من سيعالج “إسرائيل” من مرضها وكيف؟
محمود سمير الرنتيسي
في أبريل 1949 وبعد عام من مذبحة دير ياسين التي قامت بها العصابات الصهيونية في 9 أبريل 1948 والتي قتلت فيها قرابة 400 من سكان القرية كانت أصوات الموسيقى ترتفع في احتفالية كبيرة حضرها أعضاء الحكومة وكبار الحاخامات , وأرسل في حينها الرئيس الإسرائيلي حاييم وايزمان رسالة تهنئة بافتتاح مستوطنة أو مغتصبة "جيفات شاؤول” على أراضي دير ياسين.
بعد 30 عاماً استمر التفاخر الإسرائيلي بالقيام بالمذبحة -التي أوردها كمثال فحسب- من خلال إطلاق أسماء العصابات المشاركة بالمذبحة على شوارع المستوطنة حيث قررت إطلاق أسماء عصابات الأرجون والبالماخ والهاجاناه على شوارع المدينة.
وبعد مرور 66 عاماً على مجزرة دير ياسين وغيرها من المجازر الصهيونية في فلسطين فقط عام 1948, في حينها أذكر أنني سمعت أن بعض الناس في ذلك الوقت وقد كان الجهل سائداً نسبياً في بعض المناطق يظنون أن الصهاينة ليسوا بشراً بل نوع من أنواع الوحوش.
ويتوافق هذا مع سؤال استنكاري من صديق تركي يسألني خلال العدوان الإسرائيلي على غزة قبل شهرين "هل الإسرائيليون بشر مثلنا”؟ ثم أردف قائلاً بالرغم من أنني أراهم على شاشات التلفاز لكنني لا أصدق أن من يقتل الطفولة ينتمي إلى البشرية والإنسانية.
أول أمس وفي ندوة نظمتها أكاديمية العلوم الإسرائيلية، تحت عنوان "من كراهية الأجنبي إلى تقبل الآخر”. قال الرئيس الإسرائيلي الحالي رؤوفين ريفلين: "هل نسينا كيف نكون آدميين؟ هل نسينا كيف يكون الحديث؟ هل خفي علينا سر الحوار؟”.
وأضاف "آن لنا أن نعترف بصراحة بأن المجتمع الإسرائيلي مريض ومن الواجب معالجة هذا المرض”.
ربما يختلف السياق الذي أتناول فيه هذا الموضوع عن سياق هذه الندوة لكن العبارة تصلح نسبياً لتوصيف الحالة الصهيونية.
"إسرائيل” التي تُعتبر أكبر مركز عالمي لتجارة الأعضاء البشرية بشكل غير قانونيّ، بعد قتل الفلسطينيين هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتجز جثامين الشهداء، وتنتهجها كسياسة، ولا تزال تحتجز مئات الجثث وترفض إعادتها وتسليمها لعائلات الشهداء.
لقد قتلت "إسرائيل” الدولة الديمقراطية في العدوان الأخير، فحسب أكثر من 2000 فلسطيني مدني, دكت على رؤوسهم طوابق البيوت ومزقت أشلاء الأطفال، محت آثار عائلات بأكملها, كسرت كل القواعد والقوانين والأعراف وارتكبت أبشع الجرائم, واتخذت من المدنيين دروعا بشرية, ويكفي أنها قتلت 500 طفل.
في 2003 وصف وزير الصحة الإسرائيلي العرب بأنهم أفاع وعقارب, فيما وصفهم هرتزل من قبل بالبعوض لتؤكد على منهجية التفكير, وتتكرر في هذه الأيام ممارسات إجرامية بحق المسلمين في المسجد الأقصى ويمنع المسلمون من الدخول للصلاة في أقدس مقدساتهم في فلسطين, أليس من حق أي مسلم وفلسطيني أن يصلي في أولى القبلتين؟! تتضح الصورة تماماً أمام العربي والأجنبي حتى عندما يرى أبواب المسجد الأقصى تكسر وعندما يتساءل لماذا يقف جنود صهاينة في ساحات مسجد يلاحقون المصلين؟.
بالفعل "إسرائيل” مرض ووجودها مرض في جسم هذه الأمة وهذا المرض له عوامل تساعد على بقائه وعوامل تسرع في الشفاء منه أولها الإيمان بالشفاء من المرض والإرادة وأخذ العلاج المناسب والفعال, ويبقى السؤال مفتوحاً من هو الطبيب الذي سيقوم بالعلاج وكيف؟ بالتأكيد الإجابة ستتحقق بعد كثير من الآلام والمعاناة.