مفاوضات مع الأردن لتزويد الجيش اللبناني بالسلاح؟
عماد مرمل
من الشمال وعرسال في لبنان، الى سيناء في مصر، مرورا بسوريا والعراق وليبيا واليمن.. تبدو الحرب واحدة بجبهات متعددة.
تخوض الجيوش في هذه الدول مواجهة مشتركة، حتى يكاد يصح القول ان أي إنجاز أو إخفاق لهذا الجيش او ذاك، إنما ينعكس تلقائيا على البقية، بعدما التهم الارهاب الحدود الجغرافية وفرض على من يستهدفهم معركة وجود.
والمفارقة، ان الربيع العربي الافتراضي انطلق أساسا قبيل سنوات من توق للتمرد على "ديكتاتورية الجيوش”، فإذا بـ”ديكتاتورية الارهاب” تعيد تعويم أدوار هذه الجيوش، وتوصل بعض قادتها الى السلطة مجددا.
وأبعد من ذلك، أصبحت غالبية جمهور الربيع العربي "النظري” تُغلّب الامن على الحرية، مع تمدد العنف في مختلف الاتجاهات، ليتقدم بذلك همّ استعادة الاستقرار على حلم تحقيق الديموقراطية.
بين طرابلس الفيحاء في الشمال اللبناني، وطرابلس الغرب في ليبيا، وعين العرب في سوريا، والموصل في العراق، والمحافظات الساخنة في اليمن.. أكثر من خيط واحد. هو صراع واحد بمنازل كثيرة.
لكن، وبرغم هذا المشهد المتفجر من المحيط الى الخليج الفارسي ، لا يزال البعض مصرا على تقزيم ما يجري في لبنان، ووضعه في إطار رد الفعل على التدخل العسكري لـ”حزب الله” في سوريا، متجاهلا دلالات هذا الصراع المحموم في المنطقة، وقافزا فوق السؤال المطروح باستمرار: هل يتواجد الحزب في الموصل وجبل سنجار وكوباني وبنغازي وسيناء، حتى تكون هذه المناطق عرضة للاستهداف الارهابي؟ وما علاقة الحزب بالاكراد والمسيحيين والايزيديين والسنّة على امتداد هذه المساحة حتى يدفعوا ثمن التطرف التكفيري؟
والأسوأ، ان هناك من لا يزال متمسكا بإعطاء طابع مذهبي للمعركة مع المتطرفين في لبنان ووضع جانب مما يحدث في سياق مواجهة شيعية ـ سنية، بغية التوظيف السياسي وتحقيق المكاسب الفئوية ورفع الشعبية والمزايدة على الحليف والخصم في آن واحد، في حين ان الحرب على الارهاب هي عابرة للهويات المذهبية والجغرافية، بفعل عدم تمييز المتطرفين بين ضحاياهم، بعدما بات كل "آخر”، بدءا من المعتدل السني في دائرة التصفية.
ولئن كان اللعب على الاوتار المذهبية ممكنا في لبنان وسوريا والعراق واليمن نتيجة التنوع في التركيبة السكانية ما يسمح للالتباس ان يأخذ مداه، فماذا عن مصر وليبيا، حيث الانتماء المذهبي واحد لدى القوات المسلحة والمجموعات المتطرفة، وماذا عن السعودية التي اعلنت الحرب على "داعش” و”النصرة”؟
وإزاء التحدي المصيري الذي يواجه لبنان بعد إدراجه من الارهاب التكفيري في "بنك الاهداف”، تحول الجيش اللبناني الى نقطة ارتكاز في المواجهة، برغم النقص الذي يعاني منه في العتاد النوعي وأحيانا في الغطاء السياسي.
وإذا كانت هبة الثلاثة مليارات دولار اميركي قد "ضاعت” حتى الآن في "الأنفاق” السعودية ـ الفرنسية، فان هبة "العطل والضرر” البالغة قيمتها مليار دولار هي قيد التسييل، فيما لا تزال الهبة الايرانية معطلة سياسيا، برغم الحاجة الملحة الى كل طلقة إضافية، مع توزع الجيش على العديد من الجبهات.
والظاهر ان مروحة الدعم للمؤسسة العسكرية آخذة في الاتساع، إذ تفيد معلومات ان الاردن أعرب عن استعداده للمساهمة في تسليح الجيش اللبناني.
وتؤكد مصادر واسعة الاطلاع ان مفاوضات جرت فعلا بهذا الصدد مع عمان، وهي قطعت شوطا متقدما حتى الآن، مشيرة الى ان السلاح الذي قد يصل الى الجيش من الاردن هو جيد، ومن شأنه ان يعزز قدراته في مواجهة الارهاب.
وتوضح المصادر ان هذا الامر بُحث بداية خلال زيارة قام بها وزير الخارجية جبران باسيل الى عمان قبيل شهرين تقريبا، ثم جرى استكمال البحث أثناء اللقاء الذي تم في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، بين الملك الاردني والرئيس تمام سلام.
ولاحقا، اجتمع باسيل مع نظيره الاردني في القاهرة، حيث تردد انه تبلغ منه موافقة الاميركيين عبر وزير الخارجية جون كيري على التسليح الاردني للجيش.