"استهداف حقل الشيبة النفطي".. الرسائل والدلالات!!!
اسماعيل المحاقري
في عملية هي الأكبر من نوعها على العمق السعودي لناحية اختيار الهدف ووسيلة الردع كما ونوعا نفذ سلاح الجو المسيّر عملية هجومية بعشر طائرات مسيرة على حقل ومصفاة الشيبة التابع لشركة أرامكو جنوب شرق المملكة بمسافة تزيد عن 1100كم مربع قرب الحدود مع الإمارات وتوعد بعمليات اوسع وأكبر في حال استمر العدوان والحصار.
"عملية توازن الردع" كما أطلق عليها تحمل دلائل ورسائل عدة ولأكثر من جهة إقليمية ودولية لكن تبقى رسائلها المباشرة العلامة الفارقة لصورة المملكة المهزوزة وموقفها المترنح على وقع الإخفاقات أمام الرأي العام على كل المستويات لتعميقها المخاوف بشأن أمن مرافق الطاقة في الشرق الأوسط وكشفها عن مواطن الضعف السعودية في الدفاع عن نفسها إذ كيف لسرب من الطائرات المسيرة أن تحط بحمولتها المتفجرة في حقل الشيبة وقبلها في الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض دون أن ترصدها أحدث أجهزة الرادارات في العالم وهذا بالضرورة يدحض مزاعم اعتراض المملكة لهذا النوع من الطائرات في المراحل السابقة وفي قادم الأيام ايضا.
واستنادا الى ذلك فالسعودية لم تفشل طيلة الأعوام الماضية في إخضاع الشعب اليمني وتدمير قدراته الدفاعية والحد من ابداعاته على صعيد التطوير والتصنيع العسكري رغم ما استخدمته من أسلحة ووفرته من مال وغطاء إقليمي ودولي وحسب بل أضحت ساحتها مكشوفة تماما لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وتحت مرأى ومسمع من حلفائها الأقربون منهم والأبعدون.
فشل سيجعل منها ـ المملكة ـ في قادم الأيام عرضة للاستهداف اليومي وبيئة طاردة للاستثمار ولو اعتبر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في معرض اقراره بعملية قصف حقل الشيبة "أن استهداف المنشآت الحيوية في بلاده يشكل تهديدا للاقتصاد العالمي واستهدافا لإمدادات الطاقة للعالم ذلك لن يمنع عنها أو يجبنها الضربات والهجمات.
وبحسابات الربح والخسارة فشركات الاستثمار داخل المملكة وكل الدول المستوردة للنفط السعودي تشعر بالقلق من قدرات يمنية قد تتجاوز الرسائل التحذيرية إلى هجمات تدميرية إذا ما اندلعت نيرانها في حقول وخزانات النفط العملاقة ليس من السهولة تطويقها والتنبؤ بأضرارها وتداعياتها وبالتالي لن يجد ترامب ضرعا يحلب منه ولا بضاعة يروج لها ففاقد الشيء لا يعطيه والمتغطي بأمريكا عريان.
العملية أيضا وان كان نطاقها الجغرافي بأراضي المملكة إلا أن صداها العسكري والسياسي وصل إلى الإمارات كون حقل الشيبة المستهدف يبعد حوالي 10 كيلومترات عن الحدود الجنوبية لأبو ظبي ويبعد 40 كم عن الجزء الشرقي للواحة الأكبر في الجزيرة العربية والمدخل إلى الربع الخالي ما يعني أن استهداف وضرب المنشآت الحيوية الإماراتية وارد في أي لحظة إذا لم تسرع الأخيرة من عملية انسحابها من اليمن وتكف عن مشاغباتها جنوبا وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية بما يمس وحدة اليمن ويهدد أمنه واستقلاله.
ولجهة اختيار الهدف فثمة ما يشير إلى احتمالية أن ينكئ الهجوم على حقل الشيبة الجراح ويعزز الشرخ القائم في العلاقات بين قطبي تحالف العدوان على اليمن كون هذا الحقل متنازع عليه بين السعودية والإمارات التي تتمسك بحق الملكية مستندة إلى خرائط ومستندات تقول إنها رسمية.
وبحسب نص الإتفاقية الموقعة بين الدولتين بشأن حقل الشيبة، تدعي الإمارات بأن هذا الحقل الذي ينتج حاليا مليون برميل يوميا يقع ما نسبته 80% ضمن أراضيها وتملك الحق في تطويره والاستفادة من انتاجه النفطي بشكل كامل وللسعودية تاريخ سيء في الاستئثار بثروات الدول المجاورة واليمن ليست استثناء..
تصاعد الخط البياني لقدرات الردع اليمنية في العمق السعودي كذلك لا يسقط وهم الباتريوت والحماية الأمريكية ويعزز قناعة المجتمع الدولي باستحالة حسم السعودية للمعركة عسكريا وحسب بل يضع الرياض ومعها أبو ظبي أمام فرصة جديدة لمراجعة الحسابات والقرارات المتعلقة باستمرار العدوان والحصار على الشعب اليمني بعيدا عن المساعي المكشوفة لصناعة مفردات حرب داخلية تحت عناوين مناطقية وطائفية ستفشل حتما كما فشلت محاولات عزل اليمن عن محيطه العربي والإسلامي.
وفي هذا السياق وفي الوقت الذي يعيش تحالف العدوان حالة من الوهن والضعف والتضعضع لتضارب المصالح وتباين أجندات الأقطاب والادوات كسر اليمن بصموده الشعبي وقدراته العسكرية موازين القوى وحرك الجمود في العلاقات المفروضة عليه وأعاد بالتمثيل الدبلوماسي مع إيران فتح آفاقا جديدة أمام كل الدول التي تريد وترغب في عودة علاقاتها الرسمية معه على أساس الاحترام المتبادل والمصالح والقضايا المشتركة في إطار التحولات الكبيرة التي يشهدها البلد وأوصلته إلى مستوى التأثير الاقليمي استنادا إلى إرثه الحضاري وموقفه المبدأي من الهيمنة الامريكية وقضايا الأمة المركزية إضافة إلى موقعه الجغرافي الذي يجعل منه لاعبا اساسيا في المنطقة ويعطيه القدرة على التحكم بمدخل أحد أهم المعابر المائية في العالم وذلك لن يتعزز إلا باستكمال معركة التحرر والاستقلال.