اختزال المسافة بين الاعتدال والارهاب
بعد اعترافات نائب الرئيس الاميركي بايدن والامير السعودي الوليد بن طلال بتمويل الارهاب ودعمه من قبل دول المنطقة التي رفعت لواء الثورات ودعمه من قبل دول المنطقة، جاء هذه المرة دور قطر ليقطع الشك باليقين ويسد الباب تماما امام الذين يريدون مستقبلا التهرب من دورهم المباشر والمساهم عن الجرائم والمجازر التي ارتكبها الارهابيون في اكثر من دولة في المنطقة بحق شعوبها. فقد اعلن مسؤولون قطريون ان بلادهم دعمت ميليشيات "معتدلة" في سوريا "بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الاميركية والعديد من الاستخبارات العربية والغربية" وفقا لما نقلته هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي".
وتضيف الـ "بي بي سي": يعتقد ان الدوحة لديها علاقات مع جبهة "النصرة" و"القاعدة" الا ان المسؤولين ومن بينهم مدير الاستخبارات صرح لهذه الاذاعة: "ليس هناك أي شيء نخفيه حول دعمنا للجماعات التي تحارب الرئيس السوري بشار الاسد".
وعندما نتعرض لهذا الموضوع الخطير والدموي الذي شاركت فيه بعض دول المنطقة حبا او بغضا او امرا وظيفيا كان بالنسبة لها، لم نكشف سرا بل هدفنا القاء ا لضوء على قباحة هذه الاعترافات فظاعتها التي يراد لها ان تسوق تحت شماعة دعم ميليشيات "معتدلة" وكأن هذه الكلمات الفضفاضة تعفوها عن مسؤولية كل هذه الدماء التي سفكت في سوريا والعراق واليوم في لبنان. والامر الاخر كان هناك فرقا اساسيا بين ارهاب الاعتدال او ارهاب العنف. فالاول لا يقتل ولا يدمر بل يدغدغ المشاعر فقط والثاني يقتل ويدمر وهذا لا شأن لنا به.
تسويق هذا الكلام المعسول الذي يقطر منه السم لا يقدم ولا يؤخر فالدول التي شاركت في استمرار سفك دماء شعوب المنطقة وتدمير بلدانها لا يمكن ان تتنصل عن مسؤوليتها مهما كانت حجم مساهمتها فيما جرى من ويلات ومآس على شعوب المنطقة باسم دعم ثورات شعوب فيها يكتشف اليوم زيفهم تماما، فلولا وقوف الشعبين السوري والعراقي الى جانب حكوماتهم وقواتهم المسلحة لكانت اليوم داعش تحكم في دمشق وبغداد.
وحتى اذا قبلنا بمقولة القطريين وغيره التي يرددوها باستمرار بان الولاءات في سوريا شهدت تحولات مستمرة وانضمت مؤخرا الى ميليشيات متشددة الا ان هذا لا يعفيهم عن مسؤوليتهم الكبيرة والثقيلة وان المستقبل سيحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة وليكونوا على ثقة.
ان داعش والنصرة واخواتها في انحسار مستمر وهم في طريقهم الى الهاوية وسينالون عقابهم العادل ويدفنون في سوريا والعراق ولبنان واينما تواجدوا. لكن الملف الاجرامي الاكبر سيبقى مفتوحا وهو ملف دول المنطقة وخارجها التي شاركت بسخاء في سفك دماء شعوب المنطقة وتدمير بلدانها عبر توفير كل مستلزمات الدعم المالي والمعنوي واللوجستيكي وغيرها للارهابيين، على انهادول تصنف في خانة "مجرمي الحرب" والتي يستلزم مقاضاة قادتها امام المحاكم الدولية مع توافر الادلة الدامغة والكثيرة عن مشاركاتهم المباشرة وغير المباشرة في دعم الارهابيين باسم دعم ثورات الشعوب واولها اعترافاتهم الكثيرة الموثقة بالصوت والصورة.
فتعاضد الشعبين السوري والعراقي مع قواتهما المسلحة لادارة المعركة ضد داعش واخواتها من خلال قوات الدفاع المدني في سوريا والحشد الشعبي في العراق سيحسم المعركة مبكرا وتنكشف الوجوه تماما مما يدفع بدمشق وبغداد بان تقاضي حكام هذه الدول في المحاكم الدولية لتنال عقابها العادل وتدفع غرامات الخراب والتدمير الذي حل بالبلدين.