الأكراد والمنطقة الآمنة “جدل ومفاوضات"
سناء محمد نعمة
لا زالت الورقة الكردية من الأوراق الرئيسية للمفاوضات الاسرائيلية التي أوعزت أنها لن تتخلى عن حلم الأكراد الذي من خلاله سيتحقق الحلم الإسرائيلي لتكون إسرائيل أكثر قوة في سوريا بعد أن تلاشى دورها وضعفت في المواجهة العسكرية وكل ذلك بفضل ازدياد قوة المقاومة في وجهها سواء داخل فلسطين المحتلة او على الحدود اللبنانية وكذلك السورية. وبالرغم من تنفيذها لغارات مستمرة في الداخل السوري ، ورغم كل ضجيجها حول محاولة بناء انتصارات وهمية فإنها لم تنتصر، فتمسكت بالورقة الكردية لتزاول مهنة الضغط لإعطائها فتات أمتار تتزعم بها شعبا تزعزع حدود دول.
ورغم إعلان ترامب انسحاب جنوده من سوريا الا أن الوضع لا زال كما هو مع الأكراد وما زال مراوحا بين مشروعين اساسيين يتم تداولهما بين جميع الأطراف .
فما هما هذان المشروعان ؟ وأي منهما سيختار الأكراد ؟ وما هو دور الأتراك ؟ ومن سيكون له القرار الأساسي في حسم الأمور؟
اسئلة كثيرة يتم تدوير العمل على أساسها لتفادي تصاعد وتيرة حرب ميدانية كانت ولا زالت عالقة تارة تستيقظ وتارة تستكين ويبقى الأكراد هم حجارة اللعبة بيد الجميع يتم تحريكهم حسب مصالح كل الأطراف المتقاتلة على نهش ارض العروبة والمقاومة: أرض سوريا.
نتيجة لذلك كان هناك مشروعان يتم عرضهما على الأكراد من جهة وعلى الأتراك من جهة أخرى حتى يتم حل أزمة الحدود الشمالية لسوريا (نقطة خلاف وجدال الأكراد والأتراك ) .
أما المشروع الأول فهو المشروع الروسي الذي يقوم على أساس انضواء الأكراد في الدولة السورية وإعطائهم بعض المزايا كثقافة و عادات و تقاليد و مدارس و ما شابه ذلك...، وأن تنتشر قوات الجيش السوري في مناطقهم و يتم إعطاء الأتراك منطقة حدودية بعمق 5 كلم على طول الحدود، وتنتشر الشرطة الروسية و الإيرانية و التركية في هذه المنطقة، و يتم تصفية المسلّحين إما بالتسوية و إما بالترحيل إلى بلادهم و إما بالحسم العسكري.
في حين أن المشروع الثاني وهو المشروع الأمريكي يقوم على أساس إعطاء تركيا منطقة آمنة بعمق 30 كلم على طول الحدود بما فيها مناطق الأكراد، شرط ألّا تتعرّض إلى الأكراد بسوء و تكون لهم إدارة أمورهم الداخلية بمعزلٍ عن الدولة السورية المركزية، وذلك بهدف إبقاء ورقة الأكراد بأيديهم إضافة إلى إرضاء تركيا وإبقاء المعارضة التابعة لها في المنطقة الآمنة.
هذان المشروعان تم عرضهما على الأكراد والأتراك فكان هناك اختلاف في وجهة نظر الطرفين وخصوصا لناحية المشروع الأمريكي اذ ان الأكراد يتخوّفون من الأتراك و يريدون ضمانات، ولذلك فقد طالبوا إما بقوات دولية تنتشر في تلك المنطقة وإما قوات أمريكية، أما الأتراك فيريدون الانتشار لقواتهم أو حلفائهم في مناطق الأكراد،
وكذلك الأمر بالنسبة للمشروع الروسي فالأمر ما زال عالقا حول مصير المسلحين اذ يريد الأتراك ابقاءهم ضمن قوات حرس الحدود
وحتى حسم الجدال او السجال للقضية، تبقى تلك المنطقة في حالة تأهب وتوتر مستمر، إذ أن الكردي لا يحاول أن يصل الى نتيجة القبول بالأمر الواقع والعودة الى ما قبل الحرب السورية مع اعطائه امتيازات اضافية ربما لاحقا، ان ابدع في المحاولات، سيستطيع ان ينال مراده ولكنه يستغل في فترة وجوده حب المغامرة وسهولة الوصول الى ما يريده وكسب المودة في الحصول على وعود ، إذ أن الكردي اعتاد على الوعود ولم يتعلم من كل التجارب أنه ورقة بيد المصالح التي قد تطيح به في أية لحظة وحتى لو لم تحصل اسرائيل على طموحاتها من خلاله فقد تتراجع وتتركه بعد كل الوعود .
أما الروسي فما يزال يراهن على احتواء القضية واقناع الأكراد لتكون تحت جناح الدولة السورية بينما تراهن تركيا على المسلحين.
مخطط كبير يتأرجح بين فكي محورين ، إما المشروع الأمريكي الذي يعمل لصالح اسرائيل قبل مصلحة الأكراد وتركيا وإما المشروع الروسي الذي سيكون لصالح انتصار محور المقاومة وحماية وضمان الأكراد ، علما أن كل المؤشرات تشير الى إطاحة المشروع الأميركي وترجيح الكفة للروسي بأكمله.
عندها، هل سيتعظ الكردي من تجارب سابقة او سيبقى رهن إشارة المؤامرات التي تحاك في ظل جهله؟.