الغرب في قفص الاتهام
بعيدا عن الخوض في النوايا الحقيقية لفحوى بيان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ولهجته الشديدة حول الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان ضد النشطاء والناشطات والصحفيين وسجناء الرأي وخاصة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الا ان الجديد في الامر بانه المرة الاولى التي يصدر عن هذا المجلس بيانا توبيخيا حادا ضد المملكة العربية السعودية المدللة غربيا بسبب ثرائها ودورها المالي كبقرة حلوب، لكن على ما يبدو ان الدول الاوروبية اصبحت محرجة ومحاصرة من قبل الرأي العام الغربي لشدة الانتهاكات اللاانسانية والواسعة التي تشهدها السجون السعودية خاصة ضد الناشطات لم تجد مخرجا للتهرب امام هذه الفضائح الجنائية في سجون المملكة او التعتيم عليها لذلك اضطرت هذه المرة وهذا ما يحدث لاول مرة في تاريخ مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة والذي تأسس عام 2006، ان التوقيع هذا الكم الهائل من الدول بينها جميع دول الاتحاد الاوروبي الـ 28 على بيان شديد اللهجة ضد الرياض، ويتضمن عبارات قاسية يطالب السعودية بالافراج الفوري عن معتقلي الرأي والنشطاء وفي نفس الوقت يعرب عن قلقها الشديد تجاه قانون مكافحة الارهاب في السعودية التي تطال في الحقيقة المدافعين عن حقوق الانسان وسجناء الراي بدلا ان يطبق هذا القانون على الارهابيين الحقيقيين وممن ارتكبوا العمليات الارهابية والتفجيرات في سوريا والعراق ولبنان ومناطق اخرى من الذين جندهم النظام السعودي.
المنظمات الحقوقية سواء الاقليمية او الدولية ومواقع التواصل الاجتماعمي ومنظمات المجتمع المدني رأت في هذا البيان تقدما ونجاحا وانتصارا لمواقفها التي كانت تدعو باستمرار لملاحقة النظام السعودي بسبب انتهاكاته الصارخة لحقوق الانسان ناهيك عن التعامل الوحشي واللاانساني واللااخلاقي في عمليات الاغتصاب التي تجري في السجون السعودية. لكن اللافت ان ما برز من موقف اوروبي موحد هذه المرة في جنيف قد غاب سابقا في اجتماع الاتحاد الاوروبي في بروكسل دون معرفة السبب الحقيقي فهل كان حقا فشلا أم تواطؤ لعدم وضع السعودية على اللائحة السوداء الخاصة بتمويل الارهاب والتي سيكون لها آثارا وخيمة وملاحقات قانونية للرياض وفي نفس الوقت سيكون له آثار ارتدادية في القارة الاوروبية لم تستطيع القارة تحمل تبعاتها واذا كان مجلس حقوق الانسان جادا في ملاحقة جرائم السعودية وما يدور في سجونها وان كان على مستوى الافراد فهو امر مطلوب ولابد منه لكن الاولى ان ينظر الى قضية شعب يسحق باكمله كالشعب اليمني الذي لن يغفر لمثل هذه المنظمات خاصة وان السعودية لن تشن حربا واحدة على اليمن بل تشن حروبا عديدة من عسكرية واقتصادية وتجويعية وبيئية ووبائية. لذلك على الغربيين ان يثبتوا انسانيتهم وحرصهم على حقوق الانسان كما يزعمون فليضغطوا باتجاه الرياض لانهاء الحرب ومأساتها على الشعب اليمني.
فالمستقبل القريب سيكشف هل ان هذه المواقف هي في سياق الازدواجية الغربية المعروفة أم انها تأتي في التقسيم المنتظم للادوار.