kayhan.ir

رمز الخبر: 89233
تأريخ النشر : 2019January22 - 19:58

قاسم سليماني.. تحدّي البارود من أجل العقيدة


عشر سنوات، تشكّل تحديا مختلفا لهذا الرجل الجهادي الملامح، ذي الشعر الأبيض المخضب برماد المعارك التي اكسبته بريقا فضيا ينعكس بين ثنايا شعره.

انه قاسم سليماني، الرجل الحاضر في اغلب المعارك ضد الإرهاب، انْ لم يكن كلها، سواء في بلاده، أو حيثما تطلب ذلك في العراق وسورية ولبنان واليمن، حتى بات يُعرف بانه الرجل الأقوى، وفي ذات الوقت الأكثر وضوحا للأصدقاء والحلفاء، والأكثر إبهاما للأعداء.

تحدي العشر سنوات، بالنسبة له، لا يتعلق بالشكل، ولا تغيّر الملامح، كما يفعل كثيرون، بل في الإنجازات المفصلية التي غيّرت وجه الشرق الأوسط، لاسيما حرب الإرهاب في العراق وسوريا، ظهر فيها سليماني، القائد الأكثر شكيمة في الدفاع عن ابسط حقوق الناس في هذه المناطق، وهي حماية مراقدهم الدينية، في العراق وسوريا.

لم يدخل سليماني الى هذه البلاد عنوة، كما يصوّر ذلك الاعلام التكفيري والداعم لخراب البلدان، بل مع قوات من بلاده بطلب من حكومات دول طلبت الدعم والمساندة بوجه أعتى هجمة إرهابية في العصر الحديث، اوجدتها ماكنة الحرب الطائفية والتكفيرية لإسقاط الأنظمة في ايران والعراق وسوريا، ولأسباب طائفية بحتة، الامر الذي يفسّر وحدة المصير، لهذه الشعوب التي وجدت في سليماني وبلاده، خير داعم لها.

عشر سنوات، هي سنوات التحدي، وقبلها بخمس سنوات، ترأس سليماني "فيلق القدس"، وكان شعاره "تحرير القدس"، ما يفسر الاستهداف المستمر لهذا القائد، الذي لم يظهر يوما الا ودخان المعارك خلفه، وغبار الجبهات يلوّن حاجبيه وشعره.

أعداؤه، أدركوا سر قوته وهو الايمان، الذي يملأ قلب هذا الرجل الذي يقاتل من دون نياشين واوسمة، وعناوين، ليصفه مسؤول سابق في وكالة المخابرات الأميركية، هو جون ماكواير، بأنه "الرجل الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط، الذي نادرا ما يظهر للعلن".

ورغم الغياب الإعلامي، الا ان سليماني يملأ المكان بوجوده ويُشعر الجميع بخطواته.

وبالنسبة للعراقيين، فانه الصديق والحليف الذي قاتل التكفيريين وجها لوجه، والتقطت له صورة تدل على التواضع والبساطة والتلقائية مع مقاتلين عراقيين.

لم يظهر سليماني في قصور الساسة ورؤساء الكتل، وكان يمكن له ذلك، لكن وبطريقة تلقائية جدا، كان تموضعه في الخنادق والمغارات والسواتر.

الذين يعرفون سليماني وتاريخه الجهادي، لا يندهشون، لأنه من صناعة الإمام الثوري العظيم، السيد الراحل، اية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في ايران، اذ نهل سليماني من الثورة العظيمة التي اسقطت الشاه العام 1979.

ومنذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية، كان سليماني مخلصا في الدفاع عنها، وحمايتها، حيث العقل الاستراتيجي، والصبر والشكيمة، وقبل كل ذلك الايمان، قادته الى صعود سلّم المسؤوليات ليترقى في خلال بضع سنوات، الى قائد فرقة.

تقلّد سليماني منصب قائد فيلق القدس في العام 1998. ويرجع له الفضل في تنظيم عمل هذا الجهاز الذي نجح في دحر المؤامرات ضد الثورة الإيرانية وكان صاحب الدور العظيم في انقاذ العراق وسوريا من سيطرة الجماعات الإرهابية التي ضمت مئات الآلاف من التكفيريين، وبدعم مالي سخي من الخليج وتسليح عظيم من الغرب.

هذا الرجل الذي يعترف العراقيون بانه شريكهم في الحرب على الإرهاب، لم يتدخل في شأنهم الداخلي كما يصور ذلك الغرب.

وعلى رغم علاقات الجهاد والصداقة مع زعماء العراق، لكنه يبدي احتراما فائقا لخياراتهم، على عكس ما تطبل له وسائل الاعلام الخليجية.

وفي الوقت الذي كان ينظر فيه سليماني الى اخوة الجهاد في العراق وسوريا بانهم اخوة في السلاح والعقيدة، لم يجامل القوات الامريكية في عز قوتها في العراق، لانه الامر بالنسبة له قضية مبدأ، لا مساومة، وهو ما كشفه القائد الاميركي السابق، الجنرال ديفيد بترايوس، بأنه استلم رسالة نصية أرسلها له، يؤكد له فيها انه في العراق لمساعدة العراقيين.

وخاطب سليماني الأمريكيين أيضا:"نحن لا نشبه الأميركيين، نحن لا نتخلى عن أصدقائنا".

لقد وحّدت الحرب الطاحنة والشرسة على الإرهاب، مصير ايران بالعراق، وكان لسليماني الدور الأبرز في انقاذ المنطقة الممتدة من إيران الى العراق وصولا الى ضفاف المتوسط في سوريا، من قطعان التكفير.

المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية إيران، السيد علي خامنئي، اذ يصف سليماني بـ"الشهيد الحي للثورة الإيرانية" ، هو تعبير عن رأي الشعب الإيراني الذي يعتبر سليمان بطلا وطنيا، دافع عن ايران والمعتقد ورموزه في العراق وسوريا ولبنان، في وقت اريد لهذه الحرب ان تكون منعزلة عن بعضها، لكي يسهل نحر الشيعة.

انه البطل العقائدي، الثوري، التي تصفه انشودة إيرانية بهذه الكلمات: "أمانة المذهب بإيده.. لأنَّ من الله تسديده.. سليماني.. رجل مشهود.. عزم بارود.. قال النصر للشيعة.. سليماني".

المسلة