kayhan.ir

رمز الخبر: 2060
تأريخ النشر : 2014June14 - 21:15

الطائفية السياسية تفتت العراق

ميلاد عمر المزوغي

فجأة وفي لمح البصر سيطرت داعش على محافظات بشمال العراق ,الخبر كان بمثابة ناقوس الخطر لمنطقة تشهد لأكثر من عشر سنوات اعمال دامية,سلطات بغداد سعت منذ وقت طويل الى محاربة الارهاب ومحاولة اقفال الحدود مع سوريا لوقف تدفق تلك العناصر من الجانبين,كنا نعتقد ان العراق كان قاب قوسين او ادنى من شل حركة داعش بتلك المنطقة هكذا اوحت لنا حكومة بغداد,جرت الانتخابات العراقية ادلى كل بصوته والكتل بمجملها تتنازع فيما بينها ,دعوات لتشكيل تحالفات ما بعد الانتخابات لتشكيل الحكومة العتيدة,منهم من يرى ان ضرورة الى اشراك كل الكتل النيابية في الحكومة لصعوبة التوفيق بين رؤاها ما يجعل الحكومة غير قادرة على تحقيق امال العراقيين ان لم نقل مطامح الاحزاب دونما استثناء.

بعيد غزو العراق عمد الحاكم العسكري بريمر الى حل الجيش الذي صمد في وجه الدول الاستعمارية مجتمعة لأكثر من ثلاثة اسابيع ,لأنه يرى فيه اكبر قوة عربية انذاك وعليه يجب التخلص منه بكل الوسائل الممكنة خاصة وان الحرب العراقية الايرانية انتهت لا غالب ولا مغلوب, استمر البلد بدون جيش وطني,تشكلت ميليشيات طائفية وحزبية هدفها تحقيق المصالح الشخصية لأصحابها,اكثر من عشر سنوات والشعب العراقي يئن تحت وطأة الطائفية السياسية,تتقاتل فيما بينها يسقط قتلى من ل الميليشيات كل فريق يعد قتلاه شهداء وقتلى الاخرون الى جهنم وبئس المصير.

خرج الامريكان من المشهد السياسي وسلموا البلد لأهله,فهل كان ابناء الوطن على قدر المسؤولية؟,هل تكوّن جيش عراقي وطني غير مذهبي او طائفي؟ الواقع يشير عكس ذلك,الاكراد في الشمال لهم جيشهم الخاص وقوات الشرطة لتامين اقليمهم,الاقليم ينعم بشيء من الاستقرار وجذب السياح والاستثمارات الاجنبية اضافة الى بيع جزء من نفط الاقليم عبر الصديق اللدود تركيا, الاقليم له مطاراته الخاصة التي تنقل الاكراد مباشرة الى حيث يشاءون.لم يعد الاقليم جزء من العراق السياسي بل دولة مستقلة لم يحن الاعلان عنها بعد لظروف دولية غير مؤاتية,يسعون جاهدين الى اقامة دولة خاصة بهم حيث سينضم اليهم اخوانهم في كل من تركيا ايران سوريا.

العرب سنة وشيعة ,يتبادلون التهم فيما بينهم بشان عدم رغبة الطرف الاخر في اقامة دولة ديمقراطية تحترم المكونات العرقية للعراق,الشيعة لا يزالون ينظرون الى السنة على انهم سبب بلائهم وتعاستهم,لأن السنة حكموا البلاد منذ الاستقلال ولم يعطوا للشيعة حقهم من المناصب الوزارية او الثروة اللازمة لتطوير مناطق الشيعة, اعرب العديد من قادة الشيعة رغبتهم في اعلان اقاليمهم مستقلة,بمعنى الانفصال عن العرب السنة.

السنة العرب ينظرون الى انفسهم على انهم اصبحوا مهمشين خاصة وان اقاليمهم ليست بها موارد طبيعية كتلك الموجودة بالأقاليم الشيعية او الكردية,انهم يشعرون بمرارة الحياة وقسوتها وجفاء اخوة الامس من شيعة وكرد.

العراق اليوم يعاني الكثير من الازمات وعلى رأسها انعدام الثقة بين مكونات الشعب العرقية,كان العراق قبيل احتلاله العام 2003 يمثل دولة لها وزنها بين دول المنطقة,لم يرق ذلك الغرب فسعى الى تفتيت العراق ,طوال العشر سنوات الماضية البلد يعيش في حالة من فقدان الامن وعدم بناء مؤسسات الدولة بما يجعلها دولة مدنية عصرية .

بفعل عدم التناغم بين مكونات الدولة الاثنية,اصبح البلد وكرا للتكفيريين ,الذين يقتلون ابناء العراق من كل الطوائف,بل تسعى القوى التكفيرية الى تهجير مسيحيي العراق,وقد اثبتت التقارير المختلفة عن ان هناك هجرات كبيرة لأبناء الطوائف المسيحية المختلفة, ذلك ما كان يتمناه الغرب منذ عقود,تفتيت الدول العربية وجعلها كانتونات طائفية هشة يسهل التغلب عليها,اعتقد شخصيا ان الغرب قد نجح الى حد ما في ولادة الشرق الاوسط الجديد وان كانت الولادة عسيرة,كيف يمكن لتنظيم القاعدة ان يملك كل هذه القوة التي جعلته يكتسح اكثر من منطقة في العراق وفي زمن قياسي اربك العرب ؟ خاصة وانه يقاتل منذ اكثر من عشر سنوات, وسقوط العديد من الابرياء من العراقيين والسوريين.

فهل يتعظ العراقيين ويعودون الى رشدهم, ويتحدون لمقاتلة العدو المشترك الذي يسعى الى السيطرة على مقدرات العراق وفرض رؤى التنظيم الدينية التي ولاشك ستساهم في ارجاع عقارب الساعة الى الوراء عصور الجاهلية الاولى.