kayhan.ir

رمز الخبر: 1927
تأريخ النشر : 2014June11 - 21:10

المنطقـة بيـن عقلانيـة إيـران وجنـون السعوديـة

أحمد الشرقاوي

القسم الثاني و الاخير

المتابع لتفاعل جمهور محور المقاومة وأنصاره في العالم العربي والمهجر مع هذا الواقع المرير اليوم، يخلص إلى معطى هام مؤداه، أن هناك توجه هو الغالب اليوم لدى الشباب المتحمس للخلاص، يرى أن أولوية الأولويات ليست في محاربة إسرائيل أو الإرهاب الذي لا ينتهي ما دامت مصانعه مفتوحة وينابيعه لا تجف من الإنفاق، ولنا في ما حدث ويحدث في سورية أكبر دليل وأوثق برهان، وبالتالي، فمن دون ضرب منبع الفكر التكفيري المنتج للحقد والكراهية والإجرام، والمفجر للفتن المتنقلة بهدف إشغال المقاومة عن محاربة "إسرائيل، سيستمر الوضع على ما هو عليه، ما دام من يعاني هو محور المقاومة وجمهوره، فيما ينعم محور المؤامرة بالراحة والإستجمام، فيشربون النبيذ طربا على دماء الأبرياء التي تسيل أنهارا إنتصارا لإسرائيل.

الإمام الخامنائي له فهم عميق لهذا الواقع وللشعور السائد لدى شباب الأمة، لذاك كان صريحا عندما قال لأمير الكويت، أن مشكلة الأمة هي ليست مع الإرهابيين فحسب، لأن هؤلاء وإن كانوا مجرمين، إلا أنهم ضحايا مغرر بهم من قبل من يروجون فكرا تكفيريا هداما. وحذر السعودية من أنها ستدفع ثمنا باهضا لنشرها الإرهاب في المنطقة والعالم.

وأهمية، بل وخطورة كلام الإمام ‘خامنئي” الذي اعتبرته السعودية تهديدا صريحا لأمنها، تنبع من كونه لا يمكن فهمه إلا في إطار تغيير في إستراتيجية المواجهة بين محور المقاومة ومحور المؤامرة، بحيث بدأت بعض المؤشرات تبوج بقرب تغيير المعادلة من الدفاع ومقاتلة الإرهابيين في عقر الدار، إلى الهجوم من خلال إعادة تصدير هذا الشر لأصحابه، ليس عملا بسنة الإنتقام عند اليهود، والتي تقول "السن بالسن والعين بالعين”، بل وفقا لقاعدة (واعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم).

صحيح أننا هنا أمام مأزق أخلاقي، فمحور المقاومة لم يسبق في تاريخه أن نفذ أعمالا إرهابية ضد أية جهة كانت عربية، إسلامية أو غربية، باستثناء عمليات المقاومة التي تعتبرها أمريكا إرهابية، وهذا تعريفها الذي لا نتبناه ولا يلزمنا في شيىء.. لكن إعادة تصدير الشر إلى أصحابه الذين صنعوه هو الحل، لأن البديل سيكون الحرب لإنهاء حالة القتل والخراب والإستنزاف الذي طال حتى مل من صبر حلف المقاومة الصبر.

وها هي الأخبار تتحدث عن نشاط مكثف للإرهابيين السعوديين العائدين من سورية على الحدود اليمنية السعودية، حيث ينشطون في إدخال السلاح وتخزينه في الصحراء، وإعداد الخلايا في إنتظار رحيل "الأخ الأكبر” أو "ملك العرب” كما يحلو لـ”السيسي” أن يناديه تيمنا ببركات الدولار.

اليوم هناك قناعة و وضوح رؤية لدى محور المقاومة عبر عنها سماحة السيد في إطلالته الأخيرة بالقول: " الحل السياسي في سوريا يقوم على مقدمتين اساسيتين: أولا، الاخذ بنتائج الانتخابات والتعاطي على ان الحل السياسي طرفه الرئيس الاسد (به يبدأ ومعه ينتهي). وثانيا، وقف دعم الجماعات التكفيرية بما يساعد على وقف الحرب والقتال في سوريا، لأنه لا يكفي ان تقوم بعض الدول بوضع هذه الجماعات على لائحة الارهاب، لأن هناك دولا في المنطقة والاقليم وضعت وقد تضع هذه الجماعات على لائحة الارهاب ولكنها لا تزال تقدم لها الدعم المالي واللوجستي وغيره”. وهذا هو عين العبث الذي نتحدث عنه.

ما قاله سماحته، مضاف إليه ما قاله الإمام ‘خامنئي” حول السعودية، يبوح بقلق عميق تشعر به القيادة في محور المقاومة، لكنها لا تفصح عنه حتى لا تغذي لدى جمهورها وأنصارها الشعور بالكراهية وحب الإنتقام، فيسقطوا في الفخ من حيث لا يحتسبون، ويتحقق حلم السعودية وإسرائيل بتفجير فتنة مذهبية ساحقة ماحقة تقضي على أية إمكانية لقيام وحدة قيم ومصالح بين مختلف مكونات الأمة.

لأن إحياء "الأمة” في التفكير الإيراني لا يعني إقامة دولة الخليفة أو ولاية الفقيه، لأن هذا النوع من النظام يستحيل أن يقيمه البشر، لأنه يلامس المدينة الفاضلة عند أفلاطون، لذلك قال إبن خلدون في العمران، أن السماء وحدها هي من تستطيع بعث من يقود الأمة ويقيم وحدتها الجغرافية والسياسية والإقتصادية وغيرها. إنما المطلوب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة هو الإلتفاف حول حبل الله المتين، وإتباع الحق، والصبر، وتوحيد القلوب وجمع العقول حول الثوابت والمبادىء والقيم والأخلاق والمصالح.. وهذا كثير إن تحقق بعضه ولو بعد سنين، حينها يخلق الله ما لا تعلمون.

السعوديــة تعلــن الحــرب علـى الشيعــة

وإذا كنا نعرف اليوم بالتجربة، أن الإرهاب لا حض له من النجاح إلا إذا وجد من يدعمه وبيئة حاضنة توفر له الغطاء، فإن العدو الواجب محاربته وفق العقيدة الأمريكية في الحرب على الإرهاب، وطبقا لمقتضيات الدفاع عن النفس سواء في القانون الدولي أو شرائع السماء، هو "السعودية” مصدر الفكر التكفيري وعراب الإرهاب في المنطقة والعالم.

والأمر هنا لا يتعلق بحكم قيمي مجحف أو بتحريض مذهبي مغرض ضد المسلمين سنة وشيعة، بل بضرورة إتخاذ ما يلزم من رد رادع ضد مملكة الخيانة والإجرام الوهابية، لأن الوقائع الخطيرة التي برزت هذا الاسبوع، تحمل أكثر من دلالة حول حقيقة نوايا السعودية تجاه إيران ومحورها في المنطقة، بل والأمة الإسلامية جمعاء.

ذلك أنه في الوقت الذي كان يدور الحديث عن تقارب سعودي إيراني بعد الدعوة المشبوهة التي وجهها "الهزاز” ‘سعود الفيصل” لنظيره ‘محمد ضريف” ورفضتها إيران لمعرفتها أن الأمر لا يعدو أن يكون تسجيل موقف بروتوكولي من قبل الرياض، كانت الأخيرة تحضر في الخفاء لفتنة مذهبية طاحنة لتشعل المنطقة بحرائق لا أول ولا آخر لها.. كيف ذلك؟..

- حاولت حركة إرهابية موالية للسعودية قتل المرشح للرئاسة الأفغانية ‘عبد الله عبد الله” الذي نجى بأعجوبة من تفجير إرهابي بكابول وقتل عدد من حراسه، فنددت طهران بالجريمة، وكأن التنديد سيوقف الإجرام السعودي عند حده.

- الحرب الخبيثة الدائرة ضد "شيعة” باكستان، حيث قتل ما يزيد عن ألف شيعي حتى الآن، في تصفية مذهبية هي الأكثر عنفا ودموية في باكستان. واليوم نفذ صبر هذه الطائفة الكريمة وعلقت صور شهدائها في شوارع حي عباس طاون بكراتشي، وتأجج الغضب فانقلب إلى إنتقام وحرب خفية ضد المتطرفين "السنة”. هذا علما أن الشيعة في باكستان يمثلون 20% من السكان، ويتهمهم "السنة” بأنهم يشوهون الإسلام، وفق زعمهم الذي يغذيه الفكر الوهابي التكفيري. و وفق وكالة الأنباء الفرنسية التي استجوبت شباب شيعة كما شباب من أحزاب أخرى بمن فيهم المنتمون للحزب الشيوعي الباكستاني، فإن الرغبة في الإنتقام لدى شباب الطائفة الشيعية منتشر بشكل مقلق ويزداد يوما بعد يوم.

- خطة شيطانية جهنمية حاولت جماعة "داعش” التي تديرها المخابرات السعودية والتركية والأردنية في العراق تنفيذها في مدينة سامراء يوم الخميس الماضي، حيث كانت المدينة والعالم الإسلامي على موعد مع تهديد خطير بتفجير مرقد الإمامين العسكريين، واللذان يعتبران من المقدسات الشيعية هناك.

ويجمع المراقبون على أنه في حال نجحت "داعش” ونفذت جريمتها، فلن يعود لصوت العقل من مكان، ولتراجع العقلاء إلى الخلف ليحتل الساحات شباب غاضب حاقد ثائر، لن يهدأ قبل أن يروي غليله من دم التكفيريين على إمتداد جغرافية المنطقة، والسعودية لن تنجوا بدورها مما وصف بـ”الإنفجار الكبير”. لكن الله لطف وشائت مشيئته أن يتدخل الجيش العراقي والإرهابيين على مرمى حجر من المرقدين، فأحبط مشروعهم الصهيو – وهابي. وهو التهديد الذي أعاد إلى الأذهان حادثة تفجير مرقد الإمامين التي اندلعت إثره أعمال عنف طائفية أغرقت العراق في حمام الدم، وسقط نتيجته آلاف الأبرياء في العديد من المناطق العراقية.

والسؤال الذي يطرح اليوم بإلحاح هو: – هل من سبيل لإيقاف هذا الجنون السعودي الذي تحول إلى شر مستطير يهدد العرب والمسلمين؟

أم أن الحل يكمن في إشعال جبهات المقاومة ضد "إسرائيل”، لأن فلسطين وحدها هي القادرة على جمع قلوب الأمة إلى قلبها، وتحريرها من الغبن والظلم الذي لحق بها، وفلسطين وحدها هي من ستطيح بعروش الحكام العملاء وكراسي السماسرة الخونة، لتعود الأمة كما كانت، أحسن أمة أخرجت للناس.