kayhan.ir

رمز الخبر: 89378
تأريخ النشر : 2019January25 - 21:20

فنزويلا تفشل الانقلاب الاميركي


ما حدث في كراكاس خلال اليومين الماضيين كان انقلاب بكل ما للكلمة من معنى حيث قام المعسكر المعارض المرتمي في الحضن الاميركي وبتوجيه مباشر من واشنطن بتدبير الانقلاب على الرئيس الشرعي مادورو حيث يقيم حاليا رئيس المعارضة الفنزويلية في اميركا، لكن ما افشل الانقلاب في ساعاته الاولى هو اعلان الجيش موقفه الحاسم في دعم الشرعية المتمثلة بالرئيس مادورو وهكذا المحكمة العليا في البلاد والاهم من كل ذلك نزول الشعب الفنزويلي الى الشارع معلنا دعمه المطلق للرئيس مادورو كرئيس شرعي للبلاد.

وما حدث في كراكاس ليس امرا جديدا او مفاجئا فالولايات المتحدة الاميركية ديدنها هو حياكة المؤامرات والانقلابات في اميركا اللاتينية في اطار مشروعها لاركاع هذه الدول لتكون تبعا لها وليسهل عليها بالتالي نهب ثرواتها خاصة وان فنزويلا تملك احتياطين كبيرين للنفط والذهب. ومنذ العام 2000 عندما وصل تشافيز للحكم وتبنى مشروعا تحرريا لاقامة وحدة اقتصادية وعدالة اجتماعية في دول اميركا اللاتينية زادت اميركا من عدائها وتآمرها على هذا البلد لاسقاط نظامه لكنها لم تفلح حتى رحل شافيز، الا انها استمرت في نهجها التآمري ضد الرئيس مادورو لدرجة انها دبرت قبل اشهر عملية لاغتياله لكنها لم تنجح في ذلك الى ان اقدمت قبل يومين بتحريك رئيس البرلمان للقيام بعملية انقلاب هزيلة حيث اعلن ودون اي مبرر على انه رئيس البلاد بالوكالة وسرعان ما اعلن ترامب والدول السائرة في ركابه كالبرازيل والارجنتين وكولومبيا الذي يسيطر عليها اليمين المتطرف اعترافه بالرئيس الجديد في خطوة متسرعة وغير مدروسة لكن اعلان موسكو وبكين وطهران والمكسيك وتركيا وغيرهم من الدول المستقلة ومنظمات كمجلس السلم العالمي ادانتها لهذه المحاولة ودعمها للرئيس مادورو لكن ما شكل صدمة لاميركا هو الموقف الاوروبي المتردد مما جرى في كراكاس لانها محاولة غير دستورية ومرفوضة في النظام الديمقراطية وهذا ما قطع الطريق على واشنطن التي تحاول فرض وصايتها على دول العالم من خلال زرع انظمة تسير في ركبها وتوافقها الرأي ومن دون ذلك لم يكن الرئيس المنتخب لا رئيسا ديمقراطيا ولا شرعيا.

واثر هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة سارع الرئيس مادورو وردا على التدخل الاميركي السافر والصارخ الذي يعارض المنطق الدستوري والميثاق والقانون الدولي قطع علاقاته الدبلوماسية مع واشنطن وقطع الطريق على تحركاتها المشبوهة واللاحقة في هذا البلد وحتى يكشف للعالم ازدواجية المعايير الاميركية في تفسيرها للديمقراطية ودعمها المخزي للانظمة الاستبدادية سواء في اميركا اللاتينية او منطقتنا.

وبالطبع فان فنزويلا لم تترك وحدها امام التآمر والتدخل الاميركي فسرعان ما اعلنت موسكو تحذيرها الشديد لاي تدخل عسكري اميركي في فنزويلا من خلال احتمال تحريك بعض خلاياها او العسكريين المرتبطين بها خاصة في المناطق القريبة من دول الجوار ككولومبيا، لانه السبيل الوحيد الباقي امامها لاسقاط الرئيس مادورو لكنها تبقى مجازفة كارثية قد تشعل حربا اهلية في هذا البلد لا يعلم مداها الا الله وبالطبع لن تتوقف داخل حدودها لان الانقسام في هذه المنطقةعمودي، ففريق من دول اميركا اللاتينية مرتهن بالقرار الاميركي ويخضع له وفريق آخر تقوده كوبا وفنزويلا وبوليفيا دول تحررية تدعو الى اقامة وحدة سياسية واقتصادية وهذا ما يتعارض مع السياسة الاميركية ومصالحها التي تعتمد على الهيمنة ونهب ثروت الشعوب.

وحتى الساعة يبدو ان الرئيس مادورو وبدعم من الجيش وغالبية الشعب يمسك بزمام الامور بصفته الرئيس الشرعي للبلاد، لكن لابد من مراقبة الوضع بدقة بسبب خطورة الموقف نتيجة للتدخلات الاميركية السافرة ومواصلة حصارها وضغوطها على هذا البلد التحرري الذي اصبح شوكة بعيون اميركا التي لا تطيق بقاء انظمة ديمقراطية كفنزويلا.