لبنان بين الحاجة والضغوط
توقيت زيارة الوزير ظريف للبنان غداة ولادة حكومة الرئيس حريري الذي تزامن مع الذكرى السنوية الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية والذي رعى احتفالها في بيروت وكانت مميزة مع ما تقيمها الدول الاخرى في العاصمة اللبنانية بالمناسبات الوطنية لها، شدت انظار واهتمام الدول الاقليمية والدولية خاصة وان الوزير ظريف وفي لقائه مع الرؤساء الثلاثة وكذلك نظيره اللبناني والاحزاب اللبنانية اعلن عن استعداد ايران للتعاون مع لبنان وتقديم المساعدات له على كافة الاصعدة، ناهيك عن ان الزيارة كانت اول زيارة خارجية على هذا المستوى للبنان بعد تأليف الحكومة وهي رسالة بليغة بان ايران تدعم الاجماع اللبناني وما يتوصل اليه دون تحفظ مع وجود الاختلاف مع بعضها.
ايران الاسلامية التي تجيد لعبة العلاقات البينية في الاقليم والعالم لما تمتلكه من حنكة وخبرة طويلة واحترام رؤية الاخر تدخل لبنان من بوابتها الواسعة واحزابها المتباينة لتعرض التعاون الصادق والتواصل الودي دون ان تسبب في احراج هذا البلد وهي تتفهم مشاكله وخلافا للدول الاخرى سواء الدولية او الاقليمية في فرضها الشروط للتعاون مع لبنان وهذا هو الفارق في التعامل بين ايران والدول الاخرى التي تحترم قرار وسيادة الطرف الاخر وبالطبع ان هذا التعامل الايجابي في العلاقات سينعكس على الاخرين وسيحد من تدخلاتهم السافرة ان عاجلا او آجلا في الشآن اللبناني لان الشعوب بطبيعتها الحرة لن تتحمل تبعات مثل هذه السياسات المهينة.
فزيارة ظريف للبنان وعرضه المساعدات على هذا البلد وفقا لآلية التعامل بالعملة الوطنية على غرار التعامل الايراني مع اوروبا وروسيا والصين والهند، تصب في اطار سحب الذرائع من الفريق الرافض لهذا التعاون والذي يحاذر التجاوب مع العرض الايراني بحجة العقوبات الاميركية التي قد تضر بلبنان وهذا ما يحرج هذا الفريق اما جمهوره الذي هو الآخر يعاني كبقية اللبنانيين من ازمات الطاقة والكهرباء والادوية وغيرها دون حل.
وبالتاكيد فان الرأي العام اللبناني سيطرح هذا التساؤل الى متى يبقى لبنان مكبلا ويخضع لضغوط خارجية عبر هذا الفريق او ذاك لاضعافه عبر المقولة المتداولة وغير المنطقية "قوة لبنان بضعفه" في وقت ان لبنان بمعادلته الذهبية "الجيش والشعب والمقاومة" هزم الجيش الصهيوني الذي لا يقهر والذي عجز العرب جميعا عن مواجهته.
وترى الاوساط اللبنانية المستقلة ان من يتذرع برفض المساعدات الايرانية للبنان وهو بحاجة ماسة له في وقت يعجز الآخرون عن تقديمها، لا يخدم لبنان ولا مصالحه، وهناك من يعتقد من الاوساط اللبنانية ان زيارة الموفدين العرب والاجانب بهذه الكثافة الى لبنان تأتي في اطار ردة فعل استباقية لاحتواء وعرقلة ما عرضه الوزير ظريف من دعم ومساعدات مفتوحة في جميع المجالات ودون شروط للحكومة الجديدة التي تريد النهوض بلبنان والتغلب على مشاكله وهذه فرصة ثمينة يجب استثمارها.