kayhan.ir

رمز الخبر: 96439
تأريخ النشر : 2019June24 - 20:58

حروب الجيل الخامسة العلوم بدلاً من العسكر تعاظم الصين وروسيا وايران وتقهقر الامريكان!





محمد صادق الحسيني

كل المؤشرات المعلوماتية تفيد بان الصين تسيطر على عالم الإنترنت والمعادن النادره في العالم

وان ثمة استراتيجية صينية شاملة تتقدم للعالم

يقابلها تخبط اميركي وانعدام استراتيجية مستقبلية

والمعلوم تاريخياً ان الولايات المتحدة ، خاصة بعد دخولها الحرب العالمية الأولى ، وانتصار تحالفها ( فرنسا وبريطانيا ) على تحالف دول المحور ( المانيا والإمبراطورية العثمانية ) ، قد عملت على توسيع وتعزيز هيمنتها الاستعمارية ، داخليا وخارجياً ، بقوة السلاح طبعاً وليس بقوة المعرفة والعلوم ...!

وعلى الرغم من تحقيقها نجاحا نسبياً في تعزيز سيطرتها على القارة الاوروبية ، الا ان حدوث الازمة الاقتصادية ، او دعنا نسميها بالانهيار الاقتصادي الدولي عام ١٩٢٩ ، وما ترتب على ذلك من انحسار للإمكانيات المالية والاقتصادية الاميركية ، نتيجة للازمة ، ثم وصول الحزب النازي الألماني الى السلطة وسيطرة أودلف هتلر على الحكم في المانيا ، عبر انتخابات برلمانية وتحالفات حزبية معقدة ، وقيادتة المانيا الى حرب عالمية جديدة دخلتها الولايات المتحدة وهي مصممة على استكمال سيطرتها على أوروبا تمهيدا لفرض سيطرتها على العالم .

فقد كانت اداة السيطرة الاميركية ، انذاك كما اليوم ، هي القوة العسكرية الجبارة . وكان اوج استعراض واشنطن لهذه القوة قد تمظهر بشكل صارخ عندما قامت بقصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النوويه في شهر آب ١٩٤٩ . الامر الذي رفع الولايات المتحدة الى مرتبة الأقوى عسكريا واقتصاديا في العالم .

لكن ذلك لم يدم طويلاً فبعد نجاح الاتحاد السوفييتي في تصنيع القنبلة النووية ، وإجراء تجربته النووية الاولى بتاريخ ٢٩/٨/١٩٤٩ ، سرعان ما انكسر هذا الاحتكار النووي الاميركي وبدأ ، رويداً رويداً يتراجع ، الى ان نشأ توازن ردع في العلاقات الدولية على صعيد العالم ، تجلى بشكل واضح وقوي في اجبار قوات الاحتلال ، البريطاني الفرنسي الاسرائيلي عام ١٩٥٦ /١٩٥٧ ، لسيناء على الانسحاب منها ، اثر الموقف الصارم الذي اتخذه زعيم الاتحاد السوفيتي انذاك ، نيكيتا خروتشوف ، في مجلس الامن الدولي .

ولكن عناصر الردع والقوة الاميركية ، التي اعتمدت أساساً وقبل كل شيء على قوة السلاح ، بدأت بالتآكل ، اكثر فاكثر ، اثر المتغيرات الجذرية التي شهدتها ميادين الصراع الدولية ، وعلى كافة الصعد ، الاقتصادية والسياسية والعلمية والعسكرية ، الامر الذي ادى ليس فقط الى كسر احتكار الولايات المتحدة لمحاولات السيطرة على العالم ومقدرات شعوبه ، وانما الى دخولها في مرحلة تراجع تدريجي مستمر ، سواءً على الصعيد الاقتصادي او السياسي ( تراجع تأثيرها السياسي في العالم ) او العسكري والعلمي( المعرفي) قبل كل شيء .

هذا التراجع العلمي والمعرفي ، الذي يعبر عن نفسه من خلال الحروب الاقتصادية وسياسة العقوبات التي يفرضها ترامب على العديد من الدول ، والتي تشهد ايران أكثرها صرامة ، بينما تشهد الصين أكثرها اتساعاً ، من ناحية الحجم المالي ، نقول ان هذا التعبير او التجلي لهذا التراجع قد ادى الى إضعاف قدرة الصناعات والشركات الاميركية على المنافسة بسبب قلة الاستثمار في قطاعي ا لعلم (المعرفة) والبحث العلمي اولا وبسبب التغير الذي شهدته مختلف قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والمال والأعمال خلال العقدين الماضيين .

هذا التغيير الذي وضعنا في بداية ثورة صناعية جديدة يطلق عليها اسم الثورة الرقمية ، او ثورة الإنترنت ، والتي سوف تغير كل مجالات الحياة البشرية ، سواءً كانت صناعية او اقتصادية او سياسية او اجتماعية او غير ذلك .

و هذه الثورة لا تعتمد على قوة السلاح ، والتهديد باستخدامه لاسقاط دول ذات سيادة واحتلال أراضيها، بل تعتمد على تكنولوجيا الإنترنت الفائقة السرعة والتي يتم تشغيلها بالاعتماد على تقنية تسمى تقنية الجيل الخامس ( G 5 ) ، والتي لا تعتمد ابداً على تقنية الولايات المتحدة وانما وقبل كل شيء على تقنيات صينية ، تعتبر شركة هواوي هي الرائدة في صناعتها ، الامر الذي جعل الرئيس الاميركي يشن حربا عالمية عليها وعلى خمسة من أخواتها الصينيات اللواتي ستخضع للعقوبات والمقاطعة الاميركية اعتباراً من يوم الاثنين ٢٤/٦/٢٠١٩ .

و اذا ما تفحصنا بعض جوانب هذه الحرب المجنونه ، التي تشنها الولايات المتحدة على عمالقة احدث تكنولوجيا الاتصالات في العالم الا وهي هواوي واخواتها، فاننا سنكتشف بسرعة الإنترنت الصينية الفائقة السرعة ان هذه الحرب خاسرة بلا جدال وان لا طائل من ورائها مطلقا وذلك لسبب بسيط جداً ، الا وهو ان الشركات الاميركية والتكنولوجيا التي تنتجها ، في قطاع الاتصالات وتقنياتها ، لا يمكنها منافسة المنتج الصيني الاكثر تقدما والأقل كلفة .

اما دليلنا على عدم قدرة الولايات المتحدة على منافسة الصين ، في قطاع الاتصالات بشكل خاص وفِي غيره من القطاعات الصناعية بشكل عام ، فهو ما يلي :

1. ان تكنولوجيا الجيل الخامس الصينية للإنترنت اكثر تطوراً من التكنولوجيا الاميركية ، كما ان خدمات الشركات الصينية التي تصنع وتدير هذه التكنولوجيا ، مثل شركة هواوي وشركة هينغ تونغ ، افضل بكثير من نظيراتها الاميركيات ، حسب مركز Rethink Research الاميركي . وهو ما يعلل قيام العديد من الدول الاوروبيه ، وعلى رأسها المانيا وبريطانيا ، بأن تعهَدَ لشركة هواوي ببناء شبكة الإنترنت من الجيل الخامس في أراضيها ، وليس لشركات اميركية .

2. عدم وجود خطة تطوير تقني / تجاري / اميركية استراتيجية شاملة ، سواء في قطاع الاتصالات او بقية القطاعات الانتاجية والخدماتية ، بينما لدى الصين خططا واضحة ودقيقة تعتمد على الاستثمار البعيد المدى في البنى التحتية ذات العلاقة مع المواضيع المذكورة اعلاه . وهو ما يعني المزيد من التطور والتقدم وازدياد القدرة على المنافسة القوية في الاسواق الدولية .

3. وانطلاقا من الخطة الاستراتيجية الشاملة للصين ، في تطوير صناعة التكنولوجيا الحديثة وتعميم الفائدة التجارية من هذا التطوير على الكثير من الامم ، فقد قامت الصين بطرح مشروع الحزام والطريق ، الذي يعتمد مبدأ تطوير البنى التحتية ، في سبعين دولة حتى الآن ، في قطاعات الصناعة والنقل والاتصالات والتجارة ، بدلاً من استخدام القوه في التعامل بين الدول . اَي مبدأ التعاون والتكامل بدل شن الحروب الاقتصاديه والعسكريه وفرض العقوبات على عشرات الدول ، كما تفعل الولايات المتحده حالياً .

4. وبالنظر الى مشروع الحزام والطريق ، الذي يعيش في الدول المشاركة فيه حتى الآن ٦٥ ٪؜ من سكان العالم ويقومون بإنتاج ٤٠٪؜ من الانتاج في العالم ، فان ذلك يعني وجود سوق هائلة للبضائع الصينية ، وعلى رأسها تكنولوجيا الإنترنت اللاسلكي الفائق السرعة ، ما يعني سيطرة الصين على قطاع خدمات الإنترنت في العالم ، التي ستصبح ، خلال سنوات قليلة ، وسيلة التواصل الرئيسية بين اكثر من عشرين مليار شخص وآلة او شئ ( هناك مسمى جديد يطلق عليه اسم : إنترنت الآلات . اَي ان الآلات من سيارات وطائرات وغيرها من الآلات الصناعية سوف تتبادل المعلومات في ما بينها دون تدخل بشري ) .

وغني عن القول طبعاً ان شركات صناعة تكنولوجيا وخدمات الإنترنت الاميركية لن يكون لديها اَي فرصة لدخول أسواق تلك الدول ، الأعضاء في مشروع الطريق والحزام ، من دون حتى اللجوء الى اجراءات عقابية

او حمائية ، من قبل تلك الدول ، وانما بسبب التفوق التقني للشركات الصينية وقدرتها الهائلة على المنافسة ، لما تتمتع به من تفوق علمي ينتج تفوقاً تقنياً

، وليس بسبب الأيدي العاملة الصينية الأقل كلفة من الأيدي العاملة الاميركية فقط .

5. انطلاقا من كل ما تقدم ، حول اهمية التفوق التقني والصناعات التكنولوجية ، في مجال الإنترنت اللاسلكي الفائق السرعة ، يبدو واضحا ان المواجهة الدولية ، التي نعيش مشاهدها في الكثير من بقاع العالم ، كالشرق الاوسط ومنطقة البحر الأسود /. القرم واكرانيا / وبحر الصين الجنوبي والبحار الاخرى ، وصولا الى القارتين الافريقية والامريكية الجنوبية ، لن يتم حسمها الا لصالح روسيا والصين ، وبالتالي لصالح القوى الدولية الساعة الى انهاءً السيطرة والهيمنة الاميركيه الاحادية الجانب في العالم ، وذلك لأن الانتصار في الحروب لم يعد يعتمد على استخدام القوة المسلحة فقط وانما على استخدام العلم كقاعدة للتفوق على القوة بواسطة ابطال مفعولها .

وكما لاحظنا قبل ايّام قليلة فقط فانه لم يكن بإمكان ايران ان تسقط طائرة التجسس الاميركية الاحدث في العالم لو ان ايران لم تكن تملك العقول العلمية والهندسية والقاعدة الصناعية لانتاج الصواريخ المضادة للطائرات بالمواصفات التي عرفها العالم عبر الصاروخ الايراني الذي اسقط هذه الطائرة .

6. وهذا بالضبط هو ما دفع مستشار الامن الوطني البريطاني ، مارك سيدويل Mark Sedwill ، لإبلاغ البرلمان البريطاني ، خلال جلسة استماع سنة ٢٠١٧ ، بان اَي هجوم إلكتروني على احد كوابل الإنترنت البحرية البريطانية او على احدى محطات التحويل الخاصة بالإنترنت والمسماة تيرمنال Terminal ، اَي محطة ، والموجودة تحت البحر ، يشبه قصف محطات الكهرباء والموانئ البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية .

ما يعني ان التقدم الهائل الذي حققته الصناعات التكنولوجية الفائقة الحداثة لم يعطِ الصين ميزة خلق نظام دفاع إلكتروني / سايبري / فعال للغاية فحسب ، وانما نقلها الى مرحلة الدفاع الهجومي الرادع تماما لاي عدوان محتمل ، وذلك من خلال السلاح الصيني المخيف ، الذي كشف عنه مؤخراً والمتمثل في المدفع الكهرومغناطيسي ،والمسمى بالانجليزية Electromagnetic Railgun ، وهو محمول على سفينة إنزال من فئة 072ll - Yuting - Class ، اسمها هايانغشان ( Haiyangshan ) ويطلق قذائف تفوق سرعتها سرعة الصوت بخمس مرات . علما ان باستطاعة هذا المدفع ، الذي سيدخل الخدمة الميدانية في الجيش الصيني عام ٢٠٢٣ ، ان يطلق قذائف كهرومغناطيسية قاتلة يصل مداها الى مائتي كيلومتر .

اذن فهي الثوره الرقمية والتكنولوجيا المرتبطة بها هي التي ستضع حداً للهيمنة الاميركية على مقدرات العالم والتي ستحول التقاتل الى تعاون منتج على قاعدة الاحترام المتبادل لاستقلال الدول والشعوب وسيادتها على أراضيها .

عالم يأفل نجمه ويتصدع رغم تقدمه العسكري

فيما عالم ينهض ويتعالى بالعلوم رغم حجم تسليحه الاقل

والفضل في ذلك للثورة المعرفية

والعلمية

هو الله عالم الغيب والشهادة

بعدنا طيبين قولوا الله