kayhan.ir

رمز الخبر: 9232
تأريخ النشر : 2014October27 - 20:35

الناتو والانسحاب المخزي!!

مهدي منصوري

بعد ان تم بالامس القريب انسحاب قوات الاحتلال الاميركي تحت مظلة الناتو من افغانستان، وتم تسليم اكبر قاعدة عسكرية كانت تستخدمها الناتو للقوات الافغانية، اثار هذا الامر تساؤل مهم جدا قد تكون الاجابة عليه ليس صعبا فحسب، بل انه ينبغي التحليل والوقوف عندها، والتساؤل هو: لماذا احتلت اميركا افغانستان، وما هي الاسباب والدواعي التي دعتها الى مثل هذا الانسحاب المخزي والمذل؟.

لو اخذنا بنظر الاعتبار لما طرح على لسان بعض الساسة الاميركيين خاصة الذين يهندسون لهذه السياسة ومنذ عقود طويلة من الزمن عن التاثير السلبي الذي سيتركه الانسحاب الاميركي من افغانستان، وان نسلط في البداية الضوء على ما قاله منظر السياسة الاميركية ومهندسها المشهور كيسنجر عندما قال ان "الهزيمة في افغانستان والعراق تعني خسارة ثلاثة قرون من التفوق الغربي".

وقد لن ينفرد كيسنجر بهذا الرأي بل شاركه في ذلك كل من رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير والكثير من دوائر ومراكز الابحاث الاوروبية والغربية، بل والذي لابد من الاشارة اليه في هذا المجال وقد يكون يحظى بالاهمية ايضا ان اوباما الذي جيء به من اجل ان يكون المنقذ لاميركا من هزيمة استراتيجية منكرة في العراق وافغانستان، اذ اعتبر ان "المعركة الرئيسية مع الارهاب هي في افغانستان وان الفشل في هذا الامر فانه يعتبر فشلا لشخصيته وكذلك فشل للمشروع الاميركي برمته"، وقد علقت بعض الاوساط الاعلامية والسياسية بالقول "ان تصريح اوباما هذا يعكس وبصورة لا تقبل النقاش هزيمة اميركا بجناحيها الديمقراطي والجمهوري".

لابد اذن من الالتفات الى ان قوات الناتو وبما تملكه من امكانيات بشرية ولوجستيه هائلة لم تحرك ساكنا ومنذ اكثر من اربع سنوات ضد تنظيم القاعدة الارهابي في افغانستان رغم ما تتعرض له بين الحين والاخر من هجمات متفرقة على معسكراتها او آلياتها التي تتحرك في الداخل الافغاني. مما اثار الكثير من الاستغراب وفتح باب التساؤل الكبير، هل ادرك الناتو عدم قدرته على مواجهة طالبان ام ان هناك تنسيقا يجري من وراء الكواليس من اجل ان تضع هذا التنظيم في الواجهة السياسية لافغانستان.

اما الاحتمال الاول بعدم القدرة والضعف قد يزول لان ما يملكه الناتو لايمكن ان يقاس بما لدى طالبان ولذلك يمكن القول انه سيسقط امام التصور. ولكن الاحتمال الثاني يبقى قويا وذلك من خلال التحرك الاميركي الامر الذي طلب من حكومة كرزاي ان تجلس وجها لوجه مع قادة طالبان لمنحهم دورا سياسيا في هذا البلد وكانت قطر البلد الوسيط في هذا الشأن. ولكن هذا الامر تعذر ولم يخرج الى النور لعدة عوامل بعضها يتعلق بالرفض الشعبي لهذا الامر والذي علق بعض الوقت التوقيع على الاتفاقية الامنية مع واشنطن وكذلك المطالب التعجيزية التي تطرحها طالبان من اجل انهاء الازمة.

وعلى كل حال لابد من التاكيد هنا ان انسحاب القوات الاميركية وبأي صورة ولاي سبب كان يعكس ان مدى الفشل الذي منيت به السياسة الاميركية في المنطقة والتي تعتبر ثاني ضربة لواشنطن بعد العراق.

وكذلك اوضحت حالة التناقض الكبير الذي ساد القرار السياسي الاميركي والذي تتجاذبه اطراف عدة داخل الادارة الاميركية، وكما نشاهده اليوم من خلال القرارات غير الواضحة من الاحداث في كل من العراق وسوريا.

اذن فان واشنطن وبعد هذا الانسحاب من افغانستان قد اخذت تفقد مواقعها الواحد بعد الاخر امام اصرار الرفض الشعبي الذي اخذ يتنامى في المنطقة والذي سيكون من نتيجته وكما اشارت بعض الافكار والآراء الى انهيار الهيمنة الاميركية وبكل صورها في المنطقة والعالم.