kayhan.ir

رمز الخبر: 90530
تأريخ النشر : 2019February18 - 20:38

الأسد ومقاومة الحرب التي لم تنته


غالب قنديل

من أول أيام العدوان الاستعماري على سورية حتى اليوم جاءت جميع الوقائع والأحداث لتؤكد بعد نظر القائد المقاوم الرئيس بشار الأسد وصحة تشخيصه للواقع وللتحديات وتعيينه لسبل مجابهتها وقد بات كل حديث او خطاب للرئيس مسارا جديدا في معركة الوعي داخل المجتمع السوري وفصلا مهما في إدارة الصراع الممتد منذ سنوات ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي الذي يقود الحرب على سورية.

تتميز كلمات الرئيس بشار الأسد بمنهجيته العلمية الصارمة في مقاربة المواضيع والملفات التي يتناولها وبقدرته النوعية على بسطها بلغة مباشرة وغير معقدة لتصل بحيوية كبيرة إلى جميع الفئات الشعبية.

استحقت عملية إنجاز الانتخابات المحلية رغم استمرار العدوان ان تكون هي المناسبة والتوقيت فهذه العملية بذاتها هي اولا شهادة لقوة الدولة الوطنية السورية ولصمودها وللاحتضان الشعبي الذي تحظى به والذي تؤكده نسب المشاركة في هذه الانتخابات في جميع المحافظات السورية وهي ثانيا فرصة للقائد الأسد لعرض تصور توجيهي حول دور المجالس المحلية المنتخبة في قيادة الحياة العامة في مناطق صلاحيتها على صعيد التخطيط والمحاسبة ومتابعة التطبيق المحلي للخطط الوطنية العامة التي تضعها مؤسسات الدولة المختلفة وهو بذلك قدم رؤية لمستقبل سورية ولواحد من أبرز وجوه إعادة البناء الوطني اقتصاديا واجتماعيا وإداريا.

الخطاب الأخير جاء في توقيت هام بعد الجلبة الإعلامية التي أثارتها معاناة السوريين من نقص بعض الضروريات حيث اكد الرئيس على اهمية الشفافية في تعامل الوزارات والإدارات وسائر الجهات المسؤولة بالإفصاح عن المشاكل الفعلية حال وجودها دون مواربة والسعي لحلها وتذليل العقبات لتوفير احتياجات الناس الذين ينبغي إشراكهم كما يشدد الرئيس دائما في المسؤولية عن مقاومة العدوان الاستعماري ونتائجه وهو بذلك يدعو إلى نهج حكومي وإداري مختلف ينطلق من مبدأ عدم التستر على أي مشكلة مهما كانت وضرورة إشراك الناس في معرفة مسبباتها وطرق المعالجة وهذا هو مضمون المقاومة الشعبية القادرة على قهر الحصار الذي تتعرض له سورية وجرى تشديد قبضته مؤخرا بوضوح.

أبرز الرئيس الأسد للرأي العام حقيقة ان الحرب لم تنته كما ظن بعض السوريين عندما توقف ضجيج المدافع وازيز الرصاص في مناطقهم نتيجة انتصارات وإنجازات باهرة حققها الجيش العربي السوري وسائر القوى الحليفة والرديفة في مقاومة العدوان وادواته لكن الحرب لم تنته فما زالت مناطق سورية عديدة تعاني وتواجه التهديد والعدوان وعرض القائد الأسد بالتفصيل مظاهر الحرب المستمرة والحصار المتواصل وتحديات الحرب الإعلامية والنفسية التي تديرها القوى المعادية عبر وسائل التواصل لإثارة البلبلة والفوضى.

الحرب المستمرة ضد سورية تدخل بالفعل مرحلة يتقدم فيها منطق الاستنزاف عبر تشديد الحصار ومحاولات التلاعب بالرأي العام والتأثير في تماسك السوريين والتفافهم حول الدولة والرئيس وقواتهم المسلحة وهي عناصر القوة الحاسمة التي مكنت البلاد من الصمود خلال السنوات الماضية ومن التصدي لفصول العدوان الأشد خطورة وبشاعة.

إن انطلاق فصول الحسم العسكري المتوجبة لاستكمال تحرير التراب الوطني السوري يواجه تعقيدات كثيرة سياسية واستراتيجية تبدأ بالاحتلال الأميركي ولا تنتهي بالاطماع التركية وجيوب عصابات الإرهاب الباقية التي نوه عنها الرئيس الأسد في كلمته .

تدير القيادة السورية شبكة معقدة من التناقضات والتحالفات في تعاملها مع فصول العدوان وهذا ما يحتاج إلى تعزيز ثقافة الصبر الاستراتيجي في إدارة الصراع وإلى مزيد من الثبات والتضامن الوطني والثقة بالقيادة وترسيخ إرادة الصمود والوعي الشعبي في المناطق المحررة والمحتلة على السواء وهو ما شغل حيزا رئيسيا من خطاب السيد الرئيس وحيث يشكل العمل لاسترجاع المهجرين من الخارج احد اكبر التحديات السياسية والاقتصادية وهو هدف رئيسي للدولة كما اكد الرئيس الأسد الذي اعتبر هذا الأمر مبدئيا لا يقبل النقاش.

عودة المهجرين هي نقلة كبرى في طريق الانتصار والنهوض لما يمثلونه من حجم في الكتلة السورية المنتجة وفي القوة المحركة لعجلة الاقتصاد السوري بجميع قطاعاته وهذا هو سر عرقلة حلف العدوان لجهود الدولة الوطنية والحلفاء في هذا الاتجاه خصوصا مع اقتراب فرص إعادة الإعمار التي أشار الرئيس إلى انطلاقها في اكثر من مجال لاسيما في البنية الأساسية الضرورية لاستكمال بقية فصول إعادة البناء الوطني الشامل.

سورية صامدة تقاوم وتشق طريق انتصارها بجدارة وبقيادة رئيس يجيد تحديد الأولويات لكل مرحلة وهو يمتلك رؤية استراتيجية شاملة دفاعا عن استقلال سورية الوطني وعن وحدة شعبها وعن دورها القومي والريادي في مسيرة التحرر التي تخوضها الشعوب ضد الهيمنة الاستعمارية وتخوضها المنطقة ضد الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي.