kayhan.ir

رمز الخبر: 9581
تأريخ النشر : 2014November04 - 21:08

"وقبل شهيداً على أرضها"

نواف أبو الهيجاء

ذكرى وعد بلفور تأتي لتعيدنا إلى أس المؤامرة على فلسطين وعلى الوطن العربي ككل. ففي الثاني من نوفمبر 1917 صدر الوعد عن وزير الخارجية البريطانية بلفور في رسالة إلى الصهيوني روتشيلد تعد فيها بريطانيا الصهاينة (بوطن قومي لهم) في فلسطين. والشعب الفلسطيني منذ ذلك التاريخ وما قبله رفض الوعد ومنتجه ورفض أيضاً قبله اتفاقية سايكس بيكو الموقعة بين بريطانيا وفرنسا والقاضية بتقسيم الوطن العربي واقتسامه بين الدولتين تمهيداً طبيعياً لاستعمار الوطن العربي، واستغلال ثرواته ومنع وحدته وتقدمه وتحرير أراضيه وشعبه.

يقيناً نحن اليوم نواجه الحدثين - وما يبدو أنه غير مرتبط بهما مجرد سراب. ما يجري اليوم على أرض فلسطين وما يجري في عدد من أقطارنا العربية إنما هو الناتج المرير للمؤامرة المرسومة منذ قرن من الزمان. السعي إلى تكريس الاحتلال هو السعي أيضاً إلى تمزيق الممزق من الوطن من تينك الاتفاقيتين أو الحدثين بين الاستعماريين القدامى وتبني المرسوم من القوة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وهي الولايات المتحدة الأميركية - بحلفها المشؤوم (الأطلسي).

شرعن الاستعماريون للصهاينة (دولة) عبر إصدار قرار التقسيم في العام 1947 وحموا الكيان الصهيوني وشاركوه العدوان على مصر 1956 والعدوان في يونيو - 1967. ويشاركونه اليوم في إهدار الدم الفلسطيني وفي تكريس تمدده وتوسعه ونهب الأرض الفلسطينية، والسعي لتمزيق وتدمير الدول العربية الأساسية التي يمكن لجيوشها مواجهة العدوان الصهيوني (سوريا والعراق ومصر).

على أديم أرض فلسطين سما الشهداء العرب عموماً، والدم الفلسطيني نزف منذ نحو قرن لكي تبقى فلسطين عربية، وأن لا يتم تدنيس الأقصى والقدس - ولكي ينهض العرب كما المسلمون بواجب الدفاع عن المقدسات في فلسطين مسرى الرسول ومهد السيد المسيح.. ما يجعل الإنسانية أيضاً مسؤولة عن النضال لتخليص العالم من شرور أقبح نظام فصل عنصري عرفته البشرية بعد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

يومياً يسقط شهداء على أرض فلسطين - قبل وبعد الانتفاضتين (1987 و2000) والعدوان مستمر والأقصى في خطر. العدو يمعن في العدوان ويستغل الظروف العربية والفلسطينية والدولية، وها هو يقسم الأقصى زمانياً ليصل إلى تقسيمه مكانياً وإلى حد هدم المسجد لإقامة (الهيكل) المزعوم.

وحدهم الآن في المواجهة بالصدور العارية الفلسطينيون في الضفة الغربية وفي القطاع عموماً وفي القدس خصوصاً. يكتفي المعنيون العرب والمسلمون والمهتمون بقضايا الإنسان في العالم بإصدار بيانات الشجب والاستنكار، وهي لا تفعل شيئاً ولا ترد عنصرياً عن انتهاك الأقصى ولا عن قتل أهلنا بدم بارد.. حتى الشجر مهدد في فلسطين. مواكب الشهداء تستصرخ الهمة في الإنسان العربي والفلسطيني والمسلم لكي يؤدي ما عليه. ولكي يكون لنا ما قاله الشعر في العام 1948 (وقبل شهيداً على أرضها … دعا باسمها الله واستشهدا).

فهل تحيي في النفوس اليوم بذرة المقاومة والقتال والشهادة؛ لأن الشرف الرفيع لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم؟ هل ترخص الأرواح اليوم لترتفع الراية العربية في سماء القدس وتعيش أجيالنا القادمة متحررة وفي وطن حر ومستقل؟