اندثار الآمال التركية في سوريا
لا شك ان العام 2019 هو عام تثبيت النصر النهائي لسورية وهو في مراحله الاخيرة لامتلاكها قيادة شجاعة وحكيمة استطاعت بحنكة وحكمة ادارة الازمة السورية وايصال البلد الى بر الامان اعتمادا على شعبه وقواته المسلحة ودعم محور المقاومة الذين استطاعوا جميعا دحر الادوات والوكلاء الذين حشدوهم الاصلاء الذين خططوا لذلك بجمع الحصاد وهم ينتظرون هذا العام ليجنوا حسب تصوراتهم الواهية على بعض المكاسب. فاميركا المتخبطة والمرتبكة من الانسحاب وتداعياته تبحث اليوم على بعض الكعكة لتعوض شيئا من التريليونات التي خسرتها لكن دون جدوى لانها تقف على ارض سورية هشة، الكرد لايثقون بها كبقية شعوب المنطقة بسبب مواقفهم المتذبذبة والخيانية اضافة الى ان القوانين والاعراف الدولية لاتسمح لهم بالبقاء. والاهم من كل ذلك عودة الاكراد الى احضان الوطن السوري الذي سيوفر لهم كل الحماية ويقطع الطريق على الجانب التركي الذي فتح شهية اطماعه منذ تفجير الازمة السورية وحتى اليوم حيث لا تخفي تركيا اطماعها على الدوام وتحت اي مسوغ كان واولها ايجاد المنطقة الآمنة او العازلة وكانت في البداية من اجل ايواء النازحين واليوم قد انتهى هذا الموضوع لتتشبث به. اما اليوم فقضية ابعاد الارهابيين عن الحدود بمسافة 20 ميل او 30 كم يمكن ان تمليها سوريا بعد تسليم المسلحين اسلحتهم وتولي الجيش السوري هذه المناطق لنزع الذريعة من الجانب التركي.
لكن ما حدث في اليومين الاخيرين وبعد مشادات كلامية بين واشنطن وانقرة وتهديد فج لترامب ومن العيار الثقيل لاردوغان بانه اذا "ما ضرب الاكراد فانه سيدمر تركيا اقتصاديا." يبدو ان هذا التهديد الترامبي الوقح الذي تجاوز كل الحدود والاعراف دفع تركيا للتريث واعادة النظر في مواقفها تجاه الاكراد وتجاه التعامل مع الرئيس ترامب المتقلب الاطوار والمزاج للتوصل الى موقف يرضي الطرفين من هذا التوتر الذي بدأت وتيرته تتصاعد بين حليفين استراتيجيين كما وصفتها تركيا فما كان من الرئيس التركي اردوغان ان يتصل بالرئيس ترامب هاتفيا ويخرجا بنتيجة مرضية للطرفين يصفها الرئيس اردوغان بالاتفاق التاريخي وهو على ان لا يضرب الاكراد بشرط ان يتراجعوا الى مسافة 20 ميل او 30 كم عن الحدود التركية على ان تكون هذه المنطقة المسماة بالآمنة او المعزولة التي كانت تحلم بها تركيا منذ تفجير الازمة السورية.
فمثل هذا الاتفاق الذي توصل اليه الجانبان الاميركي والتركي المتواجدان بشكل غير شرعي وغير مرخص من جانب دمشق ليس من حقهما ان يهبا ما لا يمتلكان وما عليهم ان لا مغادرة الاراضي السورية عاجلا ام آجلا .
والامر الاخر والاهم هو موقف الجانب السوري المنتصر محوره على المحور المعادي وهو في نفس الوقت صاحب الارض والسيادة والرافض لكل هذه التجاوزات السافرة والمدعوم بديهيا من قبل كل المواثيق والقوانين الدولية لا يسمح باي شكل من الاشكال ان تمس حتى ذرة تراب واحدة من ارضه.
اما الطرفان الروسي والايراني الضامنان ومعهما مع الجانب التركي لحل الازمة السورية متفقون في آستانا وسوشي على ضمان وحدة التراب السوري وسيادته واستقلاله، الذي هو امر مصيري لايمكن المساومة او التفريطة به لذلك من غير المعقول ان تستطيع تركيا بوجود موسكو وطهران ومحور المقاومة وبالاخص سوريا قيادة وشعبا وجيشا ان يسمح لتركيا ان تتلاعب بأي شبر من الاراضي السورية المعترفة بها دوليا.