مجموعة السبعة الكبار تفشل في الإتفاق على فرض عقوبات إقتصادية اضافية ضد روسيا
رائد صالحة
تحركت المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا الى مرحلة جديدة هذا الاسبوع مع قواعد مختلفة ومسارات غير مستقرة حيث قدم الرئيس الامريكي باراك اوباما وزعماء الدول الصناعية الكبرى مطالب جديدة على الرئيس الروسي فلادميير بوتين مع التهديد بفرض عقوبات اضافية اذا لم تقطع موسكو دعمها للحركة الانفصالية الموالية لروسيا في اوكرانيا .
وقال اوباما في حديث لشبكة " ان.بي.سي. نيوز ": " الروس بحاجة الى وقف تمويل وتسليح الانفصاليين الذين يعيثون فسادا في الجزء الشرقي من البلاد "، مضيفا ان العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا ستتحسن اذا تصرفت روسيا وفقا للمبادئ الدولية السامية الاساسية ، ومن جهته تعهد بوتين خلال حديث مع الرئيس الاوكراني الجديد بالسعى نحو السلام .
المحللون بدورهم يفسرون مطالب مجموعة السبعة بطرق مختلفة ولا يساورهم الشك في ان النزاع حول اوكرانيا سيستمر لبعض الوقت وهم يعتقدون بان الامر يعود الان الى مدى امتثال بوتين للاحتجاجات الغربية .
واكد اوباما بعد قمة بروكسل بانه ستكون هناك فرصة لرؤية ما يفعله بوتين خلال الاسابيع المقبلة محذرا بانه اذا استمر بوتين في مساره الحالي فان الولايات المتحدة على استعداد لاتخاذ مزيد من الاجراءات ، ويحاول اوباما في زيارته الاوروبية الاخيرة طمأنة اوكرانيا ودول اوروبا الشرقية ازاء القلق من توسع روسي محتمل عبر تقديم ضمانات امنية جديدة ، وفي الوقت نفسه ، ما زالت الشروط المحتملة لاتفاق سلام بين روسيا واوكرانيا غير واضحة .
وقال الرئيس الاوكراني الجديد بوترو بوروشينكو في حفل تنصيبه أنه لن يتقبل عملية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم واكد بان شبه الجزيرة ستبقى اوكرانية ولن تكون هناك مقايضة حول ذلك ، ويريد بوروشينكو ايضا توثيق العلاقات مع الغرب بما في ذلك تأمين عضوية في الاتحاد الاوروبي بما لا يتفق مع بوتين الذي استشهد مرارا بصلات روسيا العريقة مع اوكرانيا التي كانت يوما ما جزءا من الاتحاد السوفيتي .
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للصحافيين موجزا مطالب مجموعة السبعة بان الشهر القادم سيكون حيويا في الحكم على الازمة اذا اتخذ بوتين الخطوات الضرورية ، ولكن الاوساط المراقبة من جهة اخرى تتساءل عن ماهية المتطلبات التي تنادي بها المجموعة وماهية العقوبات الجديدة المتفق عليها في حالة عدم وفاء بوتين بالمطالب الغربية . وقال المراقبون انه بامكان روسيا بكل بساطة اطلاق تصريحات تطالب الحركة الانفصالية بالتراجع والتفاوض ثم تقول بانها عاجزة عن فعل اى شيء اذا لم تستجب الحركة عن تنفيذ مطالبها ، واوضحت اوكلير مديرة برنامج اوروبا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في حديث لصحيفة " يو . اس ،ايه . توداي " بانه من المرجح ان يقوم بوتين بالحد الادنى للغاية لمنع مزيد من العقوبات مع الاستمرار في زعزعة الاستقرار في اوكرانيا ، وهكذا ستقع المسؤولية بالكامل على عاتق اوباما ومجموعة السبعة .
وقد ضربت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالفعل روسيا عبر فرض العقوبات على الافراد والشركات وقد يكون من الصعب عليهم الاتفاق على فرض عقوبات اكثر صرامة تستهدف القطاعات الرئيسية للاقتصاد الروسي، وعلى الرغم من اللغة القاسية التى تحدثت بها مجموعة السبعة ضد روسيا الا انه لم يكن هناك اتفاق على فرض عقوبات اضافية ، ويعود ذلك الى العلاقات الاقتصادية الاوروبية العميقة مع الروس كما انهم يشترون معظم امدادات الطاقة منها .
وقال جيمس غولد غير عميد مدرسة الخدمة الدولية في الجامعة الامريكية في واشنطن دي سي أنه يمكن لبوتين البدء في التحدث مع بوروشينكو مما سيخلق غموضا اكثر بشأن دعمه للجماعات الموالية لروسيا في شرق اوكرانيا لتجنب المزيد من العقوبات ، واضاف انه بامكانه فعل ذلك دون السماح بتمكين اوكرانيا من المضي قدما بنجاح كدولة مستقلة تسعى لعلاقات اوثق مع اوروبا .
ولكن اوباما ما يزال يأمل ان يقوم بوتين بتهدئة الاوضاع في اوكرانيا حيث قال في مقابلة مع " بي.سي " بانه يريد العودة الى علاقات افضل مع بوتين وروسيا مضيفا بانه اذا عملت الولايات المتحدة وروسيا معا فان هذا سيكون مهما في جميع انحاء العالم ولكننا بحاجة اولا لحل الوضع في اوكرانيا .
من جهة اخرى ، قدمت الولايات المتحدة 48 مليون دولار الى الحكومة الاوكرانية الجديدة لتعزيز اقتصادها وقال البيت الابيض بان الاموال الاضافية ستساعد على مكافحة الفساد وتعزيز امن الطاقة وتعزيز خدمة حرس الحدود ، وقد اعلن جو بايدن نائب الرئيس الامريكي هذه التعهدات خلال حضوره حفل تنصيب الرئيس الاوكراني الجديد .
وقالت الادارة الامريكية بان الاموال الاضافية تاتي بعد ضمانة قرض ببليون دولار في 14 ابريل الماضي ومبلغ 50 مليون دولار ضمن برنامج الاستجابة للازمات في 21 نيسان الماضي و23 مليونا من المساعدات الامنية .
ولا تزال اوكرانيا في حالة حرب اهلية حيث تواصل المليشيات الموالية لروسيا القتال في الشرق من اجل الانفصال عن البلاد ، وقد امر الرئيس الروسي بزيادة الامن على الحدود مع اوكرانيا بعد اداء اليمين الدستوري لبورو شينكو .
والى جانب اوكرانيا ، قدمت الولايات المتحدة مساعدات مماثلة الى البلدان الاخرى الموالية للغرب على طول حدود روسيا بما في ذلك 8 ملايين دولار لمولدافيا و5 ملايين لجورجيا.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير في مقابلة نشرت الاحد ان المباحثات "المباشرة والمكثفة” وحدها بين موسكو وكييف ستساهم في ازالة فتيل الازمة في اوكرانيا.
وشتاينماير الذي التقي الثلاثاء في موسكو نظيره الروسي سيرغي لافروف، قال في حديث لصحيفة تاغشبيغل ان حل النزاع في اوكرانيا لا يزال بعيدا وان بعض التطورات اتت ببارقة امل مثل الانتخابات الرئاسية في 25 ايار/مايو او اول لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الاوكراني الجديد بترو بوروشنكو على هامش الاحتفالات بمناسبة الذكرى السبعين لانزال الحلفاء في النورماندي. وقال الوزير الالماني للصحيفة "لكن لا يمكن ان يتحقق تقدم حقيقي الا اذا جرت مباحثات مباشرة ومكثفة بين موسكو وكييف”. واضاف "هذه ستكون رسالتنا عندما سالتقي الثلاثاء مع (وزير الخارجية البولندي) رادوسلاف سيكورسكي ووزير الخارجية الروسي في سان بطرسبورغ”.
وتقرر اللقاء في كانون الثاني/يناير على هامش مؤتمر ميونيخ حول الامن حسب ما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية. ودعا الوزير الالماني الحكومة الاوكرانية الى الحفاظ على "توازن” في عملياتها العسكرية ضد الانفصاليين الموالين لروسيا. وقال "يجب الا تساهم العمليات العسكرية في شرق اوكرانيا في جذب مزيد من المقاتلين الى صفوف المتمردين الانفصاليين”.
واوضح "في اجواء من التوتر، من الحكمة التحرك بحذر وبتوازن في العمليات العسكرية في شرق اوكرانيا”.
ودعا روسيا واوكرانيا الى ضمان امن الحدود المشتركة لمنع تسلل مقاتلين ونقل اسلحة الى شرق اوكرانيا.
ورأى شتاينماير ان على روسيا لتبديد الوضع في منطقة دونباس التي يسيطر على القسم الاكبر منها متمردون، ان "تدعم علنا وحدة اراضي اوكرانيا وترفض اي محاولة للانفصال”.