قلق في أبوظبي من تمرد الرياض
مهنا الحبيل
يمثل الهجوم المتوتر الأخير الذي برز في خطاب مسؤولين وإعلام إمارة أبوظبي، حول خبر طلب الشيخ صباح الأحمد رسمياً من السعوديين بدء مفاوضات ثنائية لإنهاء الأزمة مع قطر، والتي صُنع عبرها مشروع الأزمة الخليجية، دليلاً مهماً لتاريخ وجذور هذه الأزمة، وتوظيفاتها الخاصة بالإمارة.
حسب أبوظبي فإن الرياض تلقت بالفعل هذا الطلب، من الكويت وأنها رفضته، وهذا الرفض مرجح، فحالة الرياض اليوم لا تعطي مؤشراً لهذا الاستقلال، كما أن الموقف الظبياني حمل تحذيراً ضمنياً للكويت، لوقف مثل هذا السعي.
هذه من أهم شواهد القلق في أبوظبي، لكن اللغة مع الكويت هذه المرة، لم تكن حادة، بسبب أن موازين الأزمة شهدت انقلاباً عربياً ودولياً، ضد دول المحور المناهضة لقطر.
وبسبب ضعف الموقف السعودي بعد مقتل جمال خاشقجي، فبالكاد تسعى الرياض لملاحقة أسئلة الجريمة، وتأجيل بعض مقتضيات المطاردة القانونية والدولية، رغم دعم إدارة ترامب ضمناً، للموقف السعودي.
وهي حالة كما ذكرنا سابقا، تسعى فيها واشنطن أيا كان الذي سيتواجد في البيت الأبيض، ترامب أو غيره، إلى تحويل الضغوط الأميركية إعلاميا وسياسيا، إلى سقف استنزاف كارثي جديد للسعودية، يتم بعدها تسوية الأزمة، بعد سداد الفواتير الأميركية.
وهنا بعد دقيق في الموقف من الكويت، فالدوحة ورغم التصعيد الإعلامي، لم تسحب التفويض القوي للكويت، باعتبارها وسيطاً أول ومفضلاً في الأزمة الخليجية.
وحتى فشل تركيا على الأقل حالياً، في توظيف صراعها مع والرياض، بعد أن سلمت أنقرة الملف سياسياً للأميركيين، فإن موقف الدوحة الذي سينسق بعد أي تطور سياسته مع تركيا كحليف، لم ولن يُضعف الخط الكويتي، بل أكده في عدة تصريحات.
نشير هنا إلى بعض الاتصالات الكويتية القطرية، والتي تنقل اطمئنان الكويت لتجديد التفويض القطري، هذا البعد مهما ذهبت السعودية التي تتراجع كثيراً تأثير حملتها الإعلامية، وتأخذ الدوحة بعد المتمكن المطور لحملته في الرد على مشروع الاجتياح، أو الإسقاط السياسي، بصورة متزايدة، في 3 مسارات قانونية وسياسية وإعلامية، وهذا واضح للمراقب المحايد.
فهنا تحتاج الرياض اضطراراً، حتى مع الحديث عن التوتر مع الكويت، إلى بقاء هذا الخيط، الذي قد يعود مستقبلا لرعاية هذا الحوار، والذي قد لا يكون أصلا أغلق ملفه، مع دخول سلطنة عمان، في حالة تفاعل مباشر، لدعم الكويت ونقل تجربتها الدبلوماسية إلى داخل الأزمة، بعد أن نضج تقييم مرحلتها الراهنة، بحسب طبيعة التفكير العماني.
هنا نفهم أن هذا الأمر سيظل محل رعب، لا قلق وحسب في أبوظبي، التي تعتقد أن ولوج الرياض في مثل هذه المساعي، قد يحوّل كرة الثلج التي أطلقتها على قطر وغيرها، باستخدام الجسم السعودي الضخم وقدراته، إلى ارتدادٍ عكسي تحصد به خسائر خطيرة، في ظل فشلها الحالي في تثبيت الثورات المضادة.
ويبقى هنا سؤال مشروع متى يتم هذا الأمر وهل سيتم؟
هذه مسألة لا يمكن استبعادها في عالم السياسة المتقلب، وإن كانت لن تعيد للرياض خسائرها الكبرى، مادامت سياسة الحكم مع شعبها واحدة، دون أن يمنع ذلك من فك الاشتباك مع قطر، فك اشتباك لعهدٍ مر لا ينساه الوجدان العربي لأهل الخليج (الفارسي).