kayhan.ir

رمز الخبر: 2650
تأريخ النشر : 2014June24 - 20:45

تقسيم العراق من اجل سيادة إسرائيل كدولة يهودية

عابد عبيد الزريعي

جاءت زيارة السيد نجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان العراق إلى طهران يوم 16 حزيران 2014 وسط أجواء ملبدة بغيوم الشك حول حقيقة الدور الذي لعبه الإقليم في الترتيب والمشاركة في فجيعة الموصل، والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها خاصة بعد اندفاع قوات البيشمركة إلى تكريت المنطقة المتنازع عليها مع الحكومة المركزية وبسط السيطرة عليها. الزيارة كانت بمثابة علامة استفهام حول دافع رئيس حكومة الإقليم بالتوجه إلى طهران بدلا من بغداد على الأقل للمواساة وشد اليد. المسئولين الإيرانيين استشعروا ما يدور في خلد قادة إقليم كردستان فاستبقوها بتحديد هدفها في” تقديم توضيحات حول تحركات بعض المجاميع الإرهابية في الإقليم ومناقشة تهديدات تنظيم داعش وآخر التطورات على الساحة العراقية”. لذلك انتظر السيد بارزاني حتى يوم 17 حزيران 2014 ليكشف عما يدور في خلد قيادة إقليم كردستان وقال ان:” العراق بعد احتلال الموصل لن يكون كما كان قبله”. ومهما حسنت النوايا فان الجملة في حد ذاتها حمالة أوجه، فمن حيث المبدأ لابد أن يولد العراق من جديد بعد الذي حدث في الموصل ولن يكون العراق الجديد مثل العراق القديم. ولكن ما هي ملامح العراق الجديد؟ الفقرة الثانية في التصريح كانت بمثابة اعتراف صريح وغريب بان الإقليم الكردي لم يكن بعيدا عما جرى. فقد طالب السيد بارزاني بان يشكل السنة إقليما خاصا بهم، وأضاف إن التفاهم مع المالكي أمر صعب. فصورة العراق الجديد التي يريدها السيد بارزاني تتمثل في العراق المنقسم إلى ثلاثة أقاليم، شيعي وسني وكردي ولا نعتقد أنه يجهل الفرق بين أن تكون كرديا وان تكون شيعيا أو سنيا. ألا إذا كان يريد أن يجعل من الشيعية والسنية هوية قومية أو يجعل من الكردية هوية طائفية.

حقيقة الأمر ان ما ورد على لسان رئيس حكومة إقليم كردستان ليس سوى تعبير عن تقاطع وتوافق مجموعة من الأطراف الإقليمية والدولية حول هدف تعميم وإبراز الهويات الطائفية الثانوية في المنطقة من اجل فتح المجال وتيسير السبل أمام الهوية المخترعة للدولة اليهودية لتتمكن أولا من تكريس وجودها كحقيقة موضوعية من حقائق المنطقة، وثانيا كقائدة لمجمل دويلاتها الطائفية. أما الحديث عن عدم إمكانية التفاهم مع المالكي فهو أمر نسبي قياسا للمضي نحو الهدف المشار إليه، بحيث يمكن قلب التصريح والقول انه يمكن التفاهم مع المالكي إذا وافق على تقسيم العراق، وإذا استحال ذلك فيجب إزاحته والبحث عمن لديه الاستعداد للمضي في هذا الطريق. فالمشكلة ليست في الشخص على الرغم من كل الموبقات التي يتم إلصاقها به وإنما في الهدف المراد تحقيقه، وإذا تجاوب المالكي مع الهدف فمن غير المستبعد أن يتم تنصيبه ملكا على الأقاليم الثلاثة واعتباره قديس عصره.والمفارقة أن القوى الضالعة في المؤامرة على العراق تقوم بالترويج والإعداد لعملية التقسيم الطائفي باستخدام خطاب التفافي يعتمد على النقد الشديد للطائفية. حيث يتم التركيز على اتهام السيد نور المالكي بالممارسة الطائفية ليس بهدف السعي من اجل عراق بلا طائفية وإنما كوسيلة لتأجيج المشاعر الطائفية في الناحية الأخرى. وفي ذات الوقت يتم إضفاء صفة الثورة الشعبية على ما تقوم به داعش وحلفائها في الموصل وغيرها من المدن العراقية دون أن يقدم أصحاب هذا التوصيف جوابا على السؤال الذي يقول: لماذا هرب نصف مليون إنسان من الموصل وحدها عندما دخلها هؤلاء الثوار؟؟

لقد بات من الواضح ان العمل يجري الآن على قدم وساق من اجل خلق وتهيئة الأجواء السياسية للتعايش مع فكرة العراق المقسم قبل انعقاد جلسة البرلمان لاختيار رئيس جديد للوزراء، وهنا يمكن أن نفهم معنى تخطي الرئيس اوباما للدولة العراقية ومطالبته القادة العراقيين بالاتفاق فيما بينهم، لكن كلام الحق هذا يخفي باطلا كشفه تعمده الاتصال بكل من المالكي ومسعود بارزاني وأسامة النجيفي بوصفهم قادة عراقيين، بما يعنيه ذلك من أشارة مشفرة وملغزة لما سبق وقاله رئيس حكومة كردستان بوضوح ومن غير مواربة. وبشكل موازى لذلك يتم تشجيع القوى الإرهابية على الاستمرار في ممارساتها على أمل أن تتماس هذه الممارسات مع الحدود الإيرانية لإلهاب خاصرتها، والتغطية على ذلك بإطلاق تصريحات الإدانة الشكلية لتلك القوى، والعمل على كسب الوقت من خلال الإغراق في الحديث عن الخطط والبدائل والترتيبات لضرب ومواجهة القوى الإرهابية. وقد كان السيد عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني مصيبا عندما قال:”البيت الأبيض يفتقد الإرادة الجدية لمحاربة الإرهاب في العراق والمنطقة”.وهذا يرجع إلى أن القوى الإرهابية أصبحت أداة لتنفيذ السياسة الأمريكية في مرحلة الانكفاء وانهيار نظام الأحادية القطبية.