معركة ادلب وحماه: رسم الخطوط على إيقاع الدولة السورية
حسين مرتضى
معركة ارياف حماة وادلب تحجز مكانها المتقدم في الترقبات الميدانية والسياسية. انجازات عسكرية يحققها الجيش السوري توازي مساحة الاشتباك الاقليمي والدولي حول الشمال السوري، في الوقت الذي يحصد فيه الجيش والحلفاء نقاطا عديدة، على مستوى البعد الاستراتيجي، ويرفع منسوب الهزيمة لدى المجموعات الارهابية والدول الداعمة لها.
الانجازات العسكرية التي يحققها الجيش السوري فتحت الباب واسعا امامه نحو ادلب وريفها، وصار سهلاً عليه إبعاد خطر المجموعات الارهابية عن القرى الامنة والمدنيين، في الوقت الذي يهدد فيه جبهة النصرة في اهم معاقلها في الريف الشمالي لحماة، ويفرض عليها التراجع الى حدود اشتباك يضيق المساحات الجغرافية امامها، حيث تقدم الجيش السوري وسيطر على تل سكيك جنوب إدلب على الحدود الإدارية مع محافظة حماة من الجهة الشمالية الشرقية، بعد عمليات عسكرية وصلت مؤخرا الى مشارف بلدة الهبيط بريف ادلب الجنوبي وذلك بعد سيطرته على قرية الصخرة وتلتها الاستراتيجية ومنطقة الصوامع، بالتوازي مع استمرار المعارك على محور اللطامنة كفر زيتا، بعد وصول وحدات الجيش وتطيهرها لبلدة الزكاة، والتي دخلها لاول مرة منذ سبع سنوات، ما سمح له بالاشراف الناري على الطريق الواصل بين البلدتين، واللتين تعتبران المعقل الرئيس لجبهة النصرة في ريف حماة الشمالي.
العمليات العسكرية المستمرة في ريف حماة الشمالي وريف ادلب الجنوبي، تجعل عين الجيش السوري على كفر زيتا، التي امسى تحريرها من المجموعات الارهابية قاب قوسين او ادنى، خصوصا مع الانباء الواردة من هناك عن فرار عشرات الارهابيين مع عائلاتهم، بعد اقتحام الجيش لبلدة الزكاة التي بدأت تتساقط بعدها بلدات ريف حماة الشمالي، حيث وضع التقدم بعد الزكاة الجيش بالقرب من تل يعرون، وهو التل الذي يشرف على الطريق الواصل بين بلدتي اللطمانة وكفر زيتا، وبذلك اصبح الجيش السوري يبعد حوالي 2 كيلو متر فقط عن هذا الطريق، ليستمر الجيش بالتقدم حيث اندفعت الوحدات بعد بلدة الزكاة نحو الاربعين ومن ثم بلدة تل الصخر وتلتها الاستراتيجية وصوامع الحبوب في تلك المنطقة. بالطبع ايضا جاءت السيطرة على بلدة الاربعين لتعزز من تقدم الجيش، وذلك بعد ان وصل الى مشارف منطقة عميقة ومحصنة تستخدمها المجموعات الارهابية، وهي وادي عنز، وبعدها السيطرة على تل الصخر التي جعلت وحدات المشاة المتقدمة تلامس جبهة بلدة الهبيط من الجهة الجنوبية، لتصبح وحدات الجيش تتمركز جنوب وجنوب غرب بلدة الهبيط في ريف ادلب، من جهة بلدة تل الصخر ، وعلى الجبهة الغربية مع اللطامنة وكفر زيتا، من جهة بلدة الزكاة والاربعين.
التكتيك العسكري الذي يستخدمه الجيش السوري في هذه المرحلة، يعتمد على عزل القرى بعضها عن بعض، من خلال قطع التواصل الجغرافي فيما بينها والسيطرة النارية على طرق الامداد والتحرك والاخلاء، ومن ثم انطلاق مجموعات مدربة على الاقتحام للتعامل مع كل بلدة بشكل منفرد، ليهدد بذلك اكبر معاقل جبهة النصرة ويجعلها كجزر معزولة عن اي دعم قادم من تركيا، او من المناطق الاخرى، وبذلك يكون قد انجز بشكل استراتيجي فتح الباب واسعا نحو بلدات ادلب، بعد ضرب الارهاب في معاقله الرئيسية في الزكاة والاربعين واللطامنة ومورك وكفرزيتا، ما يعني ان الجيش السوري يقترب من وضع جميع قرى ريف حماة الشمالي التي يتواجد فيها الارهابيون في طوق محكم، يسهل تحريرها.
الانجازات العسكرية التي يحققها الجيش السوري، جعلت التهديدات التركية تتدحرج نحو الفشل، بعد ان ضيق الجيش مساحة الميدان العسكري الذي تتواجد فيه المجموعات المرتبطة بالتركي الى حد الاختناق، وتشكل هذه المرحلة رسائل مهمة للتركي وسواه من دول الاقليم، ان المراوغة التركية لن تجدي، وان النتائج الايجابية من هذه المعارك سوف يحصد ثمارها قريباً ومنها فتح الطريق الدولي الواصل بين حلب وحماة ودمشق، اي تطبيق تفاهمات محادثات استانا، وهذا سيؤسس لمرحلة عمليات عسكرية قادمة، توضح للجميع ان تواجد المجموعات الارهابية في ريف حماة وادلب، ابعد من مسألة جدل في السياسة، بل هو جزء من الاراضي السورية، وان التعويل على المماطلة والتسويف هو عبث سياسي وعسكري لن يأتي بنتائج، والجيش يقول كلمته بشكل واضح، ادلب ستعود خالية من الارهاب.