الملفات المتهافتة بصمود ايران
شهدت العاصمة النمساوية الاسبوع الماضي جولة اخرى من المفاوضات النووية على مستوى الخبراء من جهة وعلى المستوى السياسي بين محمد جواد ظريف وزير الخارجية ونظيريه الاميركي جون كيري والاوروبية كاترين اشتون وعلى مدى ست ساعات من جهة اخرى بهدف تذليل العقوبات التي مازالت تحول دون التوصل الى اتفاق يرضي الطرفين. فقضية قدرة وحجم التخصيب لازالت موضع النقاش اضافة الى ان الطرفين لم يتفقا بعد على وتيرة رفع الحظر الدولي على طهران.
وعقب كل جولة مفاوضات بين ايران ودول (5+1) اعتادت الادارة الاميركية والناطقون باسمها ان يخرجوا على الملأ وعلى عادتهم منذ سنوات عديدة بتلبيد الاجواء حتى وان كان هناك تقدم واضح في المفاوضات النووية وهذا يدلل على ان اميركا طرف غير موثوق به لان الازدواجية والنفاق متلازمان معها على طول الخط ولايمكن التعويل على وعودها وعهودها بسبب ان قرارها مرتهن بعدة مراكز تدخل في حسم القرار وليس الرئيس الاميركي وحده من يحسم الموقف.
فالمواقف المتذبذبة للادارة الاميركية هي السمة الاخرى التي تلازمها باستمرار وهذا نابع من روحها الاستكبارية المتعالية التي تحاول قدر الامكان خطف المكاسب حتى اللحظة الاخيرة من الطرف الاخر دون مراعاة لحقوق الاخرين او احترام القوانين الدولية والانسانية والاخلاقية، وهذا ما اتضح تماما من التصريحات الاخيرة لمساعدة الخارجية الاميركية وكبيرة المفاوضين النووين الاميركيين التي أذعنت بتقدم المفاوضات على مستوى الخبراء بين الطرفين وان المفاوضات منحصرة في الملف النووي الا انها عادت الى المربع الاولى وهذا ديدن كل الناطقين باسم الادارة الاميركية لتقول سواء اتفقنا او لم نتفق حول الملف النووي مع ايران فان ملف حقوق الانسان ودعمها لقوى التحرير في المنطقة والتي تسميها زيفا دعما للارهاب يبقى مفتوحا لاستمرار الحظر على ايران.
فلغة التشكيك المزيفة بالبرنامج النووي الايراني السلمي لا تكاد تغادر السنة الناطقين باسم الادارة الاميركية على مر السنوات الماضية من دون سرد ادلة او وثائق تدل على ذلك اضافة الى ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفرق تفتيشها التي زارت المنشآت النووية الايرانية لآلاف الساعات مع وجود كاميرات تعمل على مدار الساعة فيها، لم يعثروا حتى اليوم ما يدلل على اقل انحراف في هذه المنشآت، الا ان شرمن كبيرة المفاوضين الاميركيين تذهب الى ابعد من ذلك لتستنتج زورا وظلما ان برنامج ايران النووي ألتسليحي سيشكل تهديدا لدول المنطقة وحتى اميركا وانه سيؤدي الى فتح الطريق امام سباق تسليحي في المنطقة. لكنها تعلم وفي قرارة نفسها وهكذا ادارتها ان اميركا هي احوج لاغلاق هذا الملف من ايران بسبب مصالحها في المنطقة ودور ايران الحاسم في حل الكثير من ملفاتها. لذلك على واشنطن ان تعيد حساباتها لان طهران هي التي تقرر ما تحتاجه وليس الغير.
وخلصت تلويحا في نهاية المطاف في حديثها المتلون امام مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن بان الكرة اليوم في الملعب الايراني وعلى طهران اغتنام هذه الفرصة للتوصل الى حل شامل للملف النووي متناسية انها لم تغلق ملف الحظر نهائيا بل ابقته مفتوحا على ذمة ملف حقوق الانسان ودعم ايران لـ "الارهاب"!!.