واشنطن والتحالفات البائسة
من الواضح ان ترامب لازال يتخبط في اتخاذ القرارات ولم يستفد من التجارب المرة التي عاشها، خاصة وانه يدرك جيدا انه اليوم وحده في الميدان، اذ المشاكل والازمات التي اختلقها سواء كان في الداخل الاميركي او مع الدول الاوروبية والاسيوية بحيث لم تترك له مجالا للتحرك، وكذلك والذي يؤلم ترامب اليوم ان كل قراراته تجد امامها الطرق مغلقة ولن تصل به الى الهدف الذي رسمه في مخيلته حتى مع المتحالفين والمتواطئين معه من الدول.ولذلك فهو يخوض الصراع وحده وهذا كلفه الكثير والذي سيكلفه في المستقبل حياته السياسية التي طوقها بافتعال الازمات والمشاكل.
ولا ندري هل ان ترامب قد اصابه مرض الزهايمر بحيث اخذ ينسى ما يحل به لانه وبالامس ظهر وزير خارجيته الذي لا يقل همجية عنه الذي صرح من ثقته التامة بقدرة بلاده على تشكيل تحالف بحري في الخليج الفارسي، ويعكس في حديثه حالة اليأس الكبير من تشكيل هذا التحالف بقوله :"ان الاستجابة من الحلفاء الاوروبيين والاسيويين لهذه الفكرة فاترة "، اي وبصريح العبارة انهم قد اعطوا ظهرهم لواشنطن ولم يتملكهم الحماس المطلوب للمشاركة في هذا التحالف. وهذا بحد ذاته يعكس صورة حقيقية للانعزال والضعف الاميركي.
ومن الواضح والذي يؤيده الواقع على الارض ان سياسة التحالفات قد فقدت مصداقيتها وفاعليتها ولم يعد لها ذلك التاثير لان الاساليب المتبعة في هذه التحالفات مغايرة للاهداف التي تشكلت من اجلها. وخير دليل تحالف واشنطن الذي تشكل تحت ذريعة مكافحة داعش الا ان الصورة جاءت مغايرة تماما اذ ان هذا التحالف كان الداعم والمدافع الاساس لداعش، وان تشكيله لم يكن سوى غطاء لتحقيق مطامع اميركا في المنطقة والعالم. ولابد وفي هذا المجال ان نشير الى تحالف السعودية فهو ايضا وقع في نفس الخطأ لانه سار في طريق مخالف لما كان يدعيه وهو حماية الشرعية اليمنية كما يزعم الا انه اصبح اداة للقتل والتدمير لابناء اليمن بحيث انفرط اليوم ولم يتبق الا اسمه فقط بحيث وضع السعودية في مأزق كبير.
اذن فان ما يدعو له ترامب من تحالف بحري يأنف فيه الحلفاء من المشاركة يعني انه مكتوب عليه الفشل هذا من جانب، و من جانب آخر فان الاوروبيين في الناتو وخصوصا المانيا واليابان يعتقدون خلافا لما تتصوره واشنطن الا وهو انه لابد من ايجاد حلول دبلوماسية للمشاكل في الخليج الفارسي عوضا عن تشكيل قوة بحرية قد تفاقم التوتر القائم في المنطقة.
ولذا ومن خلال ما تقدم فعلى واشنطن ان تتفهم جيدا ان لغة فرض القوة قد انتهى مفعوله وانه لا يستطيع ان يجبر الاخرين على المماشاة معها لانها لن تصل بالاوضاع الى ما ينفع الشعوب والدول. وعليها ان تعيد تفكيرها في ان تترك دول وشعوب المنطقة في تقرير مصيرها لانها هي اعرف بذلك ولايمكن ان يتحقق الامن الا بتعاون دول المنطقة في الخليج الفارسي وهي القادرة على الحفاظ عليه مدى الزمان.