ترامب وعقدة ايران القاتلة
التصريحات الاستفزازية اللامسؤولة والمستهترة التي ادلى بها ترامب مؤخرا لشبكة "سي بي اس" الاميركية حول "ابقاء القوات الاميركية في العراق" تبرهن على منهجية واشنطن البلطجية في التعامل مع دول العالم اذ تضع نفسها فوق القانون الدولي وتتعامل معها من موقع الوصي وهذا ما يتنافى جملة وتفصيلا مع الاعراف والقوانين الدولية التي تؤكد على احترام سيادة الشعوب واستقلالها.
فالمنطق الافلج للرئيس ترامب حول ابقاء قواته في العراق لمراقبة ايران يمس اولا سيادة هذا البلد واستقلاله لذلك جاء الرد العراقي عليه صاعقا وصادما على المستويين الرسمي والشعبي، فأما الانسحاب واما الخروج بقوة السلاح وهذا ما هددت به الفصائل العراقية ترامب.
واما ما يمس ايران فهي عملية تجسس رسمية فاضحة تريد ممارستها اميركا عبر الاراضي العراقية ضدها وهذا ما يشكل خطرا كبيرا على الامن القومي الايراني الذي هو مرفوض في كل الاعراف والقوانين الدولية ولايمكن لاي انسان ان يقبل به فكيف بالايراني او العراقي الذي هو معني بالقضية التي تمس وجوده.
وان كان الرئيس ترامب معتوها ويتظاهر بالجنون لكنه في الوقت نفسه رجل متناقض وغريب الاطوار، ففي الوقت الذي يعتبر ان التدخل العسكري الاميركي في العراق احد اكبر اخطاء بلاده على مر التاريخ، الا انه يعلن وبوقاحة يريد الابقاء على قواته في هذا البلد والاتعس من ذلك يعلن بان القوات التي سيسحبها من سوريا ستنضم الى القوات الاميركية في العراق وهذا انتهاك آخر للسيادة العراقية.
ومما لا شك فيه ان قرارات ترامب المجبر عليها حول الانسحاب من سوريا وافغانستان تدلل على مدى الارتباك والتخبط لدى هذا الرجل وخوفه من التداعيات المستقبلية لبقاء قواته خارج اميركا وان يتراجع عن بعضها لاصطدامه بجدار الكونغرس لكنه في النهاية سيسحبها مقهورا مذلولا.
طهران قد لا تستغرب من مثل هذه التصريحات الغوغائية التي تصدر من الرئيس ترامب لمعرفتها وخبرتها الطويلة بالرؤساء الاميركيين الذين يتبعون منهجية استراتيجية قذرة تقطر منها الخباثة والخديعة في الترويج لـ"ايران فوبيا" لتحقيق مآربهم واهدافهم الدنيئة سواء في الداخل لادارة صراعاتهم او في الخارج لتأمين مصالحهم اللامشروعة في السطو على دول المنطقة وحلبها وهذا هو منتهى السقوط الاخلاقي الذي يتجلى به الرؤساء الاميركيين وساستهم.
والرئيس ترامب ليس الرئيس الاميركي الاول الذي يصف ايران بالدولة الشريرة فقد سبقه بوش الابن في هذا المضمار الذي هدد ايران باستمرار لكنه في النهاية ترك البيت الابيض مهزوما محذورا امام ايران دون ان يستطيع مسها وهذا هو الاخر ترامب ستقتله عقدة ايران ويترك البيت الابيض دون ان يشهد الدورة الثانية من رئاسته وقد لا يكمل حتى دورته الاولى على الارجح والايام بيننا.