مركز الأمن القوميّ: ترامب قد “يغدُرْ” إسرائيل ولا توجد لإدارته خطّةً بديلةً ضدّ تصميم طهران على الاستمرار بالتعامل مع العقوبات لتقويض الاتفاق النوويّ
رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ في تل أبيب، رأت أنّ التصعيد الأخير في الصراع الأمريكيّ الإيرانيّ يُظهِر تصميمهما على عدم التخلّي عن مواقفهما، كي يكون لهذا تأثير على قوتهما التفاوضيّة في المفاوضات المستقبليّة بينهما، لافتةً إلى أنّه إلى جانب التصعيد، تجري جهود الوساطة، تحت قيادة الرئيس الفرنسي حاليًا، في محاولةٍ لصياغة شروط وخصائص الحوار.
وشدّدّت الدراسة على أنّ الاستعداد الإسرائيليّ يجب أنْ يكون لسيناريوهين: الأوّل، وربما أكثر خطورةً بالنسبة لها: إيران تواصل تطوير اليورانيوم، وربما تزيد من مستوى التخصيب، والنتيجة هي تقصير كبير في الجدول الزمني للقدرة النوويّة المحتملة للقدرة النووية العسكريّة. والثاني، فتح المفاوضات، وفي هذه الحالة، يطرح السؤال ما إذا كانت المصلحة الإسرائيلية تتمثل في إبرام صفقة واسعة أم اتفاق نووي فقط، وردّت الدراسة قائلةً: في كلتا الحالتين، يجب على إسرائيل أنْ تأخذ بعين الاعتبار الثغرات المحتملة بين مصالحها ومصالح الولايات المتحدة، وخاصّةً رغبة الرئيس ترامب في تحقيق إنجازٍ سياسيٍّ تكون على شكل اتفاقيةٍ جديدةٍ مع إيران.
ولفتت أيضًا إلى أنّ التفاقم الأخير للمواجهة بين إيران والمسؤولين على الساحة الدولية، برئاسة واشنطن، هو نتيجة قرار إيران إظهار عزمها على الاستجابة لسياسة الضغط القصوى، وفي الممارسة العملية، تتخذ الحكومتان الأمريكية والإيرانية خطوات متوازية في القوة وكذلك في الدبلوماسية، والتي يبدو أنّها تتناقض مع بعضها البعض، لكن التدابير على كلتا القناتين تهدف في الواقع إلى رفع رقائق المساومة للمراحل التالية من التعامل، مُوضِحةً أنّه إلى جانب الجهود المباشرة التي يبذلها الرئيس الفرنسيّ ماكرون، يُواصِل الأوروبيون جهودهم لمنع الانهيار التام لاتفاق الخليج الفارسي النووي والتصعيد الذي قد يتدهور إلى صراعٍ عسكريٍّ، بحسب تعبيرها.
وتابعت: يُحدِّد الرئيس ترامب هدفًا ضيقًا وهو إقناع إيران بشكلٍ أساسيٍّ بالدخول في مفاوضاتٍ غيرُ مشروطةٍ، مكررًا أنّه لا يريد استبدال النظام في إيران، بل إنّه على استعدادٍ لمساعدة النظام الحاليّ على تحسين اقتصاده، إذا وافقوا فقط على اتفاقٍ جديدٍ يضمن عدم امتلاك إيران لأسلحةٍ نوويةٍ، وفي الوقت عينه لا يُخفي ترامب تردده في الانجرار إلى اشتباكاتٍ عسكريّةٍ، مُشدِّدَّةً على أنّه لا توجد للإدارة الأمريكيّة خطّةً بديلةً ضدّ تصميم إيران على الاستمرار في التعامل مع العقوبات الاقتصاديّة مع الاستمرار في تقويض شروط الاتفاق النوويّ، كما أكّدت الدراسة.
وأردفت الدراسة قائلةً: تتجِّه السياسة المختارة والمنفذة نحو تصاعدٍ تدريجيٍّ وحذرٍ، في كلٍّ من المجاليْن النوويّ والإقليميّ، مع التركيز على منطقة الخليج، كما أنّ إيران ما زالت ترى موقفها في مُواجهة العقوبات الأمريكيّة باعتبارها سياسةً صحيحةً ضدّ رغبة ترامب القويّة في التفاوض، وحتى كوسيلة لتجميع عوامل المساومة عند المفاوضات.
ومع ذلك، أوضحت الدراسة الإسرائيليّة أنّه إلى جانب السيناريوهات الرئيسيّة، قد تُواجِه الأطراف صراعات عنيفةٍ محليّةٍ أوْ أوسع، خاصّةً في منطقة الخليج، وعلى الرغم من أنّ كلا الجانبين غير مهتمين بمواجهة عسكرية، فإن الديناميكيات بينهما، والاستفزازات المحتملة، والأهّم من كلّ ذلك، سوء التقدير من جانب إيران، التي تدرك حاليًا عدم اهتمام الرئيس ترامب الواضح بالتحركات العسكرية، قد تتخذ "خطوةً واحدةً للغاية” تقود للحرب، ومثل هذه المُواجهة العسكريّة، شدّدّت الدراسة، التي من المتوقع أنْ تُركِّز بشكلٍ أساسيٍّ على الخليج، يُمكِن أنْ تكون أيضًا مقدمةً أوْ نتيجةً لأيّ تطوّرٍ في الديناميكيات بين الطرفين، كما أكّدت.
وزادت الدراسة أنّه يتحتّم على كيان الاحتلال الاستعداد لهذين السيناريوهين. الأوّل، وربمّا الأخطر بالنسبة لها، هو استمرار وتفاقم الوضع القائم، ممّا يعني أنّ العقوبات لا تجلب الأطراف للمفاوضات، وأنّ إيران تواصل تجميع اليورانيوم، بل وقد تزيد من نطاق ومستوى التخصيب، والنتيجة هي تقصير مهم لجدول "القصف” المحتمل للقنبلة النووية، وفقًا لقرارٍ إيرانيٍّ، طبقًا لأقوالها.
أمّا بالنسبة للسيناريو الثاني، فتح المفاوضات، قالت الدراسة الإسرائيليّة، فإنّ السؤال هو ما إذا كانت المصلحة الإسرائيليّة تتمثل في صياغة صفقةٍ واسعةٍ، الصفقة الكبرى، أوْ مجرد صياغة اتفاقٍ بشأن القضية النووية؟ لافتةً في الوقت عينه إلى أنّه يجب أنْ يُؤخذ في الاعتبار أنّ الصفقة الواسعة تستلزم خطرين على إسرائيل: جدولٌ زمنيٌّ مستمرٌ وتحويلاتٌ ستشمل التحويلات، المقايضات، من بين القضايا المختلفة، وليس بالضرورة وفقَا لمصلحة إسرائيل.
واختتمت الدراسة قائلةً إنّه في كلّ سيناريو، يجب على إسرائيل أنْ تأخذ بعين الاعتبار الثغرات المحتملة بين مصالحها ومصالح الولايات المتحدة، ويجب أنْ تكون نقطة الانطلاق أنّه حتى اليوم، لا يوجد تطابق بين إسرائيل والولايات المتحدة فيما يتعلّق بالخطوط الحمراء مع إيران، على حدّ تعبيرها.