نتنياهو بامتطائه العرب يحسم فوزه بالانتخابات
ابورضا صالح
المسلمون الاوفياء للقضية الفلسطينية وسائر المعارضين للصهيونية عليهم ان يتحملوا نتنياهو لعدة سنوات اخرى بعد مؤتمر وارسو. هذا هو المصير الذي رسمه لهم الحكام العرب الذين شاركوا في هذا المؤتمر .
الحقيقة هي ان نتنياهو كان النجم اللامع لمؤتمر وارسو الخافت، فرئيس حكومة كيان الاحتلال سيعود الان الى الاراضي المحتلة دون ان تعتريه اي هواجس بشان خسارته في الانتخابات القادمة .
هنالك عدة نقاط في هذا الخصوص يجب الوقوف عندها وهي :
اولا: في حين كانت قضيتي عجز نتنياهو في ضمان امن الكيان الاسرائيلي وملف الفساد المالي الذي عزز من تكهنات استدعائه الى المحكمة قد تحولتا الى كابوس بالنسبة له وانه كان يعاني من هاتين المسالتين اشد معاناة، يبدو ان مشاركته في مؤتمر وارسو كانت بمثابة الماء الذي اخمد نيران هذه التهديدات المستعرة. والان بات بامكان نتنياهو ان يقول للراي العام الاسرائيلي انه ليس فقط نجح بالجلوس على طاولة السلام مع اعدائه الالداء، بل انه نجح من خلال خلق عدو جديد تحت عنوان "ايران" ان يحرف البوصلة من العداء التاريخي لـ"اسرائيل" الى ايران فضلا عن طمأنة الداخلي الاسرائيلي بانه لم يعد هناك اي مبرر لان يقلق من هنا فما بعد بشان هذا العداء، لانهم باتوا في الجبهة التي قام الكيان الصهيوني بتعبأتها.
ثانيا: في حين ان نتنياهو قبل هذا وبهدف الحفاظ على مكانته السياسة كان يتنصل عن الحضور الى المحكمة للرد على الاتهامات الموجهة اليه ، يبدو انه في ضوء الظروف الجديدة ليس فقط سيصر على ذلك بل ان الجهاز القضائي ايضا وكهدية للمكسب الذي حققه سيتغاضى عن ملفه الجديد بلا شك .
ثالثا : كان من المتوقع ان يتابع مؤتمر وارسو الامريكي ثلاثة اهداف رئيسية هي ترسيخ العداء لايران والتمهيد لتمرير "صفقة ترامب" وبالتالي مساعدة نتنياهو للفوز في الانتخابات المقبلة . ولكن يمكننا الجزم بان الهدف الاساس لهذا المؤتمر كان يركز على تمهيد الارضية لفوز نتنياهو وضمان هذا الفوز، لان تحقق هذا الامر سيعني حل القضيتين الاخريين آليا في غضون عدة اعوام من حكمه المتوقع .
رابعا : قام نتنياهو خلال فترة حكمه للكيان الاسرائيلي بتوسيع نطاق عمليات الاستيطان بشكل كبير، كما انه انهى مسالة تهويد الحكومة والاهم من كل ذلك انهى ملف نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس . لقد نجح نتنياهو في غضون هذين العامين من وصول ترامب الى السلطة ان يناغم الرئيس الامريكي معه بشكل كامل لكي يلغي قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل كامل من خلال خفض عددهم من خمسة ملايين الى اربعين الف شخص، وخفض مساعدات الاونروا الى الفلسطينيين للنصف وغيرها .. هذا يعني ان العرب المشاركين في مؤتمر وارسو قبلوا يد نتنياهو من اجل هذه الاجراءات وشكروا ترامب عليها وبالتالي شدوا على يد الاثنين لاطلاقهما رصاصة الرحمة على القضية الفلسطينية .
خامسا : رغم ان ممثل عمان من خلال عقد محادثات مباشرة مع نتنياهو في مؤتمر وارسو ، اعاد تذكيرمسلمي العالم بالذكرى المريرة لزيارة رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي الى بلاده ، وان وزير خارجية حكومة هادي اللاشرعية جلس الى جانب نتنياهو ومن خلال تقديمه لمكبر الصوت اليه كشف عن عدم شرعية حكومتي هادي ونتنياهو بشكل لا ارادي، وبانه يعقد الامل على "اسرائيل" قبل كل شيء، وان ممثلي السعودية والبحرين والامارات الذين كانوا كانوا يتوجسون خيفة من فضح علاقاتهم مع الكيان الاسرائيلي، حطموا قيود هذا التحريم التاريخي للعلاقات بين المسلمين و"اسرائيل"، من خلال جلوسهم على طاولة واحدة ووجها لوجه مع عدوهم،
لكن الحقيقة القائمة هي انه وخلال العقود السبعة السابقة كان دائما هناك حدا فاصلا بين جماعتين هما " انصار فلسطين" و " الخائنين للقضية الفلسطينية ، والفرق الوحيد بين هذا " المنطعف التاريخي" بتعبير نتنياهو مع العقود السبعة الماضية تمثل في ان صفوف المدافعين والخائنين باتت اوضح من ذي قبل على جميع الصعد، وان العرب المشاركين في مؤتمر وارسو حطوا من قدرهم الى درجة انهم اصبحوا وسيلة خسيسة وبلا قيمة من اجل الحملة الانتخابية لنتنياهو.
التاريخ سيثبت لنا مستقبلا كيف سترد "اسرائيل" الجميل لهذه الجماعة المرعوبة المفضوحة المنحطة .