في طور الانهيار
مازن حماد
رغم ما تتميز به "إسرائيل" من حنكة وحكمة مزعومتين، كما يعتقد الكثيرون، ورغم استخدامها المزمن للكلام الكبير في وصف مواقفها وتوضيح تحركاتها غير الموفقة في أغلب الأحيان، فإنها ترفض الإنصات لصوت الحقيقة الصادر عن عقلائها وعن حلفائها أو أصدقائها، إلى درجة أنها أخذت تتصرف كمريض في حالة انهيار، ينظر إلى الأمور حوله بمنظار الوهم والرؤية الضبابية.
نحن لا نتحدث هنا عن تصور "إسرائيل" الحافل بالأخطاء التحليلية تجاه "مناعتها” إزاء ما يحدث في الشرق الأوسط من تحولات جغرافية وديموغرافية انقلابية تدق أبواب العراق وبلاد الشام ومنها فلسطين "إسرائيل حالياً”، وإنما عن اختيار الطبقة الإسرائيلية الحاكمة تجاهل اعتراف مجلس العموم البريطاني بدولة فلسطين الأسبوع الماضي.
ومن يناقش المسؤولين الإسرائيليين بهذا الخصوص يجدهم مقتنعين بأن الموجة الأوروبية الضاغطة بشدة لوقف الزحف الإسرائيلي غير المقدس على الضفة الغربية سيختفي بقدرة قادر، وعلى حد وصف الكاتب اليهودي "كاريو سترنجر”، فإن هذا التصرف الرسمي يمثل واحدة من أكثر آليات التاريخ الإنساني بدائية، ألا وهي آلية الإنكار. وتظن النخب العاقلة في "إسرائيل" أن رد الفعل الرسمي للحكومة أظهر مستويات مختلفة من عدم النضج من بينها قول وزير الخارجية المعتل عقلياً "أفيغدور ليبيرمان” لأوروبا إن عليها أن تعمل على حل مشاكلها بدل دس أنفها في الشأن الإسرائيلي، وهو رد فعل يرقى حسب تعبير سترنجر الساخر إلى "فن” في أصول الدبلوماسية.
أما الوزير "نفتالي بنيت” فقد كان أشد بلاهة عندما اقترح الرد على أوروبا بقطع العلاقات معها، رغم أن "إسرائيل" تستورد نصف احتياجاتها من الاتحاد الأوروبي.
يجادل العقلاء أيضاً أنه ما دام الاتحاد الأوروبي لم يعترف أبداً باحتلال "إسرائيل" للضفة الغربية، فإن لا حق للكنيست أن يتحدث عن ضم الضفة أو عن "منح” أو عدم منح الفلسطينيين دولة.
على صناع القرار في القدس المحتلة أن يعترفوا بأن الخطوات البريطانية والسويدية وغيرها، إنما تعكس في الحقيقة ما يؤمن به الرأي العام الشعبي في تلك الدول من تعاطف متزايد مع الفلسطينيين.