على لسان …”أصدقاء سوريا
أحمد الحباسى
يقول السيد جيفرى فيلتمان ، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ، بأن الإدارة الأمريكية تكاد تخسر لبنان و الأردن بعد أن خسرت
سوريا ، في الحقيقة يمثل هذا
التصريح من أكثر التصريحات التي تأتى من داخل "المطبخ ” الأمريكي المتآمر على سوريا انتقادا و عنفا ، علما أن مهمة
الرجل كمساعد للامين العام
للأمم المتحدة هي مهمة استخبارية و هو يمثل ما يسمى بالطابور الخامس داخل أروقة مجلس الأمن ، نفس المهمة التي كان يقوم
بها في لبنان بالتحديد و منطقة
الشرق الأوسط منذ فترة غير قصيرة ، و لان توقيت التصريح مهم ، على اعتبار أنه يأتي بالتزامن مع بداية العملية
الانتخابية الرئاسية السورية و بعد
تلاحق هزائم الجماعات الإرهابية في عدة مناطق إستراتيجية مهمة في سوريا ،
و نهاية لأنه يصدر عن أحد أكثر المسئولين الصهيونيين في الإدارة الأمريكية اهتماما و اطلاعا على خفايا المؤامرة على
سوريا ، فقد نال التصريح
كثيرا من الاهتمام و التعليق في وسائل الإعلام العالمية.
أولا ، لأنه يؤكد شعورا لدى الإدارة الأمريكية بالعجز بعد أن تمكن الرئيس الأسد من الصمود لمدة تناهز 4 سنوات في ظل ظروف اقتصادية و
سياسية و عسكرية سيئة للغاية
، بعد أن كان ” مقررا ” من البداية أن يتم إسقاطه خلال أيام معدودة ، و لعل فشل هذه ” المهلة ” المحددة زمنيا و فشل كل
المحاولات لإنشاء كيان سوري
بديل من ” المعارضة”يحظى بشيء من الإجماع لدى الشعب السوري و عدم قدرة ما يسمى بالجيش السوري الحر في البداية من تحقيق
سيطرة و اختراق على الأرض مما
دفع بالسعودية و قطر إلى الالتجاء إلى الجماعات الإرهابية ، كل هذه العناصر المتداخلة و غيرها يفسر عدول هذه الإدارة
أولا على قرار التدخل عسكريا
ثم القبول بالدخول في حوار مع النظام في جينيف 2 و في النهاية ” القبول” ببقاء الرئيس الأسد و حصول الانتخابات الرئاسية السورية .
ثانيا ، لان التصريح مهم من ناحية كونه و
للمرة الأولى تعلن الإدارة الأمريكية
أنها خسرت سوريا ، أو ما يمثل في العرف العسكري برفع العلم الأبيض ، و ما يعنى في العرف السياسي بأن الحليف الروسي قد انتصر في معركة كسر سياسة القطب الواحد ، و أن حلف المقاومة قد خرج
منتصرا في حرب الإرادات و
مواجهة الهيمنة الأمريكية ، ولان حديث السيد فيلتمان يهم الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة العربية ، فمن المؤكد أنه يعنى
صراحة أن الخسارة الأمريكية
ستكون لها ارتدادات على الوضع الجيو – استراتيجي في الشرق الأوسط ،
و أن عودة الدب الروسي إلى هذه المنطقة الحيوية للاقتصاد العالمي ستعيد توزيع الأوراق خاصة بعد انتخاب الرئيس المصري السيد
عبد الفتاح السيسى .
ثالثا ، لان الجيش السوري قد كسب من هذه
المعركة دروسا عسكرية بالغة الأهمية
من ناحية تمرسه و تفوقه في مواجهة حرب غير كلاسيكية ضد عصابات متنقلة تقوم بالمواجهة داخل الأرض و التضاريس الصعبة
و المختلفة السورية ، يضاف
إليه عنصر مهم للغاية يتمثل في غرفة عمليات مشتركة بين هذا الجيش و عناصر حزب الله مع ما يفترض من خبرات عسكرية إيرانية
مختلفة ، بما يعنى عسكريا
أن هذه الحرب الدموية قد أعطت الفرصة لهذا الحلف للقيام و لأول مرة بالتنسيق العسكري الميداني بعد أن كان هذا الأمر
مستحيلا في السابق لأسباب سياسية
و دولية مختلفة ، بما يعطى الدليل بأن كل الضربات الموجعة التي تلقاها الجيش السوري لم تتمكن من تقويض بنيانه
العسكري في كل المجالات ، بدليل
أن سيطرة هذا الجيش التي مكنت النظام من تنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها رغم شكوك كل وسائل الإعلام الدولية قبل
هذا الموعد .
رابعا ، لان المعركة في سوريا ليست معركة بين الاستبداد و الديمقراطية كما حاول حلف المؤامرة أن يسوق للمتابعين و المهتمين بالشأن
السوري ، بل هي معركة إستراتيجية
صهيونية أمريكية بالأساس تهم السيطرة على القرار العربي لناحية عزل حلف المقاومة و إسقاطه بالقوة دون النظر إلى
مفاهيم القانون الدولي ، ولان
التعويل على الجماعات التكفيرية لا يمكن أن يكون الطريق إلى الديمقراطية فقد فضحت المؤامرة من البداية رغم كل عمليات الشفط و التجميل الإعلامية التي جاءت في خيال فضائيات العار العربية
، و بتوالي سقوط الرؤوس التي
شاركت في تدبير المؤامرة من هيلارى كلينتون إلى حمد القطري مرورا ببندر بن سلطان ، بات من المستحيل نجاح الإرهاب في
إسقاط دولة بمثل قوة الدولة
السورية .
خامسا ، لأنه للمرة الأولى تعجز الولايات
المتحدة في استعمال
” سلاح” مجلس الأمن ضد دولة عربية بعد أن أسقطت روسيا باستعمالها لحق الفيتو فيما لا يقل عن 4 مرات هذا ” الاحتكار ”
الأمريكي للمنظومة الدولية
، هذه السابقة التاريخية تختزل معان كثيرة من بينها أهمية سوريا في المنطقة ، القرار الروسي بالعودة إلى المنطقة
العربية و كسر سياسة القطب الواحد
نهائيا ، قوة و تماسك حلف المقاومة و قدرته على فرض نفسه كمعادلة دولية يصعب تجاوزها ، تراجع الدور الأمريكي الصهيوني
في معادلة الصراع العربي
الصهيوني خاصة بعد سقوط نظام الرئيس حسنى مبارك و فشل "الدور” التركي
كبديل للدور المصري .
يبقى أن السيد فيلتمان قد أخطأ كعادة الساسة الأمريكان في فهم بعض الوقائع لان الإدارة
الأمريكية قد خسرت فعلا لبنان
بعد تراجع الدور السعودي و حلفاءه في لبنان نتيجة قوة حزب الله و انعكاسات انتصار مدينة القصير السورية ، و لعل عجز
السعودية على "تمرير ” القاتل و الإرهابي
سمير جعجع رئيسا في لبنان هو انعكاس لتراجع التواجد الإرهابي السعودي في سوريا ، و الذين يتابعون المشهد العربي يعلمون أن انتخاب الرئيس الأسد مجددا سيشكل بداية عودة النفوذ
السوري في لبنان وصداعا لكل المتعاونين
مع الاحتلال الأمريكي الصهيوني بما فيهم الأردن التي تشكل أحد أعمدة المؤامرة القذرة على سوريا و التي بات إسقاط نظامها أولوية قصوى في ذهن حلف المقاومة بكل عناوينه الشعبية و الرسمية..