واشنطن الاكثر قلقا من تل ابيب!!
مهدي منصوري
حاولت الولايات المتحدة ودول الاستكبار العالمي ان تبقي الكيان الصهيوني خارج كل التوقعات والاحداث معتبرة ان امن هذا الكيان هو امنها، لذلك فانها منحته من القدرة خاصة العسكرية بحيث اصبح لدى الكثير من دول المنطقة بعبعا مخيفا لايمكن مجاراته او مواجهته.
وقد مهدت واشنطن لهذا الامر وذلك من خلال حرب صورية في عام 1967 والذي انهزمت فيها الجيوش العربية مما اعطت صورة اوقناعة لدى قادة وشعوب هذه الدول انذاك انها لايمكن في يوم من الايام محاربة هذا الكيان لان النتيجة ستكون الهزيمة لهم.
كل هذه التمهيدات وغيرها من اجل ان يبقى الكيان الصهيوني امنا في الدرجة الاولى، وكذلك اليد الطولى والقوية التي تلوح بها اميركا وفي أي وقت تشاء فيما اذا ارادت تحقيق اهدافها في هذه المنطقة خاصة سلب ونهب ثرواتها.
وبقيت هذه النظرية مهيمنة ومسيطرة على المنطقة بحيث ان الكيان الصهيوني لعب في امن البلدان واستقرارها وكيفما يحلو له من خلال اساليب اغتيال الشخصيات والقيادات وغيرها من اثارة المشاكل داخل هذه البلدان. ليضمن له ظهرا امنا وكذلك في الداخل فانه كان يفعل بالشعب الفلسطيني ما يحلو من خلال ممارسات ارهابية وعدوانية لانه يدرك ان رد الفعل سيكون التنديد فقط ولاغير.
ولكن وبعد عام 2000 وعندما تمكنت المقاومة الاسلامية اللبنانية الباسلة ان تطرد هذا الكيان من اراضيها شر طردة والحاق الهزيمة المنكرة به والذي انكسرت فيه تلك الهيمنة الزائفة التي كان يتمتع بها وظهر من ان الجيش الصهيوني الذي لا يقهر لم يكن سوى نمر من ورق.
وعندما اخذت انتصارات المقاومتين اللبنانية والفلسطينية تتوالى على جيش العدو وتلحق به الهزيمة تلو الاخرى، وفي اوقات قصيرة وغير متوقعة. بحيث اخذت تداعيات هذه الانتصارات تنعكس سلبا على الداخل الصهيوني خاصة لدى القيادتين العسكرية والسياسية بحيث دبت حالة من الانهزام النفسي في صفوف الجيش بالدرجة الاولى ومن ثم دب هذا الامر في نفوس السياسيين هذا من جانب، ومن جانب آخر فان هذه الانتصارات احدثت تحولا كبيرا في الداخل الفلسطيني خاصة لدى المناطق التي تسيطر عليها المقاومة كالضفة الغربية والقدس الشريف المحتل وغيرها من البلدات الاخرى، بحيث اخذت تسري فيهم روح المقاومة وبصورة مذهلة مما وضعت ليس فقط الكيان الصهيوني بل حتى الداعمين له خاصة واشنطن في حالة من القلق و الارباك، لان الشباب الفلسطيني المقاوم وهو يواجه العدو الصهيوني وباساليب جديدة وحديثه وغير متوقعة من اجل ان يوقع فيهم القتلى والجرحى وينشر بينهم حالة الرعب والقلق امر قد لم يكن يتصورونهفي يوم من الايام ، فلذلك فانهم اصبحوا عاجزين عن مواجهته او الوقوف بوجهه او منع حدوثه وهذا يشكل بحد ذاته انتصارا رائعا لابناء فلسطين الحبيبة.
ان المواجهات اليومية بين الشباب الفلسطيني المقاوم وشرطة العدو والتي لم تتوقف امر يدعو للتأمل والتفكير، لان هذه العمليات الاستشهادية البطولية والتي تأتي كرد فعل قوي على أي عمل عدواني يرتكبه هذه العدو وبالسرعة الغير متوقعة امر جديد غير متوقع ومترقب ليس فقط للكيان الغاصب، بل لكل الذين كانوا ولازالوا يتابعون الشأن الفلسطيني مما يعكس ان هناك حالة ثورية جديدة اخذت تبرز على السطح الفلسطيني تعتمد رد الفعل المباشر ولم تنتظر ان يملي عليها ماذا تفعل.
لذلك فان واشنطن وبعد العمليات الاستشهادية البطولية التي طالت القوات الصهيونية رغم قساوتها وبشاعة اسلوبها ضد ابناء القدس الشريف وبهذه الصورة الجريئة والشجاعة رسمت حالة من القلق الكبير لدى الادارة الاميركية الداعمة الاساسية لهذا الكيان الغاصب. مما يدلل ان كل الخطط والاساليب التي اتبعتها واشنطن في اغراق المنطقة بالحروب والقتال الداخلي لكي تضمن الامن للصهاينة قد باءت بالفشل وان التهديد الان هو من الداخل والذي جاء قويا وصارما وقاسيا.
لذلك فان الادارة الاميركية وعلى رأسها اوباما وبعد ان عبرت عن هذا القلق ارسلت رسائلها الى القيادة الصهيونية ان تعالج الامر في القدس وبصورة تختلف عما هي عليه الان خوفا من ان تنفجر الاوضاع بحيث يصعب السيطرة عليها.
ولكن فان على الادارة الاميركية ان تدرك ان المارد الفلسطيني المقاوم قد خرج من قمقمه وانه اخذ قراره الجريء بالمواجهة خاصة في القدس الشريف، ولذلك فان كل المحاولات ومهما كان شكلها لاتستطيع بل لايمكن لها ان تعيد هذا المارد الشجاع الى قمقمه، وانه سيحرق الارض من تحت اقدام الصهاينة حتى يستعيد حقوقه التي سلبت وعلى مدى اكثر من ستة عقود.