكون مسارا محددا طوله اربع كيلومترات، يبدأ من مدخل مرقد العباس بن علي عليه السلام ثم منطقة الحرمين فمرقد الامام الحسين عليه السلام ومنها اخذ مسار اخر لمغادرة مركز المدينة المقدسة.

وتبقى المعجزة الالهية الاهم هي تامين الامن في بلد يشهد حربا حقيقية مع الجماعات الارهابية وفي مقدمتها تنظيم "داعش" الارهابي والذي يتبنى عقيدة تكفير هؤلاء الملايين من محبي الامام الحسين عليه السلام.