أبرز عقبات تشكيل تحالف عسكري لمواجهة إيران
ترجمة منال حميد
الخليج أونلاين
قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه مع انتهاء جولة وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في الشرق الأوسط والتي كانت مخصصة لمواجهة النفوذ الإيراني بالمنطقة، لا يبدو أنه حقق أي تقدُّم ملحوظ؛ فالعقبات التي برزت أمامه تعيق عملية بناء تحالف مناهض لإيران.
وتضيف الصحيفة الأمريكية، أنه من الناحية العملية، سيكون من الصعب على الدول العربية العمل بشكل وثيق معاً لمواجهة السياسات الإيرانية، بسبب تعقُّد العلاقات في المنطقة، كما يرى كثير من المحللين والمسؤولين.
لقد واجه المسؤولون الأمريكيون صعوبة في تنسيق سياستهم المناهضة لإيران أبعد من العقوبات الاقتصادية، التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، في نوفمبر الماضي، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقَّعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وحكومات غربية أخرى مع إيران.
وخلافاً لرغبات جميع المسؤولين الكبار بمجلس الأمن القومي، قرر ترامب الشهر الماضي، سحب 2000 جندي أمريكي من شرقي سوريا؛ ومن ثم التخلي عن أي نفوذ أمريكي يمكن أن يحد من وجود القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها هناك، وهو الهدف الذي سعى بومبيو لإقناع حلفائه العرب بأن يقوموا به، ولم يقدّم أي تفسير لكيفية توقُّع قيام دول أخرى بهذه المهمة.
وعندما سئل بومبيو عما تريده الولايات المتحدة من الدول العربية للتخلص من المليشيات المدعومة من إيران، لم يقدم أي إجابة محددة، واكتفى بالقول إن إيران تسعى للسيطرة على عواصم عربية، في إشارة إلى العراق ولبنان وسوريا واليمن.
لم يقترح بومبيو بعدُ أن ترسل الدول العربية قوات لمحاربة المليشيات المدعومة من إيران، رغم أنه ترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية مساعدة الولايات المتحدة في تشكيل تحالف عسكري عربي، للانتقال إلى شمال شرقي سوريا بعد انسحاب القوات الأمريكية.
حرب اليمن.. النموذج الفاشل
ولكن، يبدو أنَّ نشر مثل هذه القوات لن يكون فعالاً، كما هو الحال في اليمن، بحسب الصحيفة، مؤكدة أنه منذ عام 2015، تحاول السعودية الإطاحة بمليشيات الحوثيين المدعومين من إيران دون جدوى، لتخلّف الحرب هناك أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ويقول مروان المعشر، نائب الرئيس لشؤون الدراسات في جامعة كارنيغي: إنه "إذا كنا نتحدث عن تنسيق في مناطق معينة، فإن هذا الأمر حاصل بالفعل، ولكن إذا كنت ترغب في إنشاء تحالف عسكري، مثل حلف الأطلسي، فأعتقد أنه أمر غير مألوف، ومقومات إنشاء مثل هذا التحالف غير متوافرة".
ويتابع المعشر: "هناك عدة عوامل تمنع قيام مثل هذا التحالف، منها النزاع بين السعودية وقطر، وعدم القدرة على دمج الجيوش العربية، وعدم وجود أي نوع من هيكل القيادة الموحد، كما أنه ليس جميع حلفاء الولايات المتحدة ينظرون إلى إيران بالنظرة نفسها وبمثل مستوى التهديد".
ويضيف: "أنا لا أرى أن بلداً صغيراً مثل الأردن، بموارده المحدودة، يمكن أن يشارك في تحالف عسكري ضد إيران. قد نتفق على أن طهران تتوسع في المنطقة وأنها تشكل خطراً، لكن ذلك يختلف عندما نتحدث عن تحالف عسكري ضدها، لا أعتقد أن هذه الفكرة ستكون جذابة للكثير من الدول ما عدا السعودية".
ويرى كثير من دول المنطقة أن إيران عدو، لكن البعض، مثل الأردن ومصر، لا يشعرون بتهديد مباشر منها؛ ومن ثم فإنهما ستترددان في الدخول بمواجهة مباشرة معها، كما أن دولاً خليجية أخرى، مثل الكويت وسلطنة عمان وقطر، تتمتع بعلاقات دبلوماسية وتجارية مع طهران؛ ومن ثم فإنه من غير المرجح أن تنضم إلى مثل هذا التحالف.
العراق.. حليف أمريكا وإيران أولاً
أما العراق، الذي يمتلك أكبر حدود برية مع إيران، فإن الشيعة يهيمنون على الحكم فيه، ولديهم علاقات ثقافية ودينية وسياسية عميقة مع إيران، حيث أصر مسؤولون في إدارة ترامب على حث القادة العراقيين على البدء بقطع العلاقات الاقتصادية مع طهران، كما حثوا السعودية والدول العربية الأخرى على المساعدة في تحسين الاقتصاد العراقي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، يوم الاثنين، إن هناك الكثير من الأمور الاقتصادية التي يجب أن نقوم بها، لمساعدة العراق في الوقوف على قدميه، وبما يسمح له بأن يكون أكثر استقلالية وأكثر سيادة.
ولكن، تقول "نيويورك تايمز"، فإنه على الرغم من الخطوات التي اتخذتها بغداد من أجل تقليل الاعتماد على إيران اقتصادياً، فإنها لم تُبدِ حتى الآن أي رغبة في معارضتها، فلقد أعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، في نوفمبر الماضي، أن العراق ليس جزءاً من نظام العقوبات الأمريكية على إيران، وأنه لن يكون جزءاً من الاعتداء على أي دولة.
وتنقل الصحيفة عن موفق الربيعي، مستشار الأمن القومي العراقي السابق، قوله: إن بومبيو "لديه رؤية نفقية فيما يتعلق بالشرق الأوسط"، هناك الكثير من المشاكل مع إيران، لكنهم مهووسون بطهران.
وتابع: "إذا تقاتلت سمكتان في نهر دجلة فسيقولون إن سبب ذلك إيران! لقد شن العراق حرباً طويلة على طهران في الثمانينيات، وخاض عدة حروب منذ ذلك الحين، واليوم ليس لديه رغبة في الانضمام إلى حرب أخرى. نريد أن نكون ضحية لأمريكا والسعودية في مواجهة إيران، لن نحصل على شيء من ذلك".
بينما يرى نبيل فهمي، وزير خارجية مصر الأسبق، هو وكثيرون غيره، أن "من الضروري أن تؤدي دول المنطقة دوراً أكبر في ضمان استقرارها، لكن هذا الأمر سوف يستغرق بعض الوقت حتى تقوم الدول العربية منفردة بتطوير قدراتها العسكرية، بالإضافة إلى وضع الآلية التي تسمح للدول المختلفة أن تعمل معاً".
من جهته، يعتقد مايكل نايتس، الزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه وحتى الآن، كانت الولايات المتحدة تتبع منهجاً متدرجاً في التعامل مع المليشيات المدعومة من إيران، وأعتقد أن ذلك يجب أن يستمر، "نموذج طهران في التوسع من خلال المليشيات يصعب مواجهته"، على حد قول نايتس.