لماذا لا تدفنوا هذا الجسد العفن؟
حسين شريعتمداري
الهدف الاساس من المفاوضات كان الغاء العقوبات، وبهذا الاعتقاد، اعلن السيد روحاني في الرابع عشر من يوليو /تموز 2016 عن التوصل الى اتفاق نووي بين ايران وست قوى دولية،قائلا: "اعلن اليوم للشعب الايراني الشريف انه حسب هذا الاتفاق،وفي يوم تنفيذ الاتفاق النهائي، فستلغى جميع العقوبات، وحتى الحظر التسليحي، والصاروخي، وكذلك جميع العقوبات المالية والمصرفية وجميع العقوبات الاقتصادية بشكل كامل ستلغى لا ان تعلق".
وفي السادس عشر من يناير /كانون الثاني عام 2016، سافر السيد ظريف الى فيينا ليعلن بدء تنفيذ خطة العمل المشترك، فقال فور وصوله المطار: "ستلغى ان شاء الله من اليوم جميع العقوبات الظالمة بسبب الموضوع النووي الايراني وستوضع جانبا، مما يبشر بيوم سعيد للشعب الايراني".
فيما قال السيد عباس عراقجي كبير المفاوضين النوويين؛ "في يوم تطبيق الاتفاق، فسترفع جميع العقوبات الاقصادية والمالية المفروضة علينا، اي انه في يوم تنفيذ الاتفاق سيعلن الغاء جميع العقوبات الاقتصادية والمالية على كافة الصعد في اطار البرنامج النووي".
وطبقا للتصريحات الواضحة للمسؤولين الرسميين لبلدنا بدءا من رئيس الجمهورية ومرورا بوزير الخارجية ومساعده، اولا؛ ان المقصود الاساسي من المفاوضات النووية كانت"الغاء العقوبات" وليست حتى تعليقها، ثانيا؛ فان الغاء جميع العقوبات كان ضمن نص الاتفاق النووي، وثالثا؛ ان الغاء جميع العقوبات ينبغي العمل بها منذ اليوم الاول لتنفيذ خطة العمل المشترك ولذا فان ادعاءات السادة فيما بعد بان هدف خطة العمل المشترك اقتصادي وليس الغاء العقوبات، هو كلام مخالف ـ ومع الاعتذار ـ كذب محض!
فليس لم تطبق اي من الوعود التي اعلنت بشكل رسمي من قبل الحكومة بخصوص الغاء العقوبات وحسب بل اضيفت عشرات العقوبات الاخرى الى العقوبات السابقة! والسؤال المطروح هنا هو انه لما لم تتحقق اي من الوعود التي ذكرها الخصم في خطة العمل المشترك فما الذي بقي من الاتفاق النووي غير "جسد عفن"؟! ولماذا لا تدفن الحكومة هذا الجسد العفن والذي ينبعث منه كل يوم في الاجواء السياسية والاقتصادية للبلاد رائحة كريهة مثل؛ FATF, و CFT و SPV وبالرمو، واخيرا INSTEX؟! وقد اعلن الاوروبيون بانهم ملتزمون بخطة العمل المشترك وطلبوا من ايران ان لا تخرج من الاتفاق النووي! ولكنهم لا يجيبوا على السؤال؛ اي اتفاق يعنونه؟! فقد اعلنت اول امس دول؛ المانيا وفرنسا وبريطانيا في بيان مشترك لمناسبة خطة العمل الجديدة "اينستكس" اذ قالوا؛ "ان فرنسا والمانيا وبريطانيا تعلن حسب التزامها القاطع ومساعيها لحفظ خطة العمل المشترك والذي اقرته مجلس الامن الدولي في المعاهدة المرقمة 2231، عن تشكيل آلية مالية للتعاملات التجارية او (INSTEX SAS) كوسيلة انتقالية خاصة تهدف لتسهيل التجارة بين الاطراف الاقتصادية الاوروبية وايران".
وتمت الاشارة في البيان الى "سعي اوروبا الحثيث لحفظ خطة العمل المشترك"، ولكنهم تركوا الاسئلة دون الاجابة بان اذا كان الغاء العقوبات جزءا من نص خطة العمل المشترك،وقد الزمتم على انفسكم تنفيذ خطة العمل المشترك فلماذا لا تفون بتعهداتكم بالغاء العقوبات، واضفتم عشرات الشروط الفرعية الجديدة؟ وان كنتم كما سجلتم في معاهدة 2231 لمجلس الامن الدولي بضمان تطبيق خطة العمل المشترك، فلماذا لم تحركوا ساكنا حين انسحبت اميركا من الاتفاق النووي وقد نقضت خطة العمل المشترك؟! وبالاساس عن اي اتفاق نووي تتحدثون؟! فحول SPV تناولنا الموضوع بشكل موثق وبينا ان SPV هو نفس المشروع المهين "النفط قبال الغذاء والدواء" وهو امر اكثر اهانة من نفس الاتفاق النووي، ونلفتكم لهذا الامر؛
ان SPV قناة اوروبية مالية خاصة لتسهيل التجارة مع ايران!
وقد تراجعت بعدة رتب للتحول الى (INSTEX SAS).
وعلى ذلك فان ابقاء اوروبا لقضية شراء النفط الايراني ضمن العقوبات (نقض بين لخطة العمل المشترك)، كما ولا يحق لايران الحصول على العملة الصعبة من بيع النفط لدول مثل؛ الهند واليابان وكوريا الجنوبية! وانما ان تنقل العملة الصعبة المستحصلة من بيع النفط الايراني للدول المشترية الى المصارف الاوروبية! حسنا الى هنا سجل لاوروبا مكسبا كبيرا حين يجيروا اموال النفط لصالحهم ليستفيدوا من ارباحه! ثم ماذا؟ يمكن لايران ان تشتري السلع من الدول الاوروبية. وهي خطوة كبيرة اخرى لصالح اوروبا، اذ ستسيطر على سوق السلع المصدرة لايران! ولكن هل بامكان ايران ان تشتري اي سلعة تحتاجها؟ فقانون SPV ومشروع القرار الاخير (INSTEX SAS) لا يسمح بذلك! وانما لا تحصل ايران من العملة الصعبة في بيع النفط الا على السلع والادوية من الدول الاوروبية. وبذلك ستضطر ايران لتعطيل جميع المصانع ومراكز انتاج المواد الغذائية والعقاقير والتي تلعب دورا بارزا في اقتصاد البلاد وتوفير فرص العمل وهذا مكسب آخر يصب لصالح اوروبا. وفي هذا المشروع ستقطع علاقات ايران الاقتصادية مع سائر الدول لتقصير على اوروبا، وهو بحد ذاته مكسب آخر لاوربا!
وبذلك تكون ايران بقبولها لقانون SPV والمرحلة الادنى منها اي (INSTEX SAS) قد قدمت خمسة مكاسب لاوروبا، وفي المقابل ستسجل لنفسها المهانة والصغار وتدمير الاقتصاد! ولم تنته عند هذا الحد! فتطبيق INSTEX SAS, SPV، اضافة للنتائج الكارثية والتي تمت الاشارة اليها، لها شروط اخرى.
ان نقبل مباشرة بـ FATF و CFT، وبالرمو و ماذا يعني ذلك؟! على سبيل المثال ينبغي حسب CFT والتي تعني مواجهة الدعم المالي للارهاب، ان نقطع ميزانية فيلق قدس، والحرس الثوري الاسلامي، ووزارة الامن، ووزارة الدفاع و...!
اذ ان هذه المراكز حسب رأي اميركا وحلفائها "ارهابيون"! اي ان نقدم ايران الاسلامية والشعب للاعداء والارهابيين العاملين لديهم! تذكرون تنظيم داعش جيداً؟!
ونخلص بالتالي الى طرح تساؤل على الحكومة وداعمي المعاهدات المذكورة، بان ما هو غير الواقعي في هذا العمود؟! وان كان لهم هكذا رأي فلماذا بدل الحضور المباشر في الاذاعة والتلفزيون او المحافل الاخرى نجدهم غير مستعدين لحوار ندي بمشاركة خبراء ليعلموا الرأي العام بحقائق الامور؟!
واذا شخصوا احقية ما ذكرناه فلماذا لا يدفنوا الجسد العفن لخطة العمل المشترك، كي نحمي الشعب من خطر فايروسات مثل مثل؛ FATF, و CFT و SPV وبالرمو، واخيرا INSTEX، ولكي يتعافى الشعب من النتائج الكارثية لخطة العمل المشترك والمعاهدات الملحقة بها لسنوات خمس مضت!