خان شيخون ترسم معادلات المنطقة
ناصر قنديل
– مع دخول الجيش السوري إلى خان شيخون الذي بدأت بشائره باعتراف الأطراف المعادية للدولة السورية بحجم الإنجاز المحقق في الميدان، تكون صفحة محورية في معادلات المنطقة قد كتبت وفقاً لمشيئة سورية والمقاومة وروسيا وإيران ببسط سلطة الدولة السورية على كامل ترابها حتى الحدود التي كانت عليها قبل أعوام. والأكيد الذي تقوله كل ساحات الاشتباك من مياه الخليج الفارسي والبر اليمني مروراً بالعراق وفلسطين ولبنان أن لا مجال لتغيير في خريطة الجغرافيا العسكرية بين محوري المواجهة إلا في سورية، محور سورية وحلفائها ومقابله محور واشنطن وجماعاتها من حكام الخليج الفارسي الذين يموّلون جبهة النصرة وأخواتها إلى كيان الاحتلال الذي قدّم كل مؤازرة نارية ممكنة لإشغال الجيش السوري وأصدر التهديدات لإرباك الحلفاء، وانتهاء بتركيا التي راهنت على جبهة النصرة أملاً بتشريع وجودها العسكري في محافظة إدلب كخيار وحيد.
– الأميركي الذي ألغى الاتفاق النووي مع إيران كرمى لعيون أمن كيان الاحتلال، ووضع تمركزه في سورية في كفة موازية للوجود الإيراني والمقاوم عارضاً المقايضة بينهما في كل لحظة، كان يدرك بقوة أن لا أمل من حرب يهدّد بخوضها على إيران، ومثله كان يدرك كل المحور الذي يعمل تحت مظلته أن الكلمة الفصل ستقولها معارك سورية، ومفتاح رسم معادلاتها في خان شيخون، فأمن كيان الاحتلال كشرط لتسويات حروب المنطقة يتقرّر هناك. وقد قال أنصار الله إن لا جدوى من الرهان على لعبة الشد والجذب في الخليج الفارسي. وقالت إيران إن الملاحة النفطية بيدها ومستقبل الملف النووي بيدها والعقوبات لا ترهبها. وقالت المقاومة في فلسطين وفي لبنان إن لا أحد يشتري عروض التحييد لقاء الترغيب، ولا أحد يخشى التهديد، وصارت كل الأنظار تتجه نحو ما سيجري على جبهات القتال حيث الفرصة الوحيدة لإنتاج توازنات جديدة.
– راهن الأميركيون على جبهة النصرة وأخواتها، لأنهم يرون خصوصية في معركة إدلب لا تتوافر لما قبلها ما يجعل مهمة الجيش السوري برأيهم معقدة إلى حد الاستحالة، ومثلهم راهن الأتراك وراهن الإسرائيليون ومعهم حكام الخليج الفارسي وفعل كل منهم ما يملك أن يفعله لجعل الرهان ممكناً. وبالمقابل كان قرار لا رهان، قرار سوري أصلاً، لكنه واثق من صدق دعم الحليف الروسي ومن ثبات إيران وقوى المقاومة معه في قراره. والقرار أن خان شيخون ستكون في عهدة الجيش السوري والحرب ستقول الكلمة الفصل، وإن العوامل الحاسمة في المعارك السابقة ستبقى حاسمة في معارك إدلب، ولا تعترف بالخصوصية إلا باعتماد تكتيكات تناسبها، لكن الدولة السورية بقوة ما تمثل من أمل للسوريين ومن موقع في خريطة القوة للحلفاء، تملك أسباب النصر.
– خان شيخون تشكل عقدة الوصل والفصل في مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية وتحريرها فاتحة لتهاوي حجارة الدومينو عسكرياً، لكنه سياسياً سيحمل الكثير من الغييرات في سورية أولاً وفي الخليج الفارسي أيضاً وفي فلسطين وفي لبنان وفي العراق، كما كل معركة فاصلة في تاريخ الحرب على سورية من القصير إلى القلمون فحلب وصولاً إلى دير الزور والبوكمال والبداية والغوطة ودرعا.