kayhan.ir

رمز الخبر: 8906
تأريخ النشر : 2014October22 - 20:18

الكاوبوي الأمريكي الذي يتصرف بعقلية المستعمر

عباس الجمعة

امام حجم الإجرام الذي ترتكبه القوى الارهابية التكفيرية المدعومة من حلف امبريالي صهيوني رجعي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية بحق شعوب العالم ودولها، وخاصة الشعوب والدول التي حافظت على وطنيتها وكرامتها، ورفضت أن تكون دمية بيد الكاوبوي الأمريكي الذي يتصرف بعقلية المستعمر حيث يريد فرض نفوذه بالقوة العسكرية وسطوة رأس المال.

صفحات مليئة بالصور البشعة التي ترتكبها عصابات الارهاب والاجرام التكفيري في سوريا وليبيا والعراق واليمن ولبنان، وترتبط معها بشكل عضوي صور الإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني والأمة العربية، ومشاهد القتل والتدمير والتنكيل ماثلة للعيان في فلسطين بغزة والضفة والقدس وكل المدن الفلسطينية.

كل هذا جرى ويجري بعيداً عن القانون الدولي، وغياب كامل لدور فاعل للأمم المتحدة يحمي الشعوب والدول التي تناهض السياسة العدوانية الأمريكية والصهيونية وتناهض العصابات التكفيرية الارهابية ، بل تشكل الأمم المتحدة غطاءً في أحيان كثيرة لهذه السياسة التي تعتمد منطق القوة والتفرد تحت شعارات التغيير والديمقراطية.

قد حاولت تركيا أن تفرض لنفسها حيزاً مختلفاً بعض الشيء عن أدوار الدول المنضوية تحت لواء ما يسمى (التحالف الدولي)، كما حاولت إخفاء طبيعة علاقتها مع داعش.

لم يشكّ أحد للحظة واحدة في مدى حماسة تركيا للمساهمة في العدوان القائم على سوريا، وحتى لو اختبأ خلف اعتبارات إنسانية، فالمنطقة الآمنة، كما تريدها تركيا ومعها أمريكا، تهدف أولاً وأخيراً إلى إقامة منطقة عازلة، ومنطقة حظر جوي لمنع الطيران السوري من التحليق فوقها، وبمعنى آخر إخراج هذه المنطقة من الجغرافيا السورية، وهذا في حدّ ذاته شكلٌ من أشكال الحصار والتقسيم والتجزئة للأرض السورية.

أما الدور الإسرائيلي، فقد كان ومايزال حاضراً في المعركة منذ بدايتها، وقد أخْفَتهُ إسرائيل لبعض الوقت، تجنباً لإحراج المعارضة السورية المسلحة المسمى بجبهة النصرة واعوانها التي تخوض المعركة لتنال موطئ قدم في الجولان، إلا أن هذه المعارضة لم تعد تخجل ولم تتردد في إشهار عمالتها وتعاونها مع إسرائيل، فوجدت أن الفرصة قد أصبحت سانحة للسير في مشروع إقامة منطقة عازلة أخرى في الجولان، يُمنع على الجيش العربي السوري تحليق طائراته فوقها، وتكون مساحة إضافية لحماية أمن إسرائيل، ومرتكزاً للفصائل العميلة المسلحة.

وهكذا، فإن محاولة إحكام الحصار على سوريا من كل الجهات جارية على قدم وساق، في الوقت نفسه الذي تواصل فيه قوات (التحالف الدولي) غاراتها الجوية فوق الأراضي السورية خارج إطار مضمون القرار الدولي رقم ،2170 وقد يتطور الوضع إلى ما هو أخطر من ذلك، الأمر الذي يتطلب استنفار كل القوى للدفاع عن أرض الوطن، وإفشال المخططات التآمرية ، بالتعاون مع القوى الصديقة المخلصة في العالم.

لقد أشعلت الولايات المتحدة وحلفائها، بؤر التوتر في أوكرانيا لإضعاف روسيا ومحاولة شلّها وتراجعها عن موقفها الداعم لسورية والعراق. وأرسلت مؤخراً سلّة غذائية مغرية إلى هونغ كونغ لإضعاف الصين، لكنها كما يبدو كمن يصطاد في المياه العكرة.

هناك تحالف إرهابي ثلاثي، له ثلاث ركائز إقليمية ودولية يضمّ (الولايات المتحدة وتركيا والمسلحين الإرهابيين وعلى رأسهم داعش) يعلنون أن بينهم خلافاً جوهرياً، لكنَّ الحقائق على الأرض غير ذلك، فالولايات المتحدة هي التي أسست (داعش) واحتضنته ورعته حتى أصبح شاباً وقادراً على إعالة نفسه ويمارس الدور الإرهابي المنوط به والمكلَّف بتنفيذه.

ومن يصدّق أن أردوغان يتسلَّح بالشجاعة ويضع شروطاً على الولايات المتحدة، وهما الحليفان الإرهابيان في حلف شمال الأطلسي. وأنه لن يدخل التحالف الدولي إلاَّ بعد (إقامة منطقة عازلة، وعدم إشراك حزب العمال الكردستاني وحليفه الحزب الديمقراطي في سورية والعراق، وربط الحرب ضد داعش بخطة للتخلص من النظام السوري اولا.

وكشفت المعارك الدائرة منذ أسابيع بين تنظيم داعش والأكراد في منطقة (عين العرب)، الكلام المعسول الذي يتبجّح به التحالف الدولي وتركيا، وبيّن أن هناك تشاركية بين الأطراف الثلاثة.

إن العمليات الإرهابية لم تقتصر على سوريا والعراق ولبنان، فقد حاول الإرهابيون السيطرة على مدينة عين العرب السورية ولكن كان التصدي لها بمقاومة شديدة من سكان المدينة، حالت حتى الآن دون السيطرة عليها، ويسود الاعتقاد أن مصير عين العرب سيؤثر على المناطق الشمالية الشرقية من حلب إلى محافظة الحسكة.

كما يسعون الان للسيطرة على منطقة عرسال (اللبنانية) وجرود بريتال ومحاولات للسيطرة على منطقة الشمال اللبناني ، ولكن صمود الجيش اللبناني والقوى الامنية يحول دون ذلك ، وكذلك محاولة إنشاء (منطقة عازلة) تشمل أجزاء من محافظة القنيطرة السورية وقرى من حوران.

إنَّ التحالف الدولي الممثل بدول حلف الناتو المدعوم من بعض دول الخليج الفارسي، مضافاً إليه مرتزقة الدول العربية، باعتبارها تشكل رقماً زائداً مخصصاً للدفع (كاش)، قد شهدت السنوات الماضية العدوان والتدخل في الشؤون الداخلية، كما في يوغسلافيا عام 1999 خلال حرب كوسوفو، وغزو العراق عام 2003 ، والحرب الشرسة على ليبيا عام 2011، وما يزال (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة وجنرالات الدول الصناعية الكبرى، يسعى بكل ما يملك من أساليب ودسائس وتخطيط لـ(تصنيع) المعارضات ضد الأنظمة والدول، كما في أوكرانيا وهونغ كونغ والدول العربية وغيرها.

بالعودة الى الاستراتيجية الامريكية فانها تهدف ايضا الى ازالة القضية الفلسطينية عن صدارة الاجندة في المنطقة بحجة حماية الاستقرار وحقوق الاقليات واولوية محاربة الارهاب مما يساهم بعزل محور المقاومة وبما يعزز البعد الطائفي للمنطقة خاصة بعد ان اعاد صمود الشعب والمقاومة في فلسطين للقضية الفلسطينية بعضا من وهجها وذكر العالم بهمجية وعدوانية وعنصرية الاحتلال ، ان هذه الهجمة وهي في حقيقتها عدوان جديد على المنطقة وعلى القضية والحقوق الفلسطينية وان الطريق الامثل لمواجهته تتطلب تعزيز منظومة المقاومة وثقافتها وبناء تحالفها على اساس واضح وثابت بان المعركة يوما بعد يوم تفرض على هذا المعسكر المزيد من التلاحم والاندماج والانخراط في المواجهة المفتوحة على مصراعيها مع الاحتلال الصهيوني وقوى الارهاب ومسلسل التآمر على وحدة ومقدرات الشعوب حيث فضحت مخططات المؤامرة التي تهدف الى إنتاج سايكس بيكو ثانية وتقسيم بلادنا مرة أخرى وقيام دويلات.

السؤال: إلى متى تظل سياسة الولايات المتحدة القائمة على الشحن والتفريغ سائدة في المنطقة والعالم؟ ألا يحتاج العالم النامي بشعوبه وقواه السياسية الوطنية والديمقراطية والتقدمية والاسمية التنويرية اليوم أكثر من السابق إلى تشكيل الجبهات الفعَّالة لصدّ العدوان الإمبريالي الصهيوني الارهابي والحد من سياسة الرأسمالية المتوحشة.

ان المشاريع الإستعمارية التي يجري التخطيط لها من قبل الادراة الامريكية وحلفائها لفرضها على المنطقة، متعددة ، وهدفها اصبح واضح للعيان ضرب ركائز المشروع القومي العربي،ومنع إنبعاثه من جديد،لصالح اجندات واهداف معروفة، بهدف ضمان أمن "إسرائيل” والاستيلاء على مقدرات وثروات المنطقة.

وفي ظل هذه الظروف الدقيقة نؤكد على اهمية دور الاعلام الذي يجب ان يلعب دورا رئيسا في تحليل الاحداث التي تمر بها المنطقة ، وفي المعركة ضد الارهاب ونقل وكتابة الحقائق ازاء مختلف القضايا والأحداث الجارية ، وفي التصدي للأفكار الارهابية وبأسلوب مدروس ومخطط له وبعيد كل البعد عن الأهواء ، والدعوة إلى تكريس الفكر التنويري وبث روح المقاومة وإعطاء الصورة الصحيحة ، لأن المعركة هي معركة الإعلام والكتّاب والمثقفين.

ختاما: لا بد من القول ان استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان، وحماية أمنها وأمن لبنان، يتطلب تعزيز العلاقة الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني والتضامن والوقوف الى جانب الجيش اللبناني والقوى الامنية، والمحافظة على أمن لبنان والمخيمات الفلسطينية، والتعاون لمواجهة مشاريع الفتن المتنقلة التي لا تخدم إلا العدو الصهيوني، باعتبار ذلك هو الاساس، في ظل التطورات التي تعيشها المنطقة، انطلاقا من المخطط الأميركي الاستعماري الرجعي للشرق الأوسط الجديد، الذي يستهدف تفتيت وتقسيم المنطقة وتحويل الصراع الوطني والقومي الى صراعات إثنية وطائفية ومذهبية وخلق ادوات إرهابية ظلامية متخلفة لتأبيد سيطرته على المنطقة ونهب ثرواتها، وهذا الامر يستدعي من كافة الدول والاحزاب العربية مقاومته بكل أشكال المقاومة والصمود في لبنان والعراق وفلسطين وسورية ومصر .