kayhan.ir

رمز الخبر: 89355
تأريخ النشر : 2019January25 - 19:33

آذار شهر ساخن إقليمياً... فيه تتجمّع الاستحقاقات


ناصر قنديل

– تبلّغ المعنيون في لبنان والعراق أن عليهم ملاقاة شهر آذار بحكومات مكتملة، لأن الآتي صعب وخطير والتطوّرات الإقليمية ستكون شديدة السخونة، حيث التسويات صعبة ومعقدة، والحرب المفتوحة غير واردة، والمعادلة الأميركية الإسرائيلية تنطلق من استحالتين. الاستحالة الأولى هي التعايش مع تنامي محور المقاومة وتماسكه وامتلاكه المزيد من أسباب القوة الجغرافية والعسكرية والتسليحية، بصورة تجعل أي تسوية ترسخ الانتصار السوري بصيغة توازناته الراهنة خطراً مباشراً لا تستطيع «إسرائيل» تحمّل تبعاته، أما الاستحالة الثانية فهي العجز عن منع هذا المشهد الدراماتيكي بمواجهة جذرية مباشرة تستند إلى استخدام القوة العسكرية، وهو ما كان متاحاً في ظروف أفضل قبل معركة حلب أو قبل معركة الغوطة أو قبل معركة جنوب سورية. وبين هاتين الاستحالتين يجري ما يُسمّى عسكرياً التقرّب المتبادل إلى خط الاشتباك في «المناطق الحرام»، أملاً بأن يلعب التقرّب دور الردع عن تقرّب مقابل. وهذا يعني الرهان أن يكون آخر خطوة تقرب للجانب الأميركي الإسرائيلي من دون أن تقابلها خطوة موازية من محور المقاومة، فترتسم قواعد الاشتباك الجديدة عند هذا الحد من التقابل وجهاً لوجه من دون الدخول في المواجهة.

– اللحظة التي ستصل فيها الخطوات المتقابلة تبدو مقبلة في آذار، وموعد النقلة الأخيرة التي سيبنى عليها التوازن شبه النهائي هي تلك التي سيفرضها تبادل الخطوات بعد أقلّ من شهرين. ففي آذار ستكون المهلة الأخيرة لتبلور البدائل العسكرية التي ستخلف الانسحاب الأميركي من الحدود السورية التركية، لأن الأكيد أن نيسان هو شهر الانسحاب، فهل ستذهب تركيا للمخاطرة باللعب بالنار وتقع في الفخ الأميركي وتتسلّم من واشنطن مواقع حدودية تضعها خارج مسار أستانة مع روسيا وإيران وتعيدها إلى ما قبل معركة حلب، وتواجه خطر الوقوع في مواجهة كبرى عملت المستحيل لتفاديها، أم تلتزم نصائح الرئيس الروسي بالعودة إلى اتفاق أضنة الذي كان ينظم الوضع الحدودي بين الدولتين السورية والتركية، مع عرض الرعاية الروسية هذه المرّة، وفي آذار موعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة التي فرض موعدها الفشل في حرب غزة الأخيرة، ويريدها نتنياهو تجديداً لزعامته ويضع العمليات داخل الأراضي السورية عنواناً لتحقيق هذا الهدف، ويجعل إيران ومواجهتها عنوان حملته الانتخابية. وقد جاءه رد الجنرال قاسم سليماني، الذي وعد نتنياهو بردّ مقبل يقطع عليه حلم العودة إلى رئاسة الحكومة. وفي آذار كما قالت صحيفة كومرسانت الروسية نقلاً عن مصادر عسكرية ستكون شبكة صواريخ الـ«أس 300» التي سلّمت لسورية قد وضعت قيد التشغيل. وقد سمعت «إسرائيل» كلام الدبلوماسي السوري الدكتور بشار الجعفري من منبر الأمم يطرح معادلة مطار تل أبيب مقابل مطار دمشق، ومعلوم أن كلام الجعفري تمهيد جدّي للمعادلة التي قال رئيس أركان جيش الاحتلال إنها فرضية لا يمكن تجاهلها. فلدى سورية ما يسمح لها بترجمتها، والجعفري لا يلقي الكلام على عواهنه.

– معادلات الردع تتحضر لاختبار ساخن لترسم قواعد الاشتباك الجديدة، وآذار موعد غير بعيد، والرهان الأميركي على مواجهة من طرف عنوانها الحرب المالية مع تبريد الجبهات العسكرية التي ثبت أن اليد العليا فيها لخصومها، سيبقى حلماً غير قابل للتحقق. فمحور المقاومة وقادته يعرفون نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم، كما نقاط قوة وضعف معسكر أعدائهم، وما قد يفاجئ الإسرائيليين أن المواجهات المقبلة قد يحين أوانها بينما تكون أميركا منشغلة بالحريق الذي أشعلته في فنزويلا والذي قد يمتدّ إلى كل أميركا الجنوبية.