العرب وقود الحروب الأمريكية الصهيونية
أحمد الحباسى
الحرب القائمة على سوريا عربية قبل أن تكون صهيونية و لو تثبتنا قليلا من الأمر من أدوات التنفيذ الخليجية فسيصح القول بأن هذا البلد كما عدة بلدان عربية أخرى يتعرض لحرب تريدها الدول الخليجية قبل سواها لكن إسرائيل هي أكبر المنتفعين بالطبع من هذه الحرب الوهابية التكفيرية الإرهابية التي تقوم عليها السعودية بمعية بعض الأنظمة الخليجية الهامشية الأخرى مثل الإمارات و الأردن و قطر ، ولان هذه الدول الخليجية هي مجرد أدوات طيعة في يد النظام العالمي الجديد الذي تسوسه الولايات المتحدة الأمريكية لصالح الصهيونية العالمية فقد بات واضحا أن هذه الدول قد سخرت كل إمكانياتها النفطية و الإعلامية و السياسية لخدمة مشروع لا علاقة له إطلاقا بالمصلحة العربية و إنما الأمر يتعلق بخدمة خليجية مقابل ضمان ديمومة استمرار تلك العروش.
الولايات المتحدة بحاجة ماسة و حيوية لتطويع إرادة بلدان الشرق الأوسط بالتحديد لاعتبارات تخص حاجتها الملحة للطاقة و لبسط نفوذها على منطقة ينظر إليها الروس بعين حالمة طامعة أيضا إضافة طبعا إلى الوفاء بالتعهد الأمريكي الدائم بحماية الكيان الصهيوني ، و مشروع الهيمنة الأمريكي قد شرع في تنفيذه منذ بداية اكتشاف مخزون النفط في أعماق الجزيرة العربية ، بداية بزرع و مساندة طوائف حاكمة عربية بعينها على رأس هذه الدول النفطية انتقالا إلى زرع الكيان الصهيوني داخل الجسم العربي بحجة وعد بلفور المشئوم و نهاية بإسناد ديكتاتوريات عربية تنفذ الأجندة الصهيونية داخل الجامعة العربية و بين ثنايا الفكر القومي العربي الرافض للوحش الأمريكي الصهيوني المتمدد ، الولايات المتحدة لم تهمل عاملا مهما يتمثل في النعرات الطائفية استثمرته دائما لفرض الانقسام بين الدول العربية و أول نتيجة هذا الاستثمار السىء هي العداوة المعلنة بين النظام السعودي السني تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيعية.
سقطت مصر و سقطت شعارات القومية العربية يوم سقطت مصر جمال عبد الناصر في كامب ديفيد و يوم تحول الرئيس أنور السادات إلى الكنيست الصهيوني ، و بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق انفتح الباب العربي على مصراعيه لتنفيذ بقية المشروع الصهيوني اللاحق لوعد بلفور سيء الذكر ، جاء مبارك و مرسى ليكرسا الهيمنة الصهيونية الأمريكية على أهم دولة عربية في المنطقة و لا يزال عبد الفتاح السيسى يتلمس طريقه الاستراتيجي رغم أن كل الدلائل تشير إلى انحيازه إلى الدور الصهيوني في المنطقة بعد أن رفض العلاقة مع إيران و مع سوريا إلا بموافقة خدم الصهيونية هذه الدول الخليجية الخائرة ، ولان مصر هي حجر الأساس في مشروع مواجهة التغول الصهيوني فقد دفعت بقية الدول العربية فاتورة هذا السقوط المصري في حضن الصهيونية و باتت الآن تواجه التفتت و لا ما الصوملة و في كثير من الأحيان الأفغنة التكفيرية القذرة .
نشاهد اليوم لبنان و هو يتحول إلى جسم خائر مطيع للإرادة الصهيونية منذ تولى الرئيس ” الراحل” ميشال سليمان ، و لولا الجسم العسكري المتماسك رغم كل الأنواء و الأعاصير المدمرة و بالذات ما يدبره جماعة 14 آذار و حليفتهما السعودية و الأردن لجر هذا البلد إلى منظومة الدول الخليجية الرافضة لحزب المقاومة و خيار مواجهة الوجود الصهيوني الأمريكي في المنطقة لشاهدنا سقوط بلد عربي آخر مجاهر بعدائه للصهيونية و قريب من حدودها الجغرافية الساخنة ، لكن من الواضح أن إستراتيجية حزب الله الدفاعية التي ترفضها قوى الردة اللبنانية المعروفة قد قصمت ظهر الكيان العدو و دفعته إلى فرملة توجهاته و خياراته التوسعية الاستعمارية فضلا عن أن وجود جسم المقاومة داخل سوريا قد أفشل المخطط المعلن لإسقاط النظام السوري بما يعنيه هذا السقوط من تداعيات خطيرة و غير مسبوقة على جملة الإستراتيجية المقاومة و بالذات على ما يسمى بالهلال الشيعي الذي يعلن عداءه الصريح للوجود الصهيوني الأمريكي في المنطقة على خلاف بقية ما يسمى بالدول العربية العائمة دائما في بحر الخيانة و تنفيذ الأجندة الصهيونية .
في فلسطين سقط خيار المقاومة جملة و تفصيلا بعد أن تحول هذا الخيار إلى ورقة ابتزاز بين سلطة رام الله و رديفتها في غزة و لم نعد نسمع عن هذا الخيار إلا في بعض "المناسبات” الموسمية أو بالريموت كنترول المبرمج بعناية لغايات "انتخابية”حزبية ضيقة مثلما حدث منذ أشهر قليلة ، و لو رجعنا بالذاكرة إلى برنامج فتح سنة 1965 في بداية انطلاقتها و برنامج حماس و فتح الآن لتنبهنا إلى سقوط خيار المقاومة و وقوع "السلطة ” في خيار التنازلات المتتالية عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني بحيث صارت القضية معروضة للبيع في المزاد القطري-السعودي الأردني – المصري و صار المتهافتون على البيع أكثر من المتهافتين على خيار المقاومة ، و لان الجميع منهمك في مشاكله الداخلية فقد تخلت دول الخلافة الإسلامية التكفيرية عن القضية و باتت سوريا هي القلعة الوحيدة التي تنازل القوة الأمريكية الصهيونية و الخليجية المتآمرة .
لم يعد العرب في هذه الحرب المصيرية "حزمة” وعصبة واحدة كما نتصور بل هم عربان متفرقون موالون لأمريكا و لحليفتها إسرائيل بل لنقل أن دول الخليج الفارسي قد أصبحت مثل الشياطين الخرساء على الحق و حتى و إن تكلمت فهي تتكلم بلغة عبرية و لكنة انكليزية ركيكة و هي و إن نشطت فهي تنشط تباعا لتنفيذ الأجندة الصهيونية و لعل أكبر أمنية لهذه الدول الكرتونية الهامشية الخليجية هو أن تشرق الشمس يوما على هذه الرقعة الخليجية المحاذية للكيان الصهيوني دون أن يكون هناك بلد أسمه سوريا معاد للولايات المتحدة الأمريكية و دون أن يكون هناك حزب يدعى حزب الله يعلن عداءه للوجود الصهيوني في لبنان و في فلسطين و طبعا دون أن تكون هناك الجمهورية الإيرانية هذه الدولة التي يعتبرها نظام الخليج الفارسي العدو بدل إسرائيل ، لذلك لا بديل عن المقاومة حتى يسقط خيار الخيانة و تدرك الصهيونية العالمية أن العرب لن يعودوا مجرد حطب.