kayhan.ir

رمز الخبر: 91424
تأريخ النشر : 2019March05 - 20:42

نتنياهو يواجه معركة المصير: الاعتزال أو السجن؟


علي حيدر

أحدثَ اتهام رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، بشكل رسمي، بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، هزة سياسية في الكيان الإسرائيلي تحولت الى محطة مفصلية في الصراع السياسي الداخلي. وأتت هذه المحطة بعد أكثر من "هزة سياسية" سابقة شهدتها الساحة السياسية الداخلية، بدأت مع إعلان بيني غانتس ويائير لابيد توحيد حزبيهما "مناعة لإسرائيل" و"يوجد مستقبل"، وتشكيل كتلة "ازرق – ابيض"، وانضمام رئيسي أركان سابقين، غابي أشكنازي وموشيه يعالون، إليهما، وهكذا بات يضم هذا التكتل ثلاثة رؤوساء اركان سابقين. وينطوي هذا المسلسل من الهزات على مؤشرات بأن يؤدي الى خلط الاوراق الداخلية والحزبية في الكنيست، وهو ما قد يغير بشكل جوهري معادلة تركيب الحكومة، وربما أيضا تحديد هوية رئيس الحكومة.

هذه الصورة العامة التي باتت تهيمن على المشهد السياسي الداخلي، تفرض تسجيل أكثر من ملاحظة لها صلة مباشرة بمفاعيل توجيه المستشار القضائي للحكومة افيخاي مندلبليت، لوائح اتهام رسمية الى نتنياهو، وهو ما قد يؤدي به في نهاية المطاف الى السجن، في حال ادانته من قبل المحكمة لاحقاً.

على المستوى القانوني، لا يوجد ما يمنع نتنياهو من الترشح ولا ومن اعادة تشكيل الحكومة، وصولا الى ادانته في المحكمة، أو صدور قرار من المحكمة العليا يلزمه بالتنحي.

في المقابل، قياساً إلى محطات سابقة، تُعدّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها توجيه تهمة تلقي الرشوة لرئيس حكومة إسرائيلي لا يزال يشغل منصبه. وهو تطور ستتوالى مفاعيله على المستويات السياسية والشعبية، وهي غير مرهونة بالتداعيات القانونية. واذا ما استندنا الى استطلاعات الرأي في مرحلة ما بعد اعلان الاتهام، فإنها تكشف عن اهتزاز صورة نتنياهو الذي بدأ يشعر بوجود خطر جدي عليه كشخص وعلى تفرد معسكر اليمين بالسلطة. وبغض النظر عن الأرقام التي تعرضها استطلاعات الرأي، والتي ستبقى متقلبة، حيث ما زال هناك عدة أسابيع الى حين موعد اجراء الانتخابات في التاسع من نيسان المقبل، إلا أن هذه الارقام تكشف عن تقارب بين معسكر اليمين وبين منافسيه مجتمعين، وهو ما يعكس حدة المعركة وامكانية حصول مفاجآت.

ومع أن الاستطلاعات قابلة للتقلب، لكن الواضح أن تكتل "ازرق احمر" الذي يترأسه بني غانتس يحقق تقدما ملحوظا في الانتخابات، ويتوقع أن يحافظ حتى موعد الانتخابات على الصدارة، لكن تشكيل الحكومة مرتبط ايضا بالتحالفات اكثر من ارتباطه باحتلال المرتبة الاولى بين الاحزاب.

أحد منابع القلق لدى نتنياهو انزلاق جزء من المصوتين لمعسكر اليمين لصالح تكتل غانتس – لابيد، وما يعزز هذه المخاوف هو وجود شخصيات يمينية فاقعة، لدى المعسكر المنافس مثل موشيه يعلون. ولمواجهة هذا التحدي يحاول نتنياهو أن يتهم منافسيه بكونهم ينتمون الى معسكر اليسار، لأنها الطريقة الوحيدة التي تحد من هذا الانزلاق في الاتجاه الآخر. فما دام نتنياهو متهماً بالرشوة وغير جدير بمنصبه، وما دام مصراً على توليه منصبه كرئيس لليكود ورئاسة الحكومة، وفي ضوء وجود قيادة بديلة لا يتعارض نهجها مع ثوابت اليمين، فلا يوجد ما يفرمل هذا الانتقال من الناخبين، سوى محاولة اقناعهم بأن التكتل البديل يمثل اليسار الذي سيكون مستعدا للتنازل عن المستوطنات وأجزاء من الضفة الغربية، واقامة دولة فلسطينية.

الوضع الأكثر اشكاليةً بالنسبة للكيان، أن من يقوده هو رئيس حكومة يخوض معركة مصيرية على حياته السياسية، على ثلاث جبهات مختلفة ومتزامنة، أولها معركته القضائية، ثم المعركة السياسية الداخلية، والسياسة الخارجية. وتعتبر الجبهة القضائية الأكثر تهديدا، وتنطوي على إمكانية تدمير حياته السياسية والشخصية، عبر دخوله الى السجن كما حصل مع سلفه في المنصب، إيهود أولمرت.

أما الجبهة الثانية فهي الجبهة السياسية الداخلية، ويتفرع عنها جبهتان: السعي للفوز في الانتخابات، خاصة وأنه يعلم أن خسارته تضاعف إمكانية دخول السجن، حيث من الأسهل بالنسبة له أن يدير معركته القضائية وهو على كرسي رئاسة الحكومة، والثانية هي معركته من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، ومحاولة تثبيت ائتلافه الحالي فيها.

الجبهة الثالثة التي يواجهها نتنياهو هي الجبهة السياسية الخارجية، حيث يقترب موعد عرض خطة السلام الأميركية، التي يطلق عليها "صفقة القرن"، وسيكون في هذه القضية أسير شركائه.

أمام هذا الواقع المعقد الذي يواجهه نتنياهو، ومن ورائه كل المستوى السياسي الذي سيكون أسير مآزق نتنياهو القضائية والسياسية، يبرز مخرج ما زال حتى الآن نظرياً، وهو أن يحاول التوصل الى صفقة ادعاء مع القضاء يتم بموجبها انسحابه من الحياة السياسية مقابل عدم محاكمته وادخاله السجن. فهل يلجأ نتنياهو الى هذا السيناريو في نهاية المطاف؟