واشنطن ومسلسل الفضائح
التصريحات الدعائية الاخيرة للرئيس الاميركي اوباما والتي تجافي الحقيقة تماما "بان الحظر الاقتصادي هو الذي جر ايران الى طاولة المفاوضات": جاءت في الواقع في سياق الاستهلاك المحلي حيث اتت مباشرة وبعد ساعات من خسارة حزبه للانتخابات النصفية للكونغرس ليعد جر ايران للمفاوضات انجازا لحزبه وهذا ما تدحضه الوقائع على الارض وهو في نفس الوقت كانت مدعاة للسخرية والضحك. ان العامل الرئيس الذي دفع اميركا والغرب لاستئناف المفاوضات هو المواقف المبدئية لقائد الثورة الاسلامية وصمود الشعب الايراني وتكيفه مع العقوبات الاقتصادية الظالمة وابعد من ذلك هو تخطي ايران لهذه العقوبات عندما برهنت عمليا للاعداء انها اكثر اقتدارا يوما بعد يوم في ظل هذا الحصار وانها استطاعت وبجدارة ونجاح ادارة اكثر صراع في المنطقة فيما هزمت القوى المضادة رغم امتلاكها للعدة والعدد الذي لا يحصيان.
والامر الاخر الذي يؤكد عكس ما يقوله الرئيس الاميركي هو ان مواقف ايران المبدئية قيادة وشعبا هي التي ارغمت اميركا والغرب على التفاوض مع ايران لانها توصلت الى قناعة بانه لا جدوى من عقوباتها على ايران وانها ظهرت مع مرور الايام اكثر قوة وتماسكا وان برنامجها النووي السلمي قطع شوطا كبيرا حيث كانت تمتلك ايران في البداية ستين جهازا للطرد المركزي واليوم تجاوزت عشرات الالاف.
والدليل الدامغ الاخر الذي يدحض صحة ما قاله الرئيس الاميركي اوباما هو استجدائه المتكرر للرئيس روحاني للتفاوض او على الاقل التحادث معه هاتفيا العام الماضي اثناء مشاركته في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة والجميع يعلم ان التحادث الهاتفي تم اخيرا وبعد اصرار شديد وفتح خط الهاتف سبع مرات من قبل البيت الابيض.
لا يا اوباما الى متى تريدون ان تستغبون العالم، احترموا الناس فان في ذلك احتراما لانفسكم.
نقولها للحقيقة والتاريخ ان ايران دخلت المفاوضات نزولا عند رغبة اولئك الذين كانوا يصرون عليها هذا الامر داخليا وخارجيا بهدف نزع الفتيل وقطع شعرة معاوية بانكم أي الايرانيين انتم السبب في عدم حل هذه المسالة التي تنتهي بخلق المزيد من العداوات لانفسكم. لذلك دخلنا المفاوضات لاتمام الحجة ولنبرهن لمن لا يصدق بان اميركا غير جديرة بالثقة ولايمكن الاعتماد لا على وعودها ولا عهودها ان كل ما تريده اميركا من المفاوضات هو اخضاع ايران لهيمنتها ثانية كبقية دول المنطقة وتوفير الحماية الامنية للكيان الصهيوني وان الملف النووي ما هو الا موضوعا عابرا ومجرد ذريعة للوصول الى مبتغاها المستحيل فلذلك صرحت عدة مرات وعلى لسان اكثر من مسؤول اميركي بانه لو حل الملف النووي فان العقوبات لا تنتهي لان ملف حقوق الانسان وملف دعم على قوى المقاومة في المنطقة التي تسميتها ارهابا سيبقى مفتوحا.
وآخر ما نحب ان نشير اليه بهذه العجالة هو رسالة الرئيس الاميركي الى قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي حسب ما اوردته صحيفة لوس انجلس الاميركية والتي يحاول ان يرغب ويطمع ايران في التعاون مع اميركا لمحاربة داعش ازاء حل الملف ا لنووي وكل ذلك حسب زعم الصحيفة الاميركية.
فيا ترى وليحكم أي منصف ان ايفاد هذه الرسالة التي لم تكن الاولى من نوعها لقائد الثورة الاسلامية من قبل الرئيس اوباما، تدلل على ان ايران هي من تركض وراء المفاوضات واستمرارها، ام الرئيس الاميركي؟!
وعلى اية حال ان ايران لا تعقد الامل على المفاوضات كمفاوضات بقدر اعتمادها على صمود شعبها المثالي وحنكة وحكمة قيادتها الشجاعة على ادارة الملف، لذلك فهي مصرة على انتزاع حقوقها المشروعة لان الحقوق لا تعطى بل تؤخذ. اميركا تعلم قبل غيرها ان ايران اصبحت اليوم قوة اقليمية كبرى في المنطقة لايمكن حل قضاياها دون مشاركتها وهي في نفس الوقت رقم صعب في العالم وعليها وعلى الغرب ان يستحيا في ممارستهما وقساوتهما في الحظر الذي ذهب الى ابعد الحدود اللااخلاقية واللاانسانية في ادخال الغذاء والدواء الى دائرة الحظر الظالم وهذا الامر كشف للعالم مدى قبح وفظاعة وجهيهما اللذين يخفيانهما خلف الشعارات المزيفة لحقوق الانسان والدفاع عن الحريات العامة؟!
وامام ايران اليوم احتمالان لا ثالث لهما فاما اغلاق الملف او عدم اغلاقه لذلك يتوجب عليها ملاحقة هذه الملف والمطالبة بالغرامات لما تكبدته من خسائر هائلة طيلة هذه السنوات لانه لم يثبت حتى يومنا هذا حصول أي انحراف في برنامجها النووي السلمي.