kayhan.ir

رمز الخبر: 34258
تأريخ النشر : 2016February14 - 01:28

تونس … ثورة ناجحة أم طُعُم

يونس أحمد الناصر

يعرف صيادي الأسماك بأنك تحتاج إلى طُعُم لاصطياد الأسماك الكبيرة..هذا هو ما حدث كما اعتقد في تونس منذ بداية ما يسمونه الربيع العربي.

وقع الاختيار على تونس لتكون طعما اصطياد غيرها من البلدان العربية الأخرى و تصوير على أن ما حدث في تونس هو نجاح للثورة البيضاء التي أطاحت بنظامها السياسي خلال أيام إن لم نقل ساعات غادر بعدها رئيس البلاد إلى منفاه في السعودية ( قائدة ثورات الربيع العربي ) مع اتهامات له بسرقة مليارات الدولارات و فساد عائلته ووو .. الخ

أين هي المليارات التي تحدثوا عنها و هل عادت للتوانسة و لماذا استقبلته السعودية إن كان سارقاً ؟؟ و لماذا لم تقم عليه الحد بقطع اليد ؟؟

فالسعودية أمنت له و لعائلته الإقامة في قصور ملكية ربما لم يكن يعيشها في بلده الأصلي تونس.

المطلوب إذا ليس تونس , و ليس الثورة , إنما التسويق لما حدث في تونس على أنه ثورة ناجحة يمكن للشعوب العربية الأخرى الحذو حذوها و تغيير أنظمتها بسلاسة و هدوء كثورة ( الياسمين ) التونسية .

و تم تصدير ( الثورة الوهابية ) إلى الجارة القريبة ليبيا و التي غرقت في بحور الدماء وعوضاً عن مئات المليارات التي تم الترويج بأن الرئيس القذافي قد سرقها, و لم يعرف أحداً إلى اليوم مصيرها , فقد تم نهب كل مقدرات ليبيا من النفط وموجودات المصارف و مستودعات الجيش الليبي من قبل العصابات الوهابية و أسيادهم الأمريكان , و برز الوجه القبيح لتيارات الإسلام السياسي التي أعدمت الرئيس القذافي و عدد من أبنائه و الكثير من قيادات الحكومة الليبية , و الثوار الوهابيين الذين اتهمهم القذافي بأنهم يتعاطون المخدرات و حبوب الهلوسة أدرك العرب متأخرين بأن ما يقوله القذافي هو عين الحقيقة .

مصر أيضاً طالها الحريق الوهابي و فر الإسلاميون من سجون النظام السابق ليصل أحدهم و هو مرسي العياط الهارب من سجنه إلى الحكم في مصر العزيزة ليكون أسوأ نموذج لحكم الإسلام السياسي , و أيضاً مئات المليارات التي تم اتهام الرئيس حسني مبارك و أبنائه بسرقتها لم يعرف المصريون إلى اليوم مصيرها , و هل هي حقيقة أم كذبة من كذبات الربيع العربي التي صنعتها و روجتها الجزيرة القطرية و العربية السعودية , لتأجيج مشاعر الغضب عند المصريين و تتعامى هذه القنوات عن السرقات الحقيقية لبني سعود و آل ثاني لثروات العرب النفطية .

اكتشف المصريون متأخرين الخديعة الكبرى التي وقعوا بها و قامت ما يسمونها الثورة المضادة على الإسلاميين و لكن هيهات هيهات فالفيروس الوهابي القاتل قد دخل الجسد المصري و الذي نرجو له التعافي قريبا من هذا المرض الخبيث و الذي تتعامى القيادة المصرية الحالية عنه و تربط أمنها القومي بأمن الخليج الوهابي في خطأ تاريخي قاتل, وعلى طريقة أحجار الدومينو حاول الوهابيون إسقاط النظام في اليمن فاشتعل اليمن شمالاً و جنوباً و تم حرق الرئيس صالح بنيران الحقد الوهابي وخروجه للسعودية للعلاج , ليتم خلالها ترتيب المشهد اليمني وفقاً للرغبة الوهابية لمجلس التعاون الخليجي التي فرضت في اتفاق الرياض عميلها عبد ربه منصور هادي رئيساً لليمن و عملت على إذكاء روح الطائفية البغيضة و تحريض مكونات المجتمع اليمني بعضها على بعض و إمداد اليمنيين الموالين للسعودية بالسلاح و المرتزقة , و ليس أخيراً بما سمُّوه عاصفة الحزم الجوية لدعم أنصار السعودية الوهابيين في اليمن ضد أبناء جلدتهم الذين رفضوا التدخل الوهابي في بلدهم و محاولة إخضاع اليمن للهيمنة الخليجية و لا زالت النار الوهابية تشتعل في اليمن لتفتك بأطفال اليمن و بنيته التحتية التي بناها عبر السنين.

و هكذا بدأت تخبو جذوة ما دعوه ثورات الشعوب ضد حكامها لتظهر حركة مقاومة لهذا المخطط الخبيث سواء في الدول التي أحرقها ثوار الناتو أو المرشحة للحريق كما حدث في سورية , فقد أدرك السوريون ما يحاك لبلدهم ووقف الجيش الوطني بمواجهة ثوار الناتو الوهابيون و أسقط السوريون الدعاية الإعلامية التي تبثها وسائل إعلام العدو و فندت حججهم و أكاذيبهم فوقفوا مع جيشهم للدفاع عن سورية و لم ييأس المراهنون على إسقاط سورية لسبب جوهري بأن صمود سورية هو انهيار لمشروعهم التآمري بالكامل فالصمود السوري برهن للعرب و العالم بأن ما يحدث ليس ثورات شعوب إنما هو مؤامرة خارجية تستهدف الأنظمة الجمهورية التي تطور نظامها السياسي عن الأنظمة الأوليغارشية في محميات الخليج و شعوب هذه الجمهوريات تطورت علميا و سياسيا بما يهدد مصالح الدول الاستعمارية في المنطقة و لكن الصمود السوري دمر مخططاتهم و قلب أحلامهم رأساً على عقب و كلما ازدادت محاولاتهم بتحقيق أي اختراق زاد صمود سورية و مقاومتها و ما حسبوه ممكن التحقيق ببضع مليارات من الدولارات أرهق خزائنهم بمئات مليارات الدولارات كما أحرق مرتزقتهم الذين زجوا بهم بمئات الآلاف من كل أصقاع الدنيا و ها هو الجيش السوري اليوم و بعد خمسة أعوام من العدوان على سورية لا زال قويا و هم الذين راهنوا على انهياره و يكنس ما تبقى من فلولهم على الأرض السورية بما يشبه المعجزة بمساعدة قوية و مشكورة من حلفاء سورية الأقوياء روسيا و إيران و شركائنا بالدم و المصير أخوتنا بالمقاومة الوطنية اللبنانية.

الانتصار السوري الذي ارتسمت ملامحه أقر به الأعداء مرغمين ما دفعهم للتفكير مجددا بالعودة إلى المربع الأول و أعني تونس الحبيبة ليحرقوا هذا البلد مجددا باستعمال أدواتهم من الإسلام السياسي و ما سموه ثورة بيضاء في تونس في بدايات ربيع نتنياهو ستعيد إغراق هذا البلد بالدم مجدداً و البحث عن دول أخرى على الأجندة الصهيوأمريكي