عودة الحرب الباردة/تفكك الناتو وتصريحات القادة في مؤتمر ميونخ للأمن
باسم ابوطبيخ
تعتبر نهاية الاتحاد السوفيتي بداية العد التنازلي لثاني اكبر قوة قتالية عالميا وبداية الصعود بل التفرد الاميركي،كونه القطب الثاني من هذه الحرب،تجمدت كل امكانات السوفيت التسليحية وتوقفت مواكبة التطور التسليحي لسنوات عدة مما اثر سلباعلى النهوض مجددا، بالتزامن مع خسارة الحلفاء وخاصة اللذين كانت تجمعهم الشيوعية وذهاب القسم الأكبر منهم الى أوربا،مع الانحياز للبديل الأقوى ، وان تقدم الولايات المتحدة الاميركية استمر بالتطور طيلة فترة سبات السوفيت مما جعل بون شاسع بين القوتين.
لم يكن الموقف الروسي بالضد من اجتياح العراق رغم ان الاخير كان اهم حليف للسوفيات ،لكن الامر اختلف وانقلبت المعادلة عند محاولة اوباما تقليد نموذج الاجتياح العراقي لبوش الابن وتطبيقه على سوريا ،حيث كان حق الفيتو الروسي في مجلس الأمن بمثابة تكريس عملي لعنوان المقال،وهذا الموقف له تداعيات مختلفة،ويتطلب تفعيله بمعطيات تعزيز قوة اخرى تجعل منه ساتر صد متقدم بوجه الهيمنة الاميركية .
تعتبر تداعيات خسارة الروس لسوريا غير واردة ولا يمكن التخلي عن جغرافيتها واهم الأسباب هو صعوبة الوصول الى منطقة الشرق الاوسط وبالاخص سوريا كونها الحليف او القاعدة الوحيدة للروس في المنطقة ،مقابل الانتشار للقواعد الاميركية المحيطة بسوريا وتعتبر هذه الخسارة بداية النهاية ،كونها تشمل معطيات كثيرة منها وجود الطاقة واعتماد الاقتصاد الروسي عليها وخاصة مادة الغاز مما تؤثر سلبا في حال مرور الغاز القطري او السوري عبر تركيا الى أوربا التي تعتبر السوق الأهم للغاز الروسي وبدون مشاركة روسية .
ان عبث واطماع قطر ومن ورائهما في تغذية الصراع لتمرير أنبوب الغاز،كانت ومازالت الأطماع الإقليمية في الاستحواذ على جزء من مشروع الطاقة رغم وجود الكبار، دعمت هذه الدول على مشروع إذكاء الطائفية لجعل المتصارعين في حالة استنزاف مستمرة بغية الحصول على تنازلات.
وزعت ادوار اللعب في ساحة الصراع حسب عمق ودرجة الخنوع للدول المكملة للمشروع الصهيو-اميركي؛
وهنا سؤال يطرح نفسه؟
ما الذي يدفع دولة مثل قطر على سبيل المثال وهي غنية جدا تتدخل وتدفع فاتورة الصراع وتعترف بفعلتها لاحقا من خلال وزير خارجيتها السابق حمد ال ثاني،
هنا بدأنا نشهد ملئ الفراغات من قبل الروسي في كل المناطق التي تفشل بها السياسة الخارجية الاميركية ابتداء من أوكرانيا القرم وصولا الى فنزويلا اليوم .
تعددت المواقف والتحالفات أبتداء من سوتشي الى أستانا،وجنيف ؛كلها تداعيات توحي الى عودة التنافس التسليحي واضهار القوة التسليحية التي كانت جلية من خلال تصريحات قادة مؤتمر ميونخ الاخير للأمن،وكان التباين واضح بشدة بين تصريحات دول حلف الأطلسي النيتو، ورسيا بوتين، وإيران ظريف والنائب للرئيس الاميركي مايك بنس،ومركل.. رغم هول المشاركة ان المؤتمر لايحتوي على بيان ختامي وهو غير رسمي لكنه منصة للتعرية وابراز القوة والتعاون الأمني وهدفه منع وقوع حرب عالمية ثالثة منذ ١٩٦٣؛
كلها تصريحات تثبت على بداية تفكك للنيتو وعدم وجود وحدة قرار، مع وجود خلاف فرنسي ألماني وعدم حضور ماكرون شخصيا وشرخ إيطالي حول ليبيا وخروج بيريطاني من الوحدة الأوربية مع تصريح خجول منها على انها باقية مع التحالف الدولي لمكافحة الاٍرهاب.
كل الأزمات العالمية تبدأ من إدارة ترامب وعلى سبيل المثال : مسألة القدس واعتبارها عاصمة للكيان،والخروج من الاتفاقية مع ايران حول مفاعلها السلمي وحصارها، وهنا تبين الموقف الأوربي انقسامه حول العلاقة مع ايران والتباين الكبير مع الاميركي، وايضا المطالبة بزيادة الدفع لتكاليف حلف النيتو التي تدفع ألمانيا منها ٣٦٪ ، مع عدم الالتزام في اتفاقية وتكاليف فاتورة التغير المناخي التي أصحبت مكلفة لكل القارات وخاصة أوربا،وذلك لقدوم ٢٥ مليون مهاجر خلال السنوات الاخيرة، وهذه الهجرة ليست اسبابها أمنية وتفشي حالة الاٍرهاب وإنما كانت اغلبها هو شحة المياه والتصحر مما زاد نسب البطالة على عموم القارات ؛
ماتقبله غورباتشوف وقبوله خسارة الحرب الباردة على يد الرئيس الاميركي بوش الأب تنهض روسيا اليوم بقيادة بوتين مع الانسجام الصيني المؤيد والداعم وقد تكون هي القطب الثالث بعد مناوراتها العسكرية الكبرى في التاريخ في بحر الصين الجنوبي ٢٠١٨ الذي يعد ممرا استراتجيا وذلك يعتبر تحديا وتحجيما لاميركا،
وان تصاعد ودخول اقتصاديات جديدة مثل البركس وقوة ايران المتصاعدة وعدم امتثالها لطموحات المشروع الاميركي في المنطقة وعدم ثبات الأتراك على موقف من النيو او العلاقة مع اميركا بعد محاولة الانقلاب، كلها نقاط يجب الوقوف عندها بتمعن وتمحيص لمعرفة جريان التغييرات الاستراتيجية والجيوسياسية لمعرفة الأولويات وكيفية بناء علاقات دولية على أساس التغيرات في مسار التعدد القطبي المستقبلي .
تحالف وارسو الفاشل هو سباق اسرائيلي لاستباق الأحداث ومحاولة غير مدروسة لانها عرت حكام عرب بعضهم كان مواقفه تتسم بالعار وذلك لمحاولة تطبيعه مع الكيان الصهيوني لكن ان تعمل حلف!!،هذه مرحلة متقدمة على التطبيع،جميعنا يعلم هؤلاء المجتمعون اساسا هم يقدمون الولاء لإسرائيل بدون وارسو ولاهم يحزنون؛لكن دراية الاسرائيلي وقرائته المسبقة للأحدث تجعل منه متهورا ويفقد العقلانية بالتعامل العلني ويعري حلافائه امام شعوبهم من اجل مكسب انتخابي او شأن داخلي، لكن اعتقد الأمور اعقد بكثير في تداعيات مستقبل الصراع …