kayhan.ir

رمز الخبر: 4302
تأريخ النشر : 2014July26 - 21:25

اليوم العالمي للقدس والتواطؤ التكفيري ـ الاسرائيلي

حميد حلمي زادة

من صميم الواقع وليس بوحي من الظنون أوالتصورات الخيالية أو القول جزافا ،علينا ان نجزم بأن ثمة تلازما سافرا بين المسارين الصهيوني ــ التكفيري باعتبارهما تحديا مصيريا مشتركا يستهدف الامة الاسلامية باسرها في راهننا الذي يشهد عدوانا اسرائيليا شرسا على فلسطين وغزة والقدس الشريف، بالتوازي مع إفساد في الارض كبير تقوم به عصابات "داعش” ومن هي على شاكلتها في العراق وسوريا ولبنان وعموم العالم الاسلامي.

في ضوء ذلك يصح القول ـ على وجه القطع ـ ان تكفيريي داعش هم صهاينة بالفعل، وان الإسرائيليين هم تكفيريون بالقوة وبالفعل، والدليل على ذلك ان الاثنين يشتركان معا حاليا في اراقة الدماء البريئة واستباحة الحرمات وتمزيق الامة واغراق دول المنطقة بالاعمال والسلوكيات الارهابية والجرائم اللاإنسانية باسم الدين وهو منهما براء.

وتتجلى هذه الحقيقة من خلال اصرار دولة الاحتلال "دون هوادة”على انتزاع اعتراف فلسطيني وعربي واسلامي ب”يهودية اسرائيل” ، الى جانب تواصل حفرياتها المغرضة و المقصودة منذ سنوات طويلة في مدينة القدس وتحديدا تحت المسجد الاقصى المبارك اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

أما "داعش وأخواتها” فإنها ولادات غير شرعية اساسا باعتبارها خرجت من رحم (الوهابية المنحرفة) ، ولأجل ذلك فإن تشدقها بإعلان ما يسمى ب”الدولة الاسلامية في العراق والشام” وتنصيب "خليفة " لها وهو ضابط أمن سابق ذو سجل اسود في العمل الاستخباراتي ابان حكم الطاغية البائد في بغداد ، وايضا في الارهاب والجريمة المنظمة والمجازر الطائفية المروعة التي ادت حتى الآن الى ازهاق ارواح الآلاف من الناس الامنين في كلا البلدين، كل ذلك يقطع الشك باليقين ان ماتقوم هذه العصابات ، ليس سوى دور وظيفي لتمرير مخططات الصهيونية العالمية الرامية الى تقطيع أوصال المنطقة ودولها وشعوبها في سبيل الاستحواذ عليها وتعبيدها لاحقا.

ويتقاطع الصهاينة والتكفيريون في العديد من القواسم المشتركة التي بات يعرفها القاصي والداني من ابناء الامة الاسلامية ومنها:

ــ كلاهما يجاهران في مناصبة العداء للثورة الاسلامية وجمهوريتها المباركة في ايران، وبالتالي وكتحصيل حاصل، فإنهما حاقدان على يوم القدس العالمي ومطلقها الامام المقدس السيد روح الله الموسوي الخميني (طاب ثراه).

ــ كلاهما يتميزان غيظا وكراهية من ملحمة المقاومة الاسلامية وحزب الله في تموز2006 وما نتج عنها من الحاق الهزيمة المذلة بالكيان الصهيوني وتحطيم اسطورة جيشه الذي لايقهر . ويتذكر العالم كيف اتخذ آل سعود والوهابيون ـ نظاما ووعاظ سلاطين ـ موقفهم المخزي بالدعوة الى عدم دعم المجاهدين المؤمنين في جنوب لبنان بل ومطالبة ابناء الامة بعدم الدعاء لهم بالانتصار على العدوان الاسرائيلي الغاشم، لا لسبب إلا لانهم ينتمون الى مدرسة البيت النبوي الشريف ومذهب الامام جعفر الصادق وهو حفيد رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم).

ــ ان التكفيريين والصهاينة يتخندقان اليوم في تحالف بغيض لتفكيك محور المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط ، او ما أسماه ملك الاردن ب”الهلال الشيعي” ، الامر الذي بدأت خطواته العملية منذ عام 2011 انطلاقا من سوريا باعتبارها قلب العروبة النابض وحاضنة المقاومين الرساليين ، ومرورا بالعراق الذي لم يكد يخرج من محنة الحكم الدكتاتوري البعثي العشائري ومن وطأة الاحتلال الاميركي الاطلسي ، حتى اقحم في حرب فوضوية طائفية بتحريض من فتاوى أشباه العلماء في جزيرة العرب، وهي فتاوى مدعومة باموال البترول دولار.

ولقد شهدت بيروت وطرابلس تفجيرات غادرة اريد من ورائها اشعال الاوضاع المستقرة في لبنان لفائدة المؤامرة الاستكبارية. وعلى صعيد آخر قامت الجمهورية الاسلامية باحتواء عدة محاولات لتفجير الامن الوطني والسلم الاهلي في ايران لاسيما في مناطقها الحدودية المتاخمة لباكستان وافغانستان وكردستان العراق .

كما وقفت طهران وبيروت سدا منيعا بوجه محاولة عصابات داعش وحليفاتها تدمير جبهة سوريا في محور المقاومة والممانعة في المنطقة ، الامر الذي قلب المعادلة لصالح هذا البلد قيادة وشعبا وجيشا، وأعاد الحياة فيه الى طبيعتها بعدما كانت المخططات الشيطانية ترمي الى تحويله الى مقاطعات خارجة على القانون، ويتحكم بها اناس لايكادون يفقهون شيئا عن الدين و الحضارة والمدنية فضلا عن معرفة ابسط المبادئ الانسانية.

على حين نزلت فتوى الجهاد التي اصدرتها المرجعية الدينية الرشيدة في مدينتي النجف الاشرف و قم المقدسة كالصاعقة على رؤوس زعماء المؤامرة الصهيواميركية ومرتزقتهم من التكفيريين وايتام "نظام البعث الصدامي المباد”، فيما كانت هذه الفتوى التاريخية بردا وسلاما لعموم الشعب العراقي سنة وشيعة واقليات دينية، لأنها حسمت الموقف لصالح العملية السياسية الوطنية المضطرة في البلاد ، وفوتت الفرصة على داعش واسيادها لإستغلال سقوط الموصل وصلاح الدين والانبار نتيجة الخيانة ، من اجل محاولة التمدد نحو بغداد عبر الحرب النفسية والدعائية كما حدث في المحافظات الانفة الذكر.

اما العدوان الاسرائيلي الغادرعلى غزة هاشم خلال شهر رمضان المبارك 1435/تموز2014 ، فإنه يمثل الحلقة الاخرى للمؤامرة الغربيةـ الصهيونية الهادفة الى تقويض محور المقاومة المظفرة ، بيد ان العمليات الصاروخية النوعية للمجاهدين الفلسطينيين في حركتي حماس والجهاد الاسلامي والفصائل الفلسطينية الاخرى،والتي دكت تل ابيب والمراكز الاستراتيجية الخطيرة في العمق الصهيوني،عدا احباطهم وببسالة لاتوصف الاجتياحات العسكرية البرية ، عززت معنويات أبناء الشعب الفلسطيني المحاصرين في هذا القطاع الثائر منذ اكثر من عشر سنوات،وبلسمت بعضا من جراحاتهم العميقة بسبب عظم التضحيات التي وقعت جراء المجازر الاسرائيلية الوحشية برا وجوا وبحرا.

وبالعودة الى يوم القدس العالمي في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك، فإنه ينبغي الالتفات الى ان دعوة الامام الخميني الراحل الى احياء هذه المناسبة السياسية العبادية، حملت ومافتئت معها في كل عام معطيات جديدة على مستوى اشعار ابناء الامة الاسلامية والعربية واحرار العالم بالخطر الذي يشكله الكيان الصهيوني للامن والسلام الدوليين. اذ لاشك ابدا في ان "اسرائيل” ليست غائبة عما يحصل في سوريا والعراق ولبنان وسواها، فقد تعودت ان تعيش وتتوسع وتسيطرعلى حساب التناقضات التي تعتري الشعوب والسياسات والتحولات بين ظهرانينا.

ومن المؤكد ان ظاهرة داعش والجماعات التكفيرية الاخرى هي صناعة صهيوغربية ، كما هو الحال للحركة الوهابية من قبل والتي لم تكن لتظهر على الساحة إلا لانها وجدت الحاضنة الغربية السياسية والاعلامية والمالية في اوروبا و اميركا، وهي في راهننا المعاصر حاضنة بترودولارية غنية عن التعريف على مستوى المنطقة، فلقد ذاق المسلمون والعرب الامرين منها نتيجة لتدخلاتها السافرة في شؤون الدول الاخرى كرمى لعيون زعماء الصهاينة العالميين الذين ماانفكوا يحلمون بالثأر والانتقام لهزائمهم النكراء من ابناء الامة المقاومين الشجعان، بعدما اثبتوا ان اسرائيل هي أوهن من بيت العنكبوت، وأنها غدة سرطانية خطيرة حقا، بيد انها غير عصية على الاجتثاث.